محمد بديرخلّف الخطاب الذي ألقاه باراك أوباما الخميس وإعلانه تعيين مبعوث خاص لعملية السلام في المنطقة، ملامح قلق إسرائيلي من إمكان سعي الرئيس الأميركي إلى فرض تسوية على تل أبيب في حال عدم التوصل إليها بالتفاوض.
وبرغم أن خطاب الرئيس الأميركي «تضمن كل ما كان سيقوله الرئيس (السابق) جورج بوش» بشأن إسرائيل، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن مقاربة أوباما لملف الصراع الشرق أوسطي بهذه السرعة وتعيينه السيناتور السابق، جورج ميتشل، يعنيان أن الرجل ووزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، «يتحدثان بيزنس (أي جديان)». وبحسب الصحيفة نفسها، «عادة، يستغرق الأمر أسابيع أو أشهراً لأي إدارة جديدة حتى تتفرغ للحديث عن الشرق الأوسط، إلا أنه لم يتطلّب من أوباما سوى يوم واحد».
وكان أوباما قد قال، في خطاب أول من أمس، إن بلاده ستعمل بعزم على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مشدّداً على وجوب التوصل إلى تسوية «تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية تعيش بأمان إلى جانب إسرائيل».
وفيما رحبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، في اتصال هاتفي مع نظيرتها الأميركية، بتصريحات أوباما، رأت مصادر سياسية إسرائيلية أن هذه التصريحات فُسرت في تل أبيب على أنها «مؤشرات واضحة جداً إلى أن الإدارة الجديدة ستبدي تدخلاً نشطاً في المحادثات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية». ومعنى ذلك، بحسب «يديعوت»، أن «الممثلين الأميركيين سيعودون إلى غرف المفاوضات، وإذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، فإن أوباما لن يتردد في فرض تسوية عليهما».
وأضافت الصحيفة إن أروقة السياسة في تل أبيب بدأت تشهد استعدادات لحضور ميتشل خلال الأسبوعين المقبلين، وأشارت إلى أن جهات قيادية شرعت في إجراء مباحثات أولية مع مسؤولين في الإدارة الأميركية الجديدة من أجل بلورة مبادئ لاستمرار الحوار بين الجانبين، وفقاً للخط الذي يرسمه أوباما.
من جهتها، رأت صحيفة «هآرتس» أن الجديد في أقوال أوباما يتجسد في حجم الرسالة التي وجهها لإسرائيل وتوقيتها. وكتبت الصحيفة أنه «خلافاً لتوقعات المرشحين لرئاسة الحكومة في إسرائيل أو مخاوفهم، فإن الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة لم تدفع الأزمة الإسرائيلية العربية إلى هامش جدول أعمال الإدارة الأميركية الجديدة». وأضافت «من كان يأمل أن البطالة المتزايدة في الولايات المتحدة ستؤدي إلى بطالة دبلوماسية في الشرق الأوسط، سيخيب على ما يبدو».
وفي قراءة لمضمون الخطاب والرسائل التي تضمّنها، رأت الصحيفة أن إعلان أوباما بأن الحل من وجهة نظره هو «دولتان لشعبين» يهدف إلى الإيضاح للإسرائيليين بأن عليهم أن ينسوا أفكاراً مثل نقل غزة إلى مصر واستئناف الصلة بين الضفة والأردن. كما أن المسارعة إلى تعيين ميتشل وحديثه عن الحاجة إلى العلاج السريع للصراع يؤشران إلى أن أوباما لن يكتفي بفكرة «السلام الاقتصادي»، التي يروّج لها رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو.
بدورها، رحبت الرئاسة الفلسطينية بتعيين ميتشيل، معتبرة أنه «يعكس اهتماماً أميركياً بالتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية»، فيما رأت حركة «حماس» أن بداية أوباما «غير موفقة»، وتنبأت بفشل ذريع. وقال ممثل «حماس» في لبنان، أسامة حمدان، «باراك أوباما يصر على ألا يحدث أي تغيير. أوباما يحاول أن يسير على النهج الذي سار عليه من سبقه من الرؤساء الأميركيين». ورأى أن أوباما «يحاول أن يكرر الأخطاء ذاتها التي وقع فيها جورج بوش، من دون الاعتبار بتجربة بوش التي أدت إلى تفجير المنطقة، بدلاً من الوصول إلى استقرار وسلام فيها».