فيما سرقت وفاة الملك السعودي، عبدالله بن عبد العزيز، يوم أمس، الأضواء من الوضع المستجد في اليمن، «الحديقة الخلفية» للمملكة، شهدت صنعاء حراكاً سياسياً، في محاولة احتواء إنذارات الفوضى التي خلّفتها استقالة كلٍّ من الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة برئاسة خالد بحاح، ليل أول من أمس. لكن حتى الآن، يبدو أن اليمن متجه نحو الفراغ، إلا إذا تراجع هادي عن استقالته التي رفضها رئيس مجلس النواب يحيى الراعي. وبانتظار التئام البرلمان يوم غد، بعد تأجيل الجلسة التي كانت مقررة يوم أمس، للبحث في قبول استقالة هادي أو رفضها، تتجه الأنظار نحو الجنوب الذي يشهد غلياناً هذه الأيام، ملوحاً بتنفيذ الانفصال الذي يطالب به «الحراك الجنوبي» منذ زمن، وهو ما ينذر باتساع رقعة الفوضى في البلاد، خصوصاً أن جهات يمنية، من بينها «أنصار الله» تحذّر من انفصال الجنوب في هذا الوقت تحديداً، حيث تراهن قوى خارجية على هذا الانفصال، للانقضاض على نفط الجنوب وغازه.
وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء، يوم أمس، تظاهرات حاشدة نظّمتها جماعة «أنصار الله» (الحوثيون)، لتأكيد «الخطوات الثورية»، في ظلّ ما يبدو أنها ضغوط خارجية تريد إيقاع اليمن في الفراغ والفوضى، انتقاماً مما تمكّن الحوثيون من التوصل إليه الأسبوع الماضي، لجهة قبول الرئاسة تنفيذ مطالب الجماعة، وعلى رأسها تعديل مسودة الدستور الجديد التي تنص على تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم.
أعلنت واشنطن مواصلة تعاونها مع اليمن «لمكافحة الإرهاب»

وعقد هادي اجتماعاً لساعات مع مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن، جمال بن عمر، للبحث في العدول عن الاستقالة، إلا أن هادي أصرّ، رافضاً جميع المبادرة، ومن بينها مبادرة بن عمر. وكان عدد من الأحزاب السياسية اليمنية، قد كلف بن عمر مقابلة هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح. ومن المقرر أن يجتمع البرلمان غداً لمناقشة استقالة هادي والنظر في أمر قبولها أو رفضها. وبموجب الدستور يتولى رئيس البرلمان يحيى الراعي الذي ينتمي إلى حزب «المؤتمر الشعبي العام» رئاسة السلطة لفترة انتقالية إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية جديدة.
في هذا الوقت، أعلن البيت الأبيض أن واشنطن ستواصل «تعاونها الوثيق» في مكافحة الارهاب مع اليمن. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، إنّ بلاده «لا تعتبر سيطرة المتمردين على حكومة البلاد علامةً على أن إيران أو القاعدة لهما سيطرة هناك».
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش إرنست أيضاً إنه «لا يعرف» بتغييرات تشمل الضربات الأميركية بطائرات من دون طيار ضد «القاعدة في اليمن»، ضمن الاستراتيجية الأميركية في اليمن، حيث كانت تتعاون مع الرئيس هادي في هذا الإطار.
وفيما يرى البعض أن ما يجري في الجنوب لا يتعدى كونه ضوضاء إعلامية فقط وأن لا شيئاً حقيقياً يجري على الأرض، لا شك أن استقالة هادي، ابن الجنوب، والمستجدات الأخيرة انعكست بصورةٍ كبيرة على المنطقة المطالبة بالانفصال عن الشمال، حيث تحدثت أنباء عن تحركات في عدن للجان الشعبية التي تتبع الرئيس هادي (في الجنوب)، وقامت بالسيطرة على كل مراكز الشرطة، بما فيها مبنى الأمن العام في محافظة عدن ورفع علم الجنوب على المبنى.
كذلك، تداعت المكونات الجنوبية مساء أمس لعقد لقاء موسع حضرته كل القوى الجنوبية لأول مرة، سواء كانت القوى المنضوية في السلطة أو المكونات التي تطالب بالانفصال.
وقال القيادي محضار الشبحي الذي كان حاضر اللقاء إن هذا هو اللقاء الأول من نوعه في تاريخ الجنوب الذي تحضره كل المكونات الجنوبية حتى التي يوجد بينها خصومة تاريخية، وأضاف أنه خلال اللقاء اتُّفق على خطوط عريضة ستُناقَش في لقاءات أخرى وتهدف إلى إيجاد قيادة سياسية للجنوب في هذه المرحلة المهمة.
أما السلطات اليمنية في صنعاء، فقد قطعت بث قناة عدن الحكومية، مساء أول من أمس، حتى لا تتمكن اللجنة الأمنية في عدن من إلقاء بيانها عبر القناة، وما زالت القناة حتى اللحظة خارج سيطرة السلطات المحلية في عدن وتجري إدارتها من صنعاء.

(الأخبار، رويترز، الأناضول)