حكّام إسرائيل لا يتحدّثون عن دولة فلسطينية إلا لحساباتهم الداخلية الضيقة. تسيبي ليفني لن تدخل حكومة برئاسة «بيبي» لأنه رفض إقامة هذه الدولة، وأفيغدور ليبرمان يؤيّد دولة «قابلة للحياة» للترويج لمنصب وزير خارجية قد يكون من حصّته علي حيدر
كما كان متوقّعاً، فشل اللقاء الثاني الذي جمع رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو، ورئيسة حزب «كديما» تسيبي ليفني (الصورة)، أمس، الذي كان يهدف إلى اتفاق على تأليف حكومة وحدة وطنية. وتراشق الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن هذا الفشل. وقالت ليفني، عقب اللقاء الذي دام نحو ساعتين في تل أبيب، إنها لم تتوصل ونتنياهو إلى «قاسم مشترك يسمح بانضمامها إلى حكومة واسعة برئاسته». ورأت أنّ موضوع «الدولتين، ليس شعاراً فارغاً، والوحدة لا تنحصر في الجلوس معاً في الحكومة، بل هي شراكة في الطريق»، عازية سبب فشل اللقاء إلى أنّ نتنياهو «رفض الالتزام بأن تتضمن الخطوط الأساسية للحكومة، السعي إلى إقامة دولتين للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني».
ولتبرير إصرارها على عدم المشاركة في الحكومة، أشارت ليفني إلى أنه «مهما كان المنصب الذي سأكون فيه، فإني سأدعم الحكومة التي ستتألف لمواجهة التهديدات الماثلة أمامنا، من موقع معارضة مسؤولة، وهذا كان مضمون المحادثة بيننا». وأوضحت أنّها اجتمعت مع خصمها، لأن تسمع ما هي الرؤية، وما هي الطريق التي يراها صحيحة للتنفيذ، لافتة إلى أنها لم تجد التزاماً في القضايا التي تطالب بها في المجال السياسي وتغيير نظام الحكم، والإصلاحات المتعلقة بالدين والدولة. وفي الوقت عينه، شدّدت وزيرة الخارجية، على أنها لا تستطيع الاكتفاء «بصيغ ضبابية والعالم أيضاً لا يكتفي بذلك».
وفي ختام اللقاء، اتهم مقربون من ليفني نتنياهو بـ«التهرّب من كل القضايا الخلافية»، ناقلين عنه رفضه إقامة دولة فلسطينية، وحصر التزامه بنقل موضوع تغيير نظام الحكم إلى لجنة من الطرفين.
بدوره، حمّل «بيبي»، ليفني مسؤولية إخفاق المفاوضات، «لأنها ليست مستعدة للوحدة التي تحتم تقديم تنازلات»، جازماً بأنه كان مستعداً «للذهاب بعيداً جداً». وكشف عن بعض تفاصيل الاجتماع، وأنه عرض عليها «شراكة كاملة في كتابة الخطوط العريضة وبلورة طريق الحكومة في كل المجالات المركزية ومساواة كاملة في تقاسم الحقائب الوزارية بين الليكود وكديما». وقال: «حتى إنني اقترحت عليها اثنين من بين المناصب الثلاثة الرفيعة في الحكومة».
وبحسب تعابير نتنياهو، فإنّ ليفني قابلت عرضه «برفض مطلق في هذه الفترة المصيرية من حياة الدولة، وحتى برفض تأليف طواقم مشتركة للمفاوضات للتوصل إلى طريق مشتركة».
وفي ما يتعلق بمطالب ليفني وشروطها، كان لنتنياهو ردّه، ومفاده بأنه متمسّك «بدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين، وبلورة إصلاحات في طريقة الحكم والتقدم باتجاه حلّ متفق عليه في موضوع الزواج المدني، لكنّني قُوبلت برفض مطلق للوحدة وحتى برفض تأليف طواقم مشتركة للمحادثات».
وفي أعقاب النتائج التي خلص إليها اللقاء الحاسم، يسود انطباع في دولة الاحتلال، بأنه لن تُعقد اجتماعات أخرى بين المسؤولَين، وأن نتنياهو سيبادر إلى خطوات عملية لتأليف حكومة يمين ضيّقة سريعاً.
على صعيد آخر، أطلق رئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، مواقف جديدة، تعكس سعيه لتسلم حقيبة وزارة الخارجية في حكومة مقبلة؛ فقد بادر إلى تأييد «إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة»، وهو ينتظر «العمل مع الرئيس (الأميركي باراك) أوباما». مواقف ليبرمان جاءت في مقال نشره في مجلة «جويش ويك» اليهودية، التي توزع في نيويورك. وأبرز ما جاء في المقال: «أُلصقت بي صفة يميني متطرف وقومي متطرف، فيما أريد أن تبقى دولة إسرائيل، دولة صهيونية يهودية وديموقراطية، كذلك فإني أؤيّد إقامة دولة فلسطينية».
وفي محاولة لتجميل صورته دولياً، كتب ليبرمان: «أرحب بمساهمة الأقليات في ازدهار إسرائيل. ونحن لا نطلب من العرب الإسرائيليين المشاركة في الحلم الصهيوني. نحن نطالبهم بقبول حقيقة أن إسرائيل هي الدولة اليهودية الوحيدة في العالم».
على صعيد آخر، انفجرت جلسة مكتب حزب «العمل»، بعد تبادل الاتهامات بين أعضائه، حول الجهة المسؤولة عن الفشل في الانتخابات التي نال فيها الحزب 13 مقعداً فقط. وعندما علا الصراخ وخرج الوضع عن السيطرة، أعلن أمين سر الحزب، إيتان كابل، تعليق الجلسة. وأفادت التقارير الإعلامية بأنّ المسؤولية ألقيَت على رئيس الحزب، إيهود باراك، فيما اتهم آخرون، الرئيس السابق للحزب، عامير بيرتس، بأنه «لم يوظف رجاله في الحملة الانتخابية لمصلحة الحزب».