وسيلة للابتزاز وتجنيد العملاء
الخليل ــ الأخبار
«المعاناة المستترة»، تسمية يمكن إطلاقها على ما تشهده مكاتب الارتباط الإسرائيليّة المنتشرة في الضفة الغربية، والتي تتحكّم بتصاريح التنقل بين مدن الضفة وإلى أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 أو ما يسمى «الخط الأخضر» والقدس المحتلة.
معاناة الفلسطيني تبدأ بتقديم طلب لاستصدار تصريح في مكاتب التنسيق والارتباط المدني، لينقل بعدها إلى المكاتب الإسرائيلية، فإما أن يحالفه الحظ وأما أن يعاقب، فإسرائيل وحدها بيدها ورقة القبول أو الرفض، إذ يعمل طاقمها وفق معايير ومتطلبات خاصة لا يحقّ لأحد الاطّلاع عليها. معايير تستخدم لمعاقبة الفلسطينيّين وابتزازهم، ولا ترحم صغيراً أو كبيراًَ. وتسير عملية استصدار التصاريح على إيقاع بطيء، ويتناقص عددها يوماً بعد يوم، ومن المواطنين من لا يغادر مكتب الارتباط حتى يحصل على ردّ حتى لو استغرق ذلك ساعات الدوام الكاملة، ومنهم من لا يكفّ عن الاتصال ليسمع ما يسرّ باله. لكن تجارب الانتظار للغالبيّة تكون بلا جدوى.
نسيم فنون (33 عاماً)، من قضاء بيت لحم، جاهد منذ عام 1994 للحصول على تصريح، لكنه كان يقابل دائماً بالرفض الأمني. وفي إحدى محاولاته، قدّم طلب «استرحام». طلب يذكر فيه المتقدم أنه «حسن السيرة والسلوك»، ما يعني أنه لم يسبق اعتقاله أو قيامه بأي نشاط لمناهضة الاحتلال. لكن «الاسترحام» سقط أيضاً في فخ الرفض الأمني، ليخسر نسيم الدراسة في إحدى كليات القدس المحتلة.
أما كرم الجولاني (38 عاماً)، من الخليل، فقد تقدم أكثر من مرة لطلب تصريح زيارة إلى القدس، راغباً للصلاة في المسجد الأقصى، إلا أنه رفض وأعطي موعداً لمقابلة الاستخبارات الإسرائيلية. وعندما ذهب، كان رد ضابط الارتباط الإسرائيلي أنه لا شيء يمنع من إعطاء التصريح، ولكن بشرط أن يتعاون مع الاحتلال ضد الفلسطينيين.
السلطات الإسرائيلية تستغلّ حاجة المواطنين وتعمل على ابتزازهم أو إغرائهم بعروض، من تحسين لظروف العمل وزيادة الدخل، أو تصريح مفتوح إلى كل المناطق وفي أي ساعة.
المقدسيّة عزيزة أبو سارة (62 عاماً)، التي تزوّجت وتسكن في الخليل منذ أكثر من 40 عاماً، تعاني من فراق الأهل ومن غيابها عن أزقّة القدس العتيقة وشوارعها، التي لطالما لعبت فيها مع أقرانها. وتقول: «حصلت على تصريح لمرة واحدة، ورفضوني في ما بعد، يعني (عجوز) مثلي ستفجر إسرائيل، أريد فقط زيارة القدس».