طائفية ومحميات... والانتقال إلى البث الرقمي في 2015رشا أبو زكي
لم يبقَ سوى 6 سنوات ليلحق لبنان بالتطور العالمي في ما يتعلق بصناعة الإعلام، وذلك عملاً باتفاقية جنيف التي وقّعها لبنان في عام 2006، والتي تشير إلى إلزامية الانتقال من البث التلفزيوني التماثلي (أنالوغ) إلى البث التلفزيوني الرقمي (ديجيتال) في موعد أقصاه شهر حزيران من عام 2015... فحتى الآن لا يزال هذا القطاع متخلفاً في تكنولوجيا الإعلام والاتصالات العالمية، فيما دول العالم تجاوزت المرحلة الانتقالية هذه للإعداد لمرحلة أخرى أكثر تقدماً وعصرية... وبحسب وزير الاتصالات جبران باسيل، فإن الأجهزة التلفزيونية القادرة على استيعاب التقنية البالية المعتمدة حالياً لن تكون متوافرة بعد عام 2015، وأسعارها ستكون مرتفعة جداً، ما يمثّل «قصاصاً»، ليس فقط للقطاع، بل أيضاً لكل مستهلك لبناني بسبب عجزه عن الحصول على الخدمات الجديدة، وسيُحرَم القطاع أيضاً استثمارات جديدة في سوق الاتصالات... فالإعلام والاتصالات أصبحا قطاعاً صناعياً بامتياز، والخروج عن خط التطور العام في هذا القطاع يعني الانقطاع عن الحداثة التقنية، والتقوقع في زاوية ضيقة من عالم المشهدية الواسع...

حمايات طائفية

«هناك أطفال يُقتَلون في غزة، ونقل الصورة الحقيقية عبر وسائل الإعلام هو ما يساعدنا في إنجاح قضيتنا المشتركة العربية والتضامن الواجب مع الفلسطينيين، قال باسيل. فحتى في ورشة الهيئة الناظمة للاتصالات التي تناولت تطوير قطاع البث الإذاعي والتلفزيوني، كانت غزة حاضرة على لسان الحاضرين. وحضور المشاكل المتعلقة بصناعة الإعلام في لبنان كان أيضاً لافتاً، واختصارها جاء على لسان رئيس المجلس الوطني للإعلام، عبد الهادي محفوظ: مخالفة عامة لقانون الإعلام المرئي والمسموع 382/94، حمايات طائفية وسياسية للمؤسسات المرئية، التصرف بالهواء السياسي للمحطات باعتباره ملكاً خاصاً خلافاً للقاعدة القانونية والدستورية التي تعدّه ملكاً عاماً، عدم التزام بعض المؤسسات بقاعدة احترام التعبير المتنوع، تقديم مواد إعلامية تقع في دائرة رفع مستوى التشنجات السياسية والطائفية، غياب جهاز رقابة بتصرف المجلس الوطني للإعلام، تعطيل هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني، عدم إنجاز المخطط التوجيهي للأقنية والترددات، علما بأنه تم تكليف وزارتي المال والاتصالات قبل خمس سنوات تقريباً القيام بما يلزم لإنجاز هذا المخطط عبر التعاقد مع شركة أجنبية خلال ستة أشهر، عدم إصدار قانون للبث المرمز خلافاً لما نص عليه قانون المرئي والمسموع، الإعلام الديني خارج أي إطار قانوني محدد لتنظيمه، عدم إنشاء الشبكة الموحدة للبث التلفزيوني، عدم صدور قانون ينظم سوق الإعلان ويحفز تطور هذه الصناعة.... أي إن القطاع متحرر من أي تنظيم ومتخلّف إلى أقصى حدود.

رؤية لتطوير القطاع

أما حلول هذه الأزمات، فكثيرة، وأهمها وفق رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات كمال شحادة ضرورة التوصل إلى رؤية وطنية جديدة وجامعة لتطوير قطاع الاتصالات، مركزاً على ثلاثة مواضيع محورية رئيسية، وهي:
« ـــــ الوضع الحالي للبث الإذاعي والتلفزيوني والمشاكل التي يواجهها هذا القطاع.
ـــــ السبل الواجب اعتمادها من أجل تحسين البث الإذاعي «أف.أم».
ـــــ الانتقال من البث التلفزيوني التماثلي إلى البث التلفزيوني الرقمي.
وقال باسيل إنه يعرف أن تنظيم محطات الـ«أف.أم» وكل التشويش الحاصل من خارج القانون والتراخيص المعطاة لهم أمر لا يجوز أن يستمر، ووجود محطات تلفزيونية بصورة غير شرعية تعمل على الأراضي اللبنانية لأنها لا تريد أن تعمل شرعياً أيضاً لا يجوز أن يستمر. وأضاف: «نحن مع تحويل لبنان إلى مدينة إعلامية، لا تحويل مناطق معينة منه فقط، يجب أن يتحول لبنان إلى مدينة إعلامية مفتوحة تجذب الاستثمارات وتسمح للبنانيين، في لبنان وكل دول المنطقة والعالم، بأن يأتوا إلى لبنان لفتح المحطات التي يعملون فيها».

التطوير القانوني

وتطرق وزير الإعلام طارق متري إلى الزاوية القانونية في قطاع الإعلام، حيث لفت إلى أن قانون الإعلام عام 1994 تعامل مع الواقع على نحو يتناسب مع التطور التقني في حينها، فاهتم بتنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني التماثلي، غير أنه لم يتطرق على نحو كافٍ إلى تنظيم البث الفضائي والبث المرمز. ورأى أن القانون 431 الذي أنشئت بموجبه الهيئة الناظمة للاتصالات وأنيطت بها صلاحية حصرية بإدارة ومراقبة حيز الترددات، أدى إلى بعض التشابك في الصلاحيات، بل بالأحرى إلى انتقال بعض الصلاحيات المتعلقة بتنظيم البث على الصعيد التقني إلى الهيئة الجديدة.
أما باسيل، فكشف أن الوزارة أعدت المراسيم اللازمة لفتح لبنان بالكامل على السوق الإعلامية، ولتشجيع كل العاملين في هذا القطاع كي يحولوا استثماراتهم وأعمالهم الى لبنان وأهمها:
ـ نظام (SNJ) خفض التعرفة والرسوم إلى ما يزيد على 50 في المئة للشركات المختصة بتزويد هذه الخدمة والمحطات التلفزيونية، ما يسمح بإدخال المزيد من نظام (SNJ) إلى لبنان ودفع المترتبات المستحقة إلى الخزينة العامة وزيادة مردود الخزينة العامة في هذا المجال.
ـــــ جعل لبنان الوكيل الوحيد لعرب سات في لبنان، وتزويد المحطات التلفزيونية هذه الخدمة بأسعار مخفضة، ما يشجع العديد من المحطات التلفزيونية على المجيء إلى لبنان «لأننا اليوم نقدم هذه الخدمة عبر عرب سات إلى 7 محطات تلفزيونية، بالرغم من الاتفاق القديم الموقع معها، ولا شيء يمنع من أن يتحول لبنان ووزارة الإتصالات إلى الشباك الوحيد لتقديم هذه الخدمة، وقد نُسِّق في هذا الموضوع مع كل وسائل الإعلام، واتُّفق على الأسعار التشجيعية».
ـــــ خدمة توفير وصلات الألياف البصرية من المحطات التلفزيونية إلى جورة البلوط كي تصبح الخدمة متوافرة ومضمونة، «ما يسمح بالاستغناء عن الوصلات الهوائية، ويصبح لدينا شبكة أرضية ثابتة. وآمل أن نصل بهذا الإجراء الى إجراء أهم مستقبلياً هو توحيد مراكز البث الأراضي بحيث يصبح لدينا شبكة متكاملة في القريب العاجل تربط بين كل المحطات مع البث الفضائي».


45 محطة

تعمل في بيت مري على رفع طاقة البث في المنطقة، ما يلحق بحسب باسيل أضراراً جسيمة بالصحة العامة في صورة غير مقبولة، والتقارير الطبية تشير إلى أعراض صحية غير سليمة في المنطقة حصلت نتيجة هذه الممارسات


مشكلة التشويش