إجراءات تزيد أكلاف تسليم التبغ وتؤثّر على الإنتاج
البقاع ــ رامح حمية
«وكأنه لا يكفينا تغييب التعويضات، فها هم يخترعون لنا عوائق جديدة للتضييق علينا»... فقد اختار المزارع حمد زعيتر عبارته بدقة ليعبّر من خلالها عن مدى الاستياء الموجود لدى مزارعي التبغ في البقاع من عدم دفع تعويضات حرب تموز حتى اليوم، إلى «بدعة» عدم تسلم طرود التبغ إلا من صاحبها شخصياً، فضلاً عن التأخير في تسلم إنتاج هذا العام.
فبعدما تفاءل المزارعون بفائض الإنتاج وبإمكان تحسين الأسعار، فوجئ الجميع بتأخير التسلم من جهة حتى الخميس الماضي، وصدور تعميم إداري من إدارة حصر التبغ والتنباك يقضي بأن يسلم المزارع شخصياً طرود و«بالات» التبغ، الأمر الذي أثار حفيظة غالبية المزارعين لناحية أن هناك عدداً كبيراً من الرخص القانونية بأسماء آبائهم وأمهاتهم وهم من العجزة وكبار السن، وبالتالي سيحتاجون إلى توكيل رسمي عند كاتب عدل، وهو ما يمثل عبئاً مالياً إضافياً في ظل تسريبات مفادها أن لا زيادة على الأسعار هذه السنة أيضاً.

تأخر الاستلام

مصدر في إدارة الريجي في بعلبك أوضح أن التأخير في التسليم هذا العام «مرده إلى بطء المزارعين في رص طرود تبغهم، بسبب عوامل الطقس، وأن النسبة لم تتجاوز عشرين في المئة»، لذلك كان لا بد من التأخير في تسلم المحاصيل. أما بالنسبة إلى تسليم بالات التبغ شخصياً، فأشار المصدر إلى أن تلك «الخطوة قانونية، الهدف منها حفظ حقوق المزارعين، ففي السابق كانوا يحضرون شخصياً لتسلم الشيك، وبعدما أصبح تسليم الشيكات من المصارف لا بأس في حضورهم حالياً لتسليم إنتاجهم».
وأكد رئيس نقابة مزارعي التبغ في البقاع علي الموسوي لـ«الأخبار» أن تأخير التسليم كان محور تواصل مع الإدارة في بيروت وبعلبك، وخاصةً أن نسب الترقيم قد فاقت 50%، وقد نتج من هذه الاتصالات بدء تسلّم المحاصيل يوم الخميس الماضي. ورأى الموسوي أن تسليم الرخص شخصياً خطوة تأتي ضمن إطار الضوابط الإدارية التي تسهّل العمل «وإن دفع المزارع مبلغاً مالياً صغيراً لأنه يتفادى بذلك أي خطأ أو خلاف قد يحصل». وعن تعويضات حرب تموز أكد الموسوي «أن المشكلة مع الهيئة العليا للإغاثة ونحن نمارس عليها ضغطاً كبيراً للحصول على حقوق المزارعين»، وأوضح أنهم «رفعوا المطالب إلى الاتحاد العمالي العام لإضافتها إلى ورقة عمله». وطالب الموسوي إدارة الريجي بتحسين الأسعار أسوة بالزيادات التي طرأت على الأجور، وشعوراً منها بطبيعة البقاع الباردة وأزمة المازوت».
فيما كشفت مصادر مطلعة في الريجي ـــــ بعلبك لـ«الأخبار» أن التأخير في تسلم محاصيل المزارعين البقاعيين يعود إلى «مزاجية» الإدارة في بعلبك، والدليل على ذلك أن جميع المراسلين المسؤولين عن الترقيم (دور المزارعين الذين وضبوا طرود التبغ) رفعوا تقارير عديدة إلى الإدارة قبل انتهاء العام المنصرم، تفيد بأن الطقس مناسب للمزارعين لرص طرود التبغ حيث بلغت نسبة الرطوبة 95%، فيما تخطت نسب الترقيم 55% وهي النسبة التي تتطلب جهداً من الموظفين لمدة شهرين لتسلمها، وهي أيضاً كافية للمزارعين الذين لم يوضبوا بعد رخص تبغهم». وأضافت المصادر أن حضور صاحب الرخصة شخصياً عند التسليم هي «للتضييق» على المزارعين وممارسة الضغط عليهم وتكبيدهم خسائر إضافية، ومثل هذا القرار لم يطبق عند التسليم في الجنوب. وتساءل المصدر: «ما الفرق عند الإدارة إذا سلم الابن الرخصة عن والده أو والدته؟».

زيادة أعباء

المزارعون بدورهم عبّروا عن رفضهم للتمييز الحاصل في إدارة الريجي وللتعميم بالتسليم شخصياً، فقد شدد المزارع حسن سماحة على أن الغاية من التسليم الشخصي هو زيادة الأعباء المالية والتضييق على المزارعين، مشيراً إلى «أن والدته مسنة والرخصة باسمها، ما يفرض عليّ حتماً تنظيم وكالة عند كاتب عدل بقيمة 35 ألف ليرة لتسليم الرخصة عنها».
أما علي حمية فسأل عن المقصود من تغييب تعويضات حرب تموز حتى هذه الفترة، «وإذا كان الهدف من ذلك إبعادنا عن زراعتنا، فهو تفكير خاطئ، لأننا لن نتخلى عن أرزاقنا». وأكد أن «التسليم شخصياً يخلق أعباءً مالية جديدة «نحن بغنى عنها، والهدف منها استفادة الإدارة وتضييق الخناق على المزارع». ولفت حمية إلى أن التأخير في تسلم الرخص يُفقد طرود التبغ نوعيتها وكميتها، مشيراً إلى أنه في السنة الماضية بدأ التسليم قبل نهاية العام بعشرة أيام.