خفض مدة التخزين المجانية في المرفأرشا أبو زكي
أزمة ازدحام مرفأ بيروت تتجه نحو الحل، إلا أن إجراءات وزارة الأشغال العامة والنقل التي قررت خفض مدة التخزين المجانية في مرفأ بيروت من 15 يوماً إلى 6 أيام، أثارت سخط التجار والصناعيين. وعلى الرغم من عقد اجتماع بين الأطراف الثلاثة المعنيين بالموضوع، وعلى الرغم من تأكيد وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لـ«الأخبار» أن الاجتماع وصل إلى توافق جميع الأطراف على سلسلة إجراءات تساعد التجار والصناعيين على تسريع تخليص معاملاتهم المرفئية خلال 6 أيام بدلاً من 15 يوماً، إلا أن التجار والصناعيين رأوا أن خفض مدة التخزين المجانية غير شرعية، وهي توازي زيادة الرسوم المرفئية التي تحتاج عادة إلى قرار من مجلس النواب ليصار إلى تطبيقها. أما الأهم، فهو أن الأطراف المتضررين يلوّحون برفع أسعار السلع المستوردة على المستهلكين!

الصناعيون: هذا سبب المشكلة

فقد أصدر العريضي قراراً بخفض مدة التخزين المجانية لمستوعبات الاستيراد في مرفأ بيروت من 15 يوماً إلى 6 أيام، لوضع حد للازدحام الكبير الذي أصبح يؤثر سلباً على حركة المرفأ وإنتاجيته وبدء سريان القرار منذ اليوم الأول من عام 2009. إلا أن الصناعيين رأوا أن هذا القرار يفرض على المستوردين دفع كلفة إضافية بين 10 دولارات و 20 دولاراً على كل يوم تخزين إضافي، وخصوصاً أن «من الاستحالة تفريغ المستوعبات خلال 6 أيام لأسباب عديدة، أهمها تأخر إنجاز معاملات التفريغ خلال هذه الفترة، وبطء الإجراءات الجمركية المعتمدة» بحسب مصدر صناعي، وهناك تمييز بين التاجر والصناعي اللبناني ومثيله الأجنبي، بحيث إن المرفأ يحاول زيادة المسافنة. وتتمتع الشركات الأجنبية بأرخص تعرفة تخزين للمستوعبات الفارغة في العالم، إذ تتمتع هذه الشركات بـ 10 أيام مجانية من التخزين، ومن ثم تدفع 75 سنتاً عن كل يوم إضافي، وتصل كلفة التخزين إلى دولارين بعد مرور شهر على وجود مستوعبات المسافنة في المرفأ. ويرى المصدر أن هذه الكلفة المنخفضة أدت إلى الازدحام الكبير الحاصل في مرفأ بيروت، وبدلاً من زيادة التعرفة على الشركات التي تُنجز عمليات المسافنة، «قررت وزارة الأشغال خفض مدة التخزين المجاني على التاجر والصناعي اللبناني، وبالتالي فرضت رسماً مرفئياً جديداً من دون قرار من مجلس النواب». وسأل المصدر: «هل المرفأ لخدمة لبنان أم المسافنة؟ وهل ثمة مصلحة في أن تتحول الرسوم المرفئية في لبنان إلى أغلى رسوم في العالم؟ وهل التوقيت مناسب لفرض هذا القرار في ظل اتجاه معظم الدول إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية والاقتصاد الحقيقي؟ وهل يعقل أن يكون التخزين للمسافنة شبه مجاني وتعرفة التخزين لإدخال أو تصدير البضائع عالية جداً؟ وهل من المقبول أن نعطي الأجانب حقوقاً وتعرفة مجانية، ونرفعها على تجار لبنان لنخفض الازدحام؟»، لافتاً إلى أن كل مصاريف المرفأ والجمارك تؤدي بحسب بعض خبراء الاقتصاد إلى زيادة الأسعار على السلع إلى 2 في المئة.

العريضي: كلامهم غير صحيح

إلا أن العريضي يؤكد لـ«الأخبار» أن هذه الأسئلة سبق أن طرحها الصناعيون والتجار خلال اجتماع مشترك عُقد الأسبوع الماضي، ويشدد على أن المعترضين على القرار وضعوا المستهلك على رأس حربتهم، مشيرين إلى أن الإجراء الذي نُفِّذ في المرفأ أخيراً سوف يدفعهم إلى رفع الأسعار. وقال العريضي: «سألت الموجودين في الاجتماع: إن كان قلبكم على المستهلك، فلماذا لم تخفضوا أسعار السلع على الرغم من الانخفاض العالمي في جميع المواد الأولية، وأهمها النفط؟». وتابع: «لم يجبني أحد بالطبع، فهم يريدون زيادة أرباحهم فقط، ويريدون أن يأخذوا راحتهم في تفريغ البضائع من دون أية ضوابط زمنية».
وأكد العريضي أنه أوضح في الاجتماع أن الوزارة تعمل على إيجاد حلول جذرية لمشكلة الازدحام، وهي تنتظر معدات ورافعات حديثة، لكنها لن تصل قبل 12 شهراً من الآن «فهل أغلق المرفأ إلى حين استقدام هذه الرافعات؟».
وبالتالي اتُّخذت سلسلة إجراءات لمساعدة المستوردين والتجار والصناعيين على تسريع معاملاتهم، وإيجاد أماكن إضافية لوضع مستوعباتهم، حيث ستُخَصَّص 65 ألف متر مكعب لوضع المستوعبات، وأُفرغ هنغاران للهيئة العليا للإغاثة لخلق مساحة إضافية، ويُعمَل على تخصيص 40 ألفاً إلى 50 ألف متر مكعب لركن الشاحنات، وذلك للإفادة من الفترة الممتدة بين الآن وحتى السنة المقبلة، وخفض الازدحام الحاصل في المرفأ. كذلك اتُّخذت إجراءات مع معهد البحوث الصناعية وإدارة الجمارك لتسريع المعاملات والملفات المرفئية...
وعن مدى قانونية قراره، قال العريضي إن «الحديث عن أن تقصير المدة المجانية للتخزين هو بمثابة زيادة في الرسوم المرفئية ليس صحيحاً، واختلاق المبررات لتمديد تخزين البضائع في المرفأ ليس مجدياً»، مشدداً على أن عمليات المسافنة «تخلق حركة كبيرة في البلد».
إلا أن مستشار جمعية الصناعيين أنطوان ريشا، الذي حضر الاجتماع، يشير إلى أن العريضي يحاول إيجاد حل لمشكلة الازدحام، وقد طرح خطوات عديدة لزيادة المساحات لوضع المستوعبات فيها، إلا أنها خارج المرفأ وتُربك المستوردين والمصدرين اللبنانيين، فيما الحل يجب أن يكون وضع المستوعبات الفارغة خارج المرفأ لخفض الازدحام... مشيراً الى أن المستوردين والمصدرين اللبنانيين يسعون منذ بداية العام إلى إخراج بضائعهم قبل انقضاء فترة الستة أيام، إلا أنهم غالباً ما يعجزون عن ذلك، فيتكبدون حوالى 20 دولاراً عن كل يوم إضافي.
فيما تلفت المصادر إلى أن تعرفة المرفأ معقدة جداً، إذ لا تُجبَى ضرائب من صاحب البضاعة فقط، بل من شركات الملاحة وأصحاب السفن، ويصل مدخول الضريبة على القيمة المضافة الإجمالية إلى مليار دولار، حوالى 13 في المئة من هذه الضريبة من مرفأ بيروت. وتسأل: «هل تحوّل المرفأ إلى أداة لجباية الضرائب مثل الخلوي وضرائب تذاكر السفر التي تمثّل حوالى نصف سعر التذكرة؟»


113 مليون دولار

هو مدخول مرفأ بيروت من الرسوم في عام 2007، استُحصلت من حوالى 668 ألف مستوعب: 165 ألف مستوعب للاستيراد، و503 آلاف مستوعب مسافنة.


132 مليون دولار

هو مدخول المرفأ من الرسوم في عام 2008، استُحصِلَت من حوالى 945 ألف مستوعب: 527 ألف مستوعب للاستيراد، و418 ألف مستوعب للمسافنة

مطالب التجار لخفض الازدحام


دعت جمعية تجار بيروت إلى تجميد قرار خفض فترة التخزين المجاني في المرفأ، وإنشاء شباك موحد لتسهيل الإجراءات وزيادة المساحة المعدّة للمعاينة والطلب من معهد البحوث زيادة دوام العمل وإنشاء مكتب للمعهد في المرفأ والطلب من الوكالات البحرية تسليم الأذونات قبل وصول الباخرة وتسهيل المعاملات الجمركية...