اقتراحات بزيادة الاشتراكات وطلب مساعدة استثنائية أو إلغاء الفرعمحمد وهبة
منذ أكثر من سنة، والمستشفيات الخاصّة متوقفة عن استقبال مرضى الضمان الاختياري، لأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عاجز عن دفع كل الفواتير المستحقّة عن تقديمات الطبابة والاستشفاء لهذه الفئة في الصندوق، إذ تجاوزت قيمة العجز المتراكم في نهاية 2008 مبلغ 100 مليار ليرة، فيما تراجع عدد المنتسبين للفرع إلى حوالى 20 ألفاً.
وفيما تجمع آراء المطلعين والمتابعين على أن نظام الضمان الاختياري، المستقلّ مالياً عن باقي فروع الضمان، غير قابل للحياة بصيغته الحالية، يختلف هؤلاء على مقترحات الحلول اللازمة لإعادة توازنه المالي، فإدارة الصندوق أنجزت أكثر من دراسة اكتوارية تفيد الأخيرة بينها بأنه يجب رفع معدل الاشتراك إلى الفرع الخاص بالمضمونين الاختياريين إلى 20 في المئة من النسبة الحالية (9 في المئة)، أي بزيادة 11 نقطة مئوية، على أن تموّل الدولة 4.5 في المئة منها، وبالتالي يتوجب على كل مضمون اختياري تسديد اشتراك يساوي 15.5 في المئة، وهذه الزيادة بالنسبة للدولة تضاف إلى ما يترتب عليها كراع اجتماعي بنسبة 25 في المئة من فاتورة التقديمات الصحية.
ربما لم يعد هذا المعدّل صالحاً حالياً بسبب التغيّرات السريعة التي تطرأ على معدّلات الانتساب لهؤلاء المضمونين، وخصوصاً في ما يتعلق بزيادة العجز المتراكم إلى أكثر من 125 مليار ليرة وارتفاع وتيرة انسحاب المنتسبين، فبحسب بيانات ماليّة من الصندوق ارتفعت كلفة متوسط المعاملة الواحدة للمضمون الاختياري من 212 ألف ليرة شهرياً أو 3 ملايين ليرة سنوياً، وذلك في منتصف 2008، إلى 250 ألف ليرة شهرياً في نهاية 2008. فيما لا تزال قيمة الاشتراكات أقل من كلفة التقديمات، إذ بلغ متوسط قيمة الاشتراك الحالي على المضمون الاختياري 1.136 مليون ليرة سنوياً أو 94 ألف ليرة شهرياً، وبالتالي يصبح متوسط العجز للمضمون الاختياري الواحد 1.86 مليون ليرة سنوياً، أي بعجز إجمالي سنوي يفوق 37 مليار ليرة سنوياً.
وعلى مستوى مختلف، تقول الكتب التي رفعتها إدارة الصندوق إن هناك حلولاً إضافية يمكن اعتمادها، منها توسيع قاعدة الانتساب إلى فرع ضمان المرض والأمومة بحيث تشمل تدريجياً كل الفئات اللبنانية غير المشمولة بأي نظام صحي، والاستفادة التدريجية من الاعتمادات التي تنفقها وزارة الصحة على الاستشفاء في المستشفيات الخاصة لتغطية ضمان الفئات الجديدة.
واليوم تكرّرت هذه المطالب بعدما تفاقمت مشكلة المضمونين الاختياريين الذين باتوا بلا تغطية صحيّة كلّياً، فأقر مجلس الإدارة أربعة اقتراحات بعد مناقشة أعضائها كتب الإدارة والبيانات المالية عن الفرع، فصادق على مقترحات الإدارة بضرروة طلب مساعدة استثنائية من الحكومة بقيمة العجز نفسها (100 مليار ليرة) وزيادة معدل الاشتراكات، وأقرّ الآتي:
ــــ العمل على إصدار قانون خاص يتضمن شروط تطبيق نظام ضمان المرض والأمومة بصورة إلزامية على الأشخاص الذين لم يخضعوا بعد لأحكام قانون الضمان الاجتماعي.
ــــ الرجوع عن مشروع المرسوم الرامي إلى تعديل معدّل الاشتراك بموجب قرار مجلس الإدارة الرقم 184 مكرر المتخذ في جلسته عدد 100 تاريخ 26/5/2005.
ــــ الإنهاء بمشروع المرسوم المرفق ربطاً والرامي إلى تعديل المرسوم الرقم 7352 تاريخ 1/2/2002 المتعلق بوضع القسم الخاص بالضمان الاختياري في فرع ضمان المرض والأمومة موضع التنفيذ.
ــــ طلب منح الصندوق مساعدة استثنائية بقيمة 100 مليار ليرة تعيد التوازن إلى القسم الخاص بالضمان الاختياري سنداً لأحكام الفقرة 4 من المادة 66 من قانون الضمان الاجتماعي.
ويتردد أن وزير العمل محمد فنيش يعمل على رفع صيغة تشمل كل الاقتراحات بالنسبة للضمان الاختياري، وبالتالي قد يضيف اقتراح إلغاء الفرع وتحويل المنتسبين إلى وزارة الصحة لأنه لا يجوز استمرار هذا الفرع بصيغته الحاليّة. غير أن وزير الصحة محمد خليفة قال لـ«الأخبار» إن الأجدى هو تصحيح الخلل القائم لأن مبلغ 100 مليار سبّب عجزاً مالياً في الضمان، وبالتالي فإن تحويل هؤلاء إلى الوزارة سيكون له حساباته أيضاً.
لكن اقتراحات مجلس الإدارة كانت محط تحفّظ ممثّل الدولة ومستشار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، رفيق سلامة، الذي أوضح أنه سبق أن خالف الدراسات الاكتوارية السابقة مشككاً بنتائج أرقامها ووصفها بأنها «غير مقنعة، إذ لا دليل على أنه إذا زدنا معدل الاشتراك من 9 في المئة إلى 15 في المئة سيتأمّن التوازن المالي لهذا الفرع». وفي اتصال مع «الأخبار» يفسّر سلامة ما قاله بأنه «لا يمكن أن تدفع الدولة الأموال فيما يدير صندوق الضمان هذا النظام، لأن هذه الإدارة أدت إلى خسارة مالية في الفرع ويطالبون الدولة بتمويلها، أو برفع الاشتراكات إلى مستوى لا يمكن للمضمون دفعه، وبالتالي إذا كان على الدولة أن تؤمن هذه التغطية الصحية فعليها أن تديرها هي عبر وزارة الصحة».
وفي سياق متصل سجل ممثل العمال فضل الله شريف تحفظاً قانونياً على ربط طلب المساعدة الاستثنائية بالمادة 66 من قانون الضمان الاجتماعي، إذ يكفي طلب مساعدة استثنائية لتغطية العجز في القسم وعدم إسنادها لأحكام هذه المادة.
إلا أن واقع تأسيس هذا الفرع يشير إلى أنه كان وليداً سياسياً فأقرّ في 2003 بعشوائية ومن دون أي دراسة للتوازن المالي، وبتواطؤ سياسي بين أكثر من جهة كانت تسعى إلى إسكات الأصوات التي تسأل عن مصير مئات المصروفين من «الميدل إيست»، وتكشف مناقشات مجلس الإدارة آنذاك، عن وعد شفهي نقله وزير الوصاية عن رئيس مجلس الوزراء حينها، ويفيد بأنه سيُقتطع قسم من اعتمادات وزارة الصحة المخصصة لتأمين الرعاية الصحية لغير المضمونين، وهذا ما لم يحدث أبداً.


70 في المئة

هي نسبة المضمونين الاختياريين الذين تفوق أعمارهم 50 سنة بحسب إحصاءات صندوق الضمان الاجتماعي في نهاية 2008، وهذه الشرائح العمرية هي الأكثر كلفة على فرع الضمان الاختياري والأكثر تمسكاً بهذا النظام لأنه يوفّر لها تغطية الطبابة والاستشفاء


ارتفاع نسبة المنسحبين