بدأ الحوار الفلسطيني في القاهرة. خطوة إيجابيّة في طريق المصالحة الفلسطينية، لكنها واحدة في طريق الألف ميل ستمرّ باللجان الخمس، التي من المفترض أن تنهي عملها نهاية آذار المقبل بتأليف حكومة، لا تزال تسميتها محل نقاش
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
غزة ــ رائد لافي
اختتم ممثلو 13 فصيلاً فلسطينياً، أمس، الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني الموسع، الذي عقد في القاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة، بالاتفاق على تأليف خمس لجان نوعية ستعاود الاجتماع في العاصمة المصرية مجدداً في العاشر من الشهر المقبل، على أن يتم تأليف حكومة توافق وطني قبل نهاية الشهر نفسه. وأكد بيان رسمي، صدر في ختام المؤتمر وتلاه رئيس وفد حركة «فتح» أحمد قريع ونائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس موسى أبو مرزوق، أن «المجتمعين اتفقوا على تأليف حكومة توافق وطني قبل نهاية آذار المقبل، وعلى اللجان الخمس التي انبثقت عن المؤتمر بما فيها لجنة الحكومة، وأن يبدأ عمل اللجان في العاشر من آذار، على أن تنجز أعمالها قبل نهايته». وقال قريع «قد تكون الحكومة الجديدة حكومة تكنوقراط أو حكومة فصائل... اللجنة ستقرر كيف سيكون شكل هذه الحكومة». وأكد أن «الأجواء كانت إيجابية وكان الجميع يتمتع بروح بناءة، مدركاً أهمية نجاح الحوار الوطني الفلسطيني».
بدوره، أوضح أبو مرزوق أنه «لم يتم الاتفاق بعد» على شكل الحكومة ولا على من سيرأسها، وأن كل هذه القضايا ستتم مناقشتها والتوصل إلى تفاهمات بشأنها خلال مناقشات اللجنة المعنية.
ورأى أبو مرزوق، في بداية المؤتمر الصحافي، أن «هذا اليوم هو من الأيام البيضاء» في تاريخ الشعب الفلسطيني وأنه «بداية لمرحلة جديدة».
وسبق المؤتمر الصحافي إعلان عضو اللجنة المركزية لـ«فتح»، نبيل شعث، أنه «تم الاتفاق على تأليف اللجان (المصالحة الوطنية، الحكومة، الأمن، الانتخابات ومنظمة التحرير) وتسمية أعضائها»، مشيراً إلى أنها «ستبدأ عملها في العاشر من شهر آذار المقبل». ونقلت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية، عن مسؤول مصري رفيع المستوى، قوله إنه «ستكون هناك لجنة سادسة تضم مصر والجامعة العربية، تسمى لجنة التسيير، تكون مهمتها الاستعداد للتدخل من أجل العمل على حسم أي خلافات تظهر خلال اجتماعات اللجان».
وبخطاب مزج بين الدفاع عن الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية والتحذير من خطورة استمرار الخلافات الداخلية، دشّن رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، معرباً عن أمل الرئيس حسني مبارك في أن تكون «جلسات الحوار الفلسطيني بداية حقيقية لمرحلة جديدة تنهي حالة الانقسام التي طال أمدها، فالوقت حان لطيّ هذه الصفحة إلى الأبد». وقال سليمان «اجعلوا قراركم بأيديكم وابتعدوا عن التوازنات الإقليمية»، مشدداً على أن الهدف من الحوار الوطني الفلسطيني الشامل هو «وضع آلية لتحقيق هدف رئيسي وهو إنهاء الانقسام». وحذّر سليمان من إهدار فرص تسوية تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني، قائلاً «إننا جميعاً نتطلع إلى فهم مدقق للمتغيرات الدولية والتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني والفرص المتاحة والممكنة، والتي إن ضاعت لن تعود أبداً كسابقاتها».
في هذا الوقت، أكد وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، أنه «لا يوجد أفق زمني للحوار الوطني الفلسطيني»، مستدركاً «لكننا نرصد وجود نية مؤكدة وواضحة لدى الإخوة الفلسطينيين لكي يصلوا إلى اتفاقات».
ورداً على سؤال عن وجود ضمانات لنجاح الحوار، قال أبو الغيط «لا توجد ضمانات، ولكن الضمانات الحقيقية هي الوطنية الفلسطينية»، كاشفاً عن عدد من «الاجتماعات الثنائية المتعددة الأطراف، ستعقد في شرم الشيخ على هامش فعاليات مؤتمر دعم الاقتصاد الفلسطيني وإعمار قطاع غزة، المقرر عقده في الثالث من آذار المقبل».
ومن غزة، قال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، إن «الأولوية عند حماس هي تحقيق مصالحة وطنية حقيقية»، مشدداً على أن «الحوار الوطني هو وسيلة للإنقاذ وليس مجرد تكتيك سياسي». وحدد ستة أهداف أساسية للحوار، من ضمنها «إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتأليف حكومة جديدة غير مرتهنة للضغوط».
ورأى هنية أن «اتفاق القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني، واتفاق مكة، والعمل الطويل المشترك في إطار لجنة المتابعة العليا للانتفاضة في القطاع، وهيئة التنسيق بين الفصائل في الضفة، تمثل أرضية صلبة لإنجاح الحوار». ورأى أن «العلاقة بين حماس والقاهرة خيار استراتيجي وليس مصلحة طارئة».
في هذا الوقت، وفي ما يتعلق بملف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، قال مصدر إسرائيلي إن «المفاوض الإسرائيلي، عوفر ديكل، وصل إلى القاهرة قبيل ظهر الخميس (أمس)، ليبحث مع المسؤولين المصريين الإفراج عن شاليط، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين». وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن «ديكل سيسلم مصر قائمة جديدة بأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تقبل إسرائيل إطلاق سراحهم».


نص البيان

بدعوة من جمهورية مصر العربية، انطلقت في القاهرة اجتماعات الحوار الوطني الفلسطيني بمشاركة فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني وعدد من الشخصيات الوطنية المستقلة، بهدف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وإعادة بناء المؤسسات، وفي المقدمة منها مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، على أسس وطنية وديموقراطية جامعة. وقد اتفق المجتمعون على:
أولاً: تثمين الدور المصري على مثابرته ورعايته ودعوته للحوار الوطني الفلسطيني.
ثانياً: تأكيد أن انطلاق هذا الحوار يعني أن شعبنا قد طوى صفحة مؤلمة جسّدها الانقسام الذي عانى منه الجميع، وبدأت مسيرة التوافق والوحدة الوطنية الراسخة.
ثالثاً: تأليف لجان الحوار الخمس الآتية:
لجنة الحكومة بهدف الوصول إلى تأليف حكومة توافق وطني. لجنة الأمن بما يكفل بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية غير فصائلية. لجنة منظمة التحرير الفلسطينية بهدف تطوير وتفعيل وإعادة بناء مؤسساتها وفقاً لإعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني. لجنة الانتخابات بهدف إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بما لا يتجاوز موعدها المحدد في القانون. لجنة المصالحات الوطنية بما يرسّخ ثقافة التسامح والديموقراطية وقيم الاحترام المتبادل وتحريم الاقتتال الداخلي.
رابعاً: تأليف لجنة التوجيه العليا.
في كل هذه اللجان، فقد تمّت تسمية ممثّلي الفصائل والشخصيات الوطنية المستقلة، كما تمّ التفاهم على الإطار العام لمهمات وآليات عملها، والاتفاق على أن يبدأ عمل كل اللجان يوم العاشر من آذار المقبل، على أن تنجز أعمالها قبل نهاية آذار 2009.
خامساً: الشروع في الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين في كلّ من الضفة الغربية وقطاع غزة، ووقف كل أشكال الملاحقة والانتهاك للحقوق والحريات الديموقراطية.
كذلك اتفق الجميع على وقف الحملات الإعلامية المتبادلة ومتابعة كل ذلك وفقاً لآليات اتُّفق عليها. لقد جاء هذا الاجتماع كضرورة وطنية، واستجابة مسؤولة لأماني وتطلعات شعبنا وإصراره، واستجابة لمقاومته وصموده البطولي الذي تجلّى في مواجهة العدوان الإسرائيلي المجرم على قطاع غزة، وفي ظل استمرار هذا العدوان بكل الأشكال في الضفة الفلسطينية المحتلة، وفي إطار النضال المشترك للتصدّي لكل أشكال التوسّع الاستيطاني ومشاريع تهويد القدس، والحصار، وبما يخدم الإسراع في فك الحصار وفتح المعابر، وإعادة إعمار ما دمّره العدوان في قطاع غزة.