«كديما» و«العمل» يرفضان المشاركة في ائتلاف مع «الليكود»محمد بدير
واصل زعيم حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، لقاءاته ومشاوراته مع قادة الأحزاب الإسرائيلية، بهدف بلورة ائتلاف حكومي واسع؛ ولهذه الغاية، التقى صباح أمس مع رئيس حزب «العمل»، إيهود باراك، وسمع منه رفضاً للمشاركة في حكومة برئاسته، بعدما كان قد سمع رفضاً مشابهاً مساء أول من أمس من رئيسة حزب «كديما»، تسيبي ليفني.
وعلى الرغم من الرفض الواضح الذي حصل عليه نتنياهو، إلا أنّه تعهد بمواصلة الجهود وعدم التنازل في سبيل تحقيق غايته. وهو يسعى جاهداً إلى تأليف حكومة موسّعة وتفادي الخطأ الذي وقع فيه خلال ولايته السابقة في رئاسة الحكومة في عام 1996، حين استبعد حزب «العمل» عن حكومته، وشكّل ائتلافاً حكومياً يمينياً ضيّقاً، سرعان ما أنهاه تحت وطأة التحديات السياسية والأمنية.
وإدراكاً منه لحجم التحدّيات وطبيعتها والضغوط الداخلية والخارجية، التي سيواجهها في حال تأليف حكومة يمينية ضيّقة، وتأثير ذلك على استقرار حكومته، تبدو جهود نتنياهو حقيقية في اتجاه تشكيل أوسع ائتلاف حكومي ممكن، بيد أن المعضلة التي تواجهه تكمن في كيفية الجمع بين المتناقضات في حكومة واحدة، وهو ما سيدفعه مكرهاً في نهاية المطاف، بحسب ما يراه العديد من المراقبين، إلى اللجوء إلى الخيار الوحيد الباقي أمامه، والمتمثل في تشكيل ائتلاف يميني يعكس رغبة الناخبين الذين تغنّى بإرادتهم.
واجتمع نتنياهو وباراك صباح أمس لبحث سبل التعاون بين الحزبين ضمن الائتلاف الحكومي. وأعلن باراك أنه سيبقى في المعارضة ولن ينضم إلى ائتلاف نتنياهو، موضحاً أن «الناخب أصدر حكمه بإبقاء حزب العمل في معارضة مسؤولة وجدّية».
ومع ذلك، أبقى نتنياهو الباب مفتوحاً لباراك، وقال في ختام لقائه «إننا حاضرون في ساعة طوارئ. سباق إيران للتسلّح نووياً لن ينتظرنا، وتسلّح حماس لن ينتظرنا، والأزمة الاقتصادية لن تنتظرنا. يجب علينا توحيد القوى لمواجهة تلك التحديات». وأضاف «لن أتراجع وسأبذل الجهود لتأليف حكومة وحدة. سألتقي مجدداً مع رئيسة كديما ورئيس العمل».
وكان اللقاء الذي عُقد بين نتنياهو وليفني أول من أمس قد انتهى من دون نتائج، إذ لم يتوصل الاثنان إلى اتفاق في أيّ من المواضيع على جدول الأعمال، ولكنهما اتفقا على اللقاء مرة أخرى. وأشارت التقارير الإعلامية الإسرائيلية إلى أنّه ظهرت خلال اللقاء خلافات شديدة في الموضوع السياسي. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد طالبت ليفني نتنياهو بالاعتراف بحلّ الدولتين للشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي، وهو الأمر الذي رفضه زعيم «الليكود».
كذلك رفض نتنياهو مطلبين آخرين طرحتهما ليفني يتعلقان بإلغاء اتفاق بينه وبين حزب «شاس» والموافقة على تغيير طريقة الحكم، وهو ما تعارضه أحزاب اليمين أيضاً باستثناء حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان.
وقال نتنياهو لليفني، بشأن مشاركة أحزاب اليمين المتطرّف في حكومته، «إنني لا أرفض أي شريك ائتلافي، وبالإمكان الاتفاق على سياسة وصياغة خطوط عريضة للحكومة معاً».
ورفضت ليفني تشكيل طواقم مفاوضات ائتلافية بين الحزبين. وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أنه في ختام اللقاء، قالت ليفني «اسمع، لم نتفق في شيء»، فرّد نتنياهو «صحيح لم نتفق في أي شيء».
وقد ذكرت ليفني للصحيفة أنّ «طريقي ليست طريقه. ليس لدينا ما نفعله معاً». وأضافت، في حديث مع المراسلين بعد لقائها مع نتنياهو، أن «الحكومة ليست خطة بقاء. توجد خلافات عميقة في المجال السياسي، وهذه مسألة جوهرية جداً. ليس لديّ ما أبحث عنه في حكومة أساسها عدم التقدّم في مسيرة السلام. اللقاء لم يوصلني إلى شيء وأبقى الخلافات في المواضيع الجوهرية».
في المقابل، بدا نتنياهو أكثر تفاؤلاً. وقال «قررنا أن نلتقي مرة أخرى في الأيام القريبة. وجدنا في أثناء الحديث أموراً مشتركة، بالإرادة الطيبة يمكن جسر الفجوات».
وفي ضوء رفض ليفني وباراك الانضمام إلى حكومة نتنياهو، رغم تقديمه عرضاً ائتلافياً مغرياً يضمن شراكة كاملة وحقيقية، لجأ الأخير إلى التحذير من خطورة التحديات والمخاطر التي تتعرّض لها إسرائيل، فقال خلال اجتماع كتلة حزب «الليكود» في الكنيست «لم يسبق أن كانت هناك ساعة طوارئ مثل الآن، باستثناء الوضع خلال حرب الاستقلال». وأضاف «هذا الوضع يتطلب منا سلوكاً مغايراً». وأوضح «نقف أمام أزمة اقتصادية لم نعرف مثلها منذ سنين طويلة. هذه أزمة شاملة وعميقة، وسنضطر إلى القيام بخطوات لضمان المستقبل الاقتصادي لإسرائيل»؛ كذلك تحدث عن الوضع الأمني فتوقف أمام تواصل «إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الشمال والجنوب»، وحذّر من خطورة التسلح النووي الإيراني.
في هذه الأثناء، شرع حزب «إسرائيل بيتنا» بحملة إعلامية دولية بهدف تبييض صورة زعيمه أفيغدور ليبرمان، وإزالة الخشية منه في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي، ولا سيما بسبب مواقفه من فلسطينيي 48. وبحسب «هآرتس»، يقود هذه الجهود السفير السابق في الولايات المتحدة، داني أيالون، الذي انتُخب للكنيست على قائمة الحزب.

(رويترز)