يواجه وزير الطاقة والمياه الان طابوريان حملة سياسية وإعلامية مركّزة تتخذ من أزمة قطاع الكهرباء مبرراً لها، ولا سيما عشية الانتخابات النيابية، إذ إن وصول معدّلات التقنين الكهربائي في بعض القرى والأحياء إلى أكثر من 12 ساعة يومياً، يمثّل حافزاً مناسباً جداً لإثارة المواطنين وتوجيه غضبهم «المزمن» نحو الوزير المعني والمسؤول سياسياً عن هذا الملف في الوقت الحالي. إلا أن هذه قيادة هذه الحملة تدرك تماماً مسؤوليتها المباشرة عن استفحال أزمة الكهرباء، وتدرك أكثر أن فتح هذا الملف على مصراعيه سيصيبها هي أكثر مما قد يصيب الفريق السياسي الذي ينتمي إليه الوزير طابوريان، الذي تنحصر مسؤوليته في إدارة الأزمة لا في التأسيس لها وإجهاض كل المعالجات الممكنة لأسبابها ومصادرها المتراكمة منذ إطلاق مشروع إعادة تأهيل قطاع الكهرباء عام 1991 وحتى اليوم... لذلك تتوسل هذه القيادة «الأكاذيب» لتبرير حملتها وحشد الرأي العامّ وراءها.وآخر هذه «الأكاذيب» يتمثل بإشاعة أجواء تفيد أن الوزير طابوريان كان يقف وراء اقتراح زيادة التعرفات على المواطنين، وأن «الوزراء» أجهضوا هذا الاقتراح في الجلسة الأخيرة لهم مساء الجمعة الماضي، علماً بأن الوزير طابوريان هو الذي خاض معركة إلغاء هذا الاقتراح الذي وضعه الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال محمد شطح في مشروع موازنة عام 2009 بهدف الحصول على 362 مليار ليرة من الواردات الإضافية.
فقد أعلن طابوريان مراراً وتكراراً أنه ضد هذا الاقتراح، وأنه لن يقبل بأي بحث في تعديل التعرفات إلا بعد إقرار خطته وتنفيذها للوصول إلى تغذية كهربائية مستقرة ومضمونة لجميع المواطنين وعلى مدار ساعات اليوم، وهذا العمل المطلوب قد يستغرق ما بين سنتين وأربع سنوات، بحسب الخيارات التي ستُعتمد ومدى تجاوب الحكومة لتأمين الحاجات التمويلية اللازمة لإنجاز هذه الخطّة.
إن مشكلة الكهرباء تكمن في امتناع الحكومات المتعاقبة عن رصد أي مبالغ لتطوير القدرات الإنتاجية منذ أكثر من 10 سنوات، حتى بلغ العجز في تغطية الطلب الاستهلاكي المتنامي أكثر من 700 ميغاواط حالياً، وهناك دراسات تفيد أن لبنان بحاجة إلى بناء معامل جديدة قادرة على تأمين أكثر من 1100 ميغاواط بحلول عام 2012... إلا أن الحكومات التي يشارك فيها الرئيس السنيورة منذ 16 سنة، تربط ذلك بالخصخصة كخيار وحيد، وهو خيار يهدف إلى توفير منافع إضافية لبعض المتنفّذين، ولو على حساب كل اللبنانيين، ولا سيما أن دراسة البنك الدولي الأخيرة عن قطاع الكهرباء في لبنان، حذّرت من أن هذا الخيار سيؤدي إلى زيادة كلفة الإنتاج بمعدّل 3 سنتات لكل كيلواط ساعة، وكان الوزير طابوريان قد شرح في ندوة استضافها المجلس النيابي إن كل زيادة بقيمة سنت واحد على سعر كل كيلوواط ساعة سيضع أكثر من 200 مليون دولار سنوياً أرباحاً إضافية في جيوب المستثمرين المحظيّين!
(الأخبار)