Strong>قمّة سوريّة ـ قطريّة مفاجئة في دمشق تؤكّد ضرورة «تحقيق التضامن العربي»عشيّة بدء مؤتمر المصالحة الفلسطينية في القاهرة غداً، تحرّكت جميع «المحاور» العربية في زيارات خاطفة ومتبادلة. وزير الخارجية السورية وليد المعلم، زار الرياض لساعات، حط في خلالها أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، فجأة في دمشق، وسط تعتيم إعلامي عن مضامين «الرسائل» التي نُقلَت في اللقاءين

دمشق، القاهرة ـ الأخبار
في أوّل زيارة معلنة لمسؤول سوري إلى السعودية منذ نحو عام، حطّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في الرياض، أمس، حاملاً رسالة من الرئيس بشار الأسد إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز. زيارة بدا أنّ الطرفين المعنيين بها اتفقا على لفّها بالغموض التام، إذ إنّ كلاً من وكالة الأنباء السورية «سانا»، والسعودية «واس»، اكتفتا بالإعلان عنها من دون الكشف عن مضمونها.
وأضافت «واس» أنّ الملك عبد الله تسلم الرسالة من المعلم خلال استقباله في مقره الربيعي في روضة خريم، وأنّ رئيس الدبلوماسية السورية نقل خلال الاجتماع «تحيات وتقدير الرئيس الأسد إلى خادم الحرمين، الذي حمّله بدوره تحياته وتقديره للرئيس الأسد».
ولم يصدر عن دمشق أي تفصيل عن مضمون الرسالة التي نقلها المعلم في زيارته التي دامت ساعات، ولم يعلن عنها سابقاً، والتي رافقه فيها نائبه فيصل المقداد، ومدير إدارة المكاتب الخاصة بسام صباغ، وكان في استقباله نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل.
بدورها، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر دبلوماسي عربي، لم تكشف عن هويته، أن رسالة الأسد هي بمثابة ردّ على رسالة الملك السعودي التي حملها له رئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز، قبل أيام. وأشار المصدر إلى أنّ المباحثات تناولت «تسوية الخلافات في وجهات النظر بين البلدين في قضايا العمل العربي المشترك قبيل القمة العربية المقبلة في الدوحة الشهر المقبل».
وبحسب الوكالة نفسها، فإنّ أهم ما نُوقش، هو عملية السلام في الشرق الأوسط، والتهدئة بين إسرائيل والفلسطينيين، والمصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» التي تنطلق في القاهرة غداً.
في المقابل، لفت مصدر دبلوماسي في الرياض إلى أنّ الرسالة السورية تتعلق بالمصالحة العربية، التي أطلقها الملك السعودي في قمة الكويت. لكنّ مصادر مطلعة أخرى أكّدت أنّ الطرفين تشاورا بشأن أوضاع المنطقة، وخصوصاً في الأراضي الفلسطينية، والحصار الإسرائيلي على غزة، بالإضافة إلى الوضع في العراق.
كذلك تطرّق الجانبان إلى قمة الدوحة، بالإضافة إلى الوضع في دارفور وقرار المحكمة الجنائية الدولية الخاص بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير.
وخلال اللقاء، شرح المعلم للملك السعودي، المدى الذي وصلت إليه العلاقات بين دمشق وبيروت، وخصوصاً بعد تعيين ميشال خوري سفيراً لبنانيّاً لدى دمشق، بالإضافة إلى «ترسيم الحدود بين البلدين».
وفي المقلب الآخر، اقتصر خبر وكالة «سانا» عن زيارة أمير قطر، بأنها تناولت المصالحة الفلسطينية، والتضامن العربي. وتابعت الوكالة أنّ الاسد وضيفه القطري، اللذين اجتمعا في مطار دمشق، بحثا «العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين، وأهمية مواصلة الارتقاء بها، بالاضافة إلى التطورات في المنطقة وخصوصاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة». ونقلت عنهما «عزمهما على الاستمرار في بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق التضامن العربي، وتكريسه بما يمكّن من حماية مصالح الشعوب العربية وحقوقها ومناقشة الخطوات التي يجب القيام بها قبل القمة العربية المقبلة في الدوحة».
الغموض والتعتيم طالا ردود فعل القاهرة، وهي الطرف الثالث المعني بعلاقات الرياض ـــــ الدوحة ـــــ دمشق. فقد التزمت المصادر المصرية الصمت حيال زيارة المعلم إلى الرياض، وكذلك إزاء القمة السورية ـــــ القطرية.
واكتفى مصدر مصري بالقول لـ«الأخبار» «كنا على علم بهذه الزيارة (المعلم إلى السعودية)، إنها أمر جيد، ليس لدينا موقف سلبي تجاهها»، جازماً بأن الرئيس المصري حسني مبارك «يشجع أي مصالحة عربية أو لقاءات من شأنها تعزيز التضامن العربي».
ولم يؤكّد المصدر نفسه أو ينفِ احتمال قيام المعلم بزيارة إلى القاهرة، في إطار مساعي سوريا لإعادة تطبيع علاقاتها المتوترة منذ نحو عامين، مع مصر.
وكان وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، قد سارع أول من أمس، إلى نفي علمه بما تناقلته تقارير صحافية عن إجراء ترتيبات لعقد قمة ثلاثية في السعودية، تجمع مبارك والملك عبد الله والأسد. ومن ضمن الزيارات التي تشهدها العاصمة السورية هذه الأيام، وصل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الاوروبي، خافيير سولانا، إلى دمشق، المحطة الأولى في جولة إقليمية، تسبق موعد انعقاد مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة، المقرّر في مطلع آذار المقبل في منتجع شرم الشيخ المصري.
وسيستقبل الأسد سولانا اليوم، قبل أن ينتقل في زيارة قصيرة إلى لبنان، يتوجّه بعدها إلى مصر وإسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.