Strong>إسرائيل تتغنّى بقوة الردع... والمقاومة «تستعيد ترسانتها»يبدو أن الأمور في قطاع غزة تتجه نحو تهدئة طويلة المدى نسبياً، بعدما أعلنت حركة «حماس» من مصر موافقتها على هدنة لمدة سنة شرط فتح المعابر، في وقت كانت فيه إسرائيل تتغنّى بقدرتها الردعية، وتنسّق مع القاهرة وقف التهريب

القاهرة ــ خالد رمضان
بحث رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، مع وفد يمثل قيادات حركة «حماس» في الداخل والخارج، التمهيد للحوار الفلسطيني ـــ الفلسطيني، وجهود تثبيت وقف إطلاق النار، ومسودة اتفاق التهدئة بكل تفاصيله من أجل إنهاء الحصار وفتح المعابر، فيما يجتمع اليوم مع وفد يضم الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية.
وكشف عضو وفد «حماس» في القاهرة، أيمن طه، أن «حماس أبلغت مصر موافقتها على هدنة لمدة عام قابلة للتجديد، على أن يجري تقويمها في نهايتها، إذا أنهت إسرائيل انسحابها من قطاع غزة خلال أسبوع، وأعادت فتح المعابر الحدودية على الفور». وأوضح أنه يمكن «بعد انسحاب إسرائيل، رفع الحصار وفتح المعابر بضمانات محددة ورقابة دولية أوروبية وتركية خلال أسبوعين. وبعد ذلك، يُفتح معبر رفح وفقاً لترتيبات مؤقتة. وليس لدينا أي مانع من وجود قوات الأمن الفلسطيني التابعة للرئيس محمود عباس، إلى حين الاتفاق على تأليف حكومة فلسطينية من خلال الحوار الفلسطيني». وأضاف إن «الحركة تريد أن تشمل التهدئة عقد مؤتمر خاص بإعادة إعمار قطاع غزة».
بدوره، قال مسؤول في «حماس» «إننا في الحركة نفضّل أن ننتهي من ملف التهدئة وفك الحصار وفتح المعابر، ثم ندخل في موضوع الحوار الداخلي»، موضحاً «ليس لدينا أي تحفظات على الحوار الداخلي بعد إطلاق معتقلي حماس لدى السلطة الفلسطينية في رام الله». واستبعد أن يبحث وفد «حماس»، الذي يضم عماد العلمي ومحمد نصر وجمال أبو هاشم وصلاح البردويل وأيمن طه، أي «تفاصيل متعلقة بملف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط».
ووصل إلى القاهرة وفد الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، برئاسة الأمين العام نايف حواتمة، إضافة إلى وفد الجبهة الشعبية. وقال مسؤول مصري رفيع المستوى إن «القاهرة دعت وفداً يمثّل حركة الجهاد الإسلامي، وسيصل الاثنين (اليوم)».
واستبق القيادي في «الجهاد»، محمد الهندي، وصول وفدها إلى القاهرة قائلاً «لا يمكننا كفصائل أن نعطي تفويضاً لمحمود عباس للتفاوض بشأن الأوضاع النهائية»، مؤكداً «ضرورة وجود مراقبة وطنية من الجميع في موضوع المفاوضات».
من جهته، أعلن وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، قبيل مغادرته القاهرة متوجهاً إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، أن «مصر بدأت تنفيذ المرحلة الثانية من مبادرة الرئيس حسني مبارك بشأن غزة، من خلال إجراء مباحثات مع حماس والإسرائيليين». وأوضح أن «الهدف من هذا الاجتماع هو طرح الرؤية المصرية مع الوزراء الأوروبيين في ما يتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، والسعي للتهدئة بين الفلسطينيين، وشرح التحرك المصري طبقاً لمبادرة مبارك في المرحلتين الثانية والثالثة».
وأوضح أبو الغيط أن «تحقيق المرحلة الأولى يتمثل في وقف إطلاق النار، وتأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي استعادة التهدئة الكاملة بين الفلسطينيين وإسرائيل، ثم المرحلة الثالثة والأخيرة وهي المصالحة بين الفصائل الفلسطينية». وأشار إلى أن الجهد المصري في الإعداد لمؤتمر الدول المانحة في نهاية شباط المقبل، «يهدف إلى إعادة بناء غزة والبنية التحتية التي دمرها الهجوم الإسرائيلي».
وكان ممثل «حماس» في لبنان، أسامة حمدان، قد أعلن أن «الإجراءات الأمنية الهادفة إلى منع الحركة من إعادة التسلح في غزة، لن توقف تدفق الأسلحة إلى القطاع». وأوضح أن «المقاتلين الفلسطينيين بدأوا باستعادة ترسانتهم بعد وقف إطلاق النار».
وفي السياق، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أول من أمس، رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» خالد مشعل، وأعضاء مكتبه، مهنئاً الشعب الفلسطيني بـ«نصر المقاومة». وقال إن «سوريا ستبقى تدعم الشعب الفلسطيني حتى تحقيق أهدافه الوطنية في دحر الاحتلال».
في هذا الوقت، تقابل التحرك المصري مع الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، موجة من الثقة، أعرب عنها وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، خلال إطلاعه وزراء الحكومة على الجهود المبذولة لمواجهة عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة. وقال باراك إنه تراكمت خلال عملية «الرصاص المصهور»، في منطقة سيناء، أسلحة كثيرة، «وأُطلعت مصر على ذلك». وأضاف إن «العملية حققت كامل أهدافها من خلال توجيه ضربة قاسية إلى حماس، هي الأقسى منذ تأسيسها».
وأكد باراك، خلال مراسم ذكرى قتلى الغواصة الإسرائيلية «دكار» التي فُقدت في الستينات في البحر المتوسط، أن «إسرائيل أوجدت قوة ردعية في مقابل جهات أخرى في المحور الراديكالي، وأوجدنا آلية فعالة لمنع التهريب، عبر جذب كل من مصر والولايات المتحدة وأوروبا. وعززنا ثقة الجمهور بالجيش وبدولة إسرائيل ومؤسساتها». وأوضح أن «الطموح هو أن تكون المساعدة الإنسانية، قدر الإمكان، بمشاركة السلطة الفلسطينية».
كما رفض باراك الاتهامات التي وجهت إلى إسرائيل بتجاوزها المعايير الأخلاقية في عمليتها العسكرية، قائلاً إنه «لا يوجد من هو أكثر أخلاقية من الجيش الإسرائيلي». وفي ما يتعلق بالاتصالات المصرية ــ الإسرائيلية، قال رئيس الشعبة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، خلال مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، إن «مصر قادرة على وقف تهريب السلاح إلى القطاع، وإن استعدادها للتحرك ضد تهريب الأسلحة غير مسبوق». وأضاف إن المصريين «يدركون أن حماس لا تمثّل خطراً على إسرائيل فحسب، بل عليهم أيضاً. حماس تتحرك بالتنسيق مع الإخوان المسلمين ومع إيران».
إلى ذلك، رأى رئيس الأركان، غابي أشكينازي، أن «إنجازات العملية (في قطاع غزة) أثبتت لأعدائنا أن أي محاولة للمس بمدنيينا ستجبي ثمناً كبيراً، وأننا سنقف أقوياء في مواجهة أي تهديد»، وأن «الجيش سيبقى الدرع الواقي المتين والمستقر لأمن سكان الدولة».