قد يسامح الناس حكوماتهم على خطايا كثيرة، إلا خطيئة استغلال الدم للعبث بمستوى عيشهم وإغراقهم بإجراءات تزيد من قلقهم وخوفهم! هذا ما فعلته حكومة «الإرادة الوطنية» في لبنان، التي كان يُفترض أن تعقد آخر جلساتها لعام 2008 للبحث في كيفية مواجهة التحدّيات التي تفرضها حرب إسرائيل على غزّة المحاصرة، فإذا بها تستغل انشغال الناس بمشاهد القتل المتمادي فتتخذ إجراءات ضريبية بالغة الخطورة، منها زيادة الرسوم التي تجبيها عن كل صفيحة بنزين من دون أي سقف، خلافاً لقرارها السابق القاضي بتثبيت سعر الصفيحة حتى بلوغ قيمة الرسوم مستوى 10 آلاف ليرة، وخلافاً لتعهداتها في برنامجها مع صندوق النقد الدولي الذي أوحى بأن زيادة هذه الرسوم لن تتجاوز 6 آلاف ليرة في المرحلة الأولى.لقد وجدت هذه الحكومة في انشغال الناس بمشهد القتل المتمادي فرصة سانحة للانقضاض عليهم، غير آبهة بحجم العبء الذي سترتّبه على مداخيلهم المتآكلة بعد عقد ونصف عقد من السياسات الجائرة، وفي ظل أكبر أزمة يعانيها النظام الراسمالي على مستوى العالم كلّه، وهي أزمة تفرض على صنّاع القرار في الدول الأخرى البحث عن حوافز وآليات لدعم المداخيل، لا نهب ما بقي
منها.
(الأخبار)