تشجيع الاحتكار وإجراءات في 10 مجالات تعوق الشركات
رأى التقرير الوطني المتعلّق بوضع القوانين التجارية في لبنان، الذي أعدّه المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة، أن لبنان لم يضع حتى اليوم استراتيجية متكاملة لتجهيز نظامه القانوني بما يتيح خلق مناخ من الثقة يطمئنّ له المستثمر.
وكان المركز قد أطلق التقرير، أمس، في افتتاح ورشة عمل بعنوان «القوانين التجارية ومتطلبات التنمية الاقتصادية في لبنان»، وهي تنعقد في إطار مشروع تعزيز القوانين التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأشار فيه إلى أن «كل القوانين التي ترعى الأعمال والشركات والتصرفات التجارية باتت إلى حد ما على جانب من الرتابة والتداعي»، فضلاً عن كونها غير منظّمة وغير منهجية وذلك بالتزامن مع «عقم في طموح لبنان بالانضمام إلى منظمة التجارة الدولية لأسباب إقليمية وداخلية ومهنية تنظر إلى بعض الامتيازات كأنها درع يحتمي بها التاجر والمهني والصناعي... وغيرهم من المستفيدين من الجمود المهيمن على السلطة التشريعية وتفتت السلطة التنفيذية».
إذاً، يدعو التقرير إلى الإسراع في فتح لبنان على مصراعيه، وإلغاء ما وصفه بـ«الامتيازات» التي يستفيد منها التاجر والصناعي والمهني، ولكنه يغفل التطرق إلى كيفية تدارك التداعيات الاقتصادية ـــــ القطاعية والاجتماعية لهذا الانفتاح. ويسعى إلى تقوية التحصيل الضريبي وتشجيع الاستثمارات، فيشير إلى ضرورة وجود هيبة للقانون عبر منع التحايل والالتفاف عليه، وينتقد الإطار القانوني لشركات الأوف شور، معتبراً أنها «مدخل إلى جعل النظام القانوني اللبناني مطيّة لإصدار الفواتير الوهمية التي تثقل النظام الضرائبي وتؤلف إطاراً لكمّ هائل من المعاملات الجوفاء».
ويتطرق إلى غياب التنسيق بين القوانين، فهناك قوانين متطورة متصلبة (القوانين المالية)، في مقابل قوانين قديمة ومنعدمة التطور (القوانين التجارية والشركات والأوراق المالية والشيكات).
وهذا، بحسب التقرير، ينبع من ركاكة النشاط التشريعي في لبنان «إذا قرر المشترع التشريع... علماً بأن الأمر ينقصه كثير من التنسيق والتدقيق والتفصيل والتماسك... وكم من مرّة نجد أن بعض التشريع هو وليد مصالح خاصة».
ويذكر النواقص في بعض القوانين، فقوانين التجارة البرية والمالية والضريبية لا تتطرق إلى تسهيل إجراءات تأسيس الشركات وتخفيف كلفتها، ولم تجر حماية الأقليات في الشركات، ولم تدخل التكنولوجيا الحديثة إلى الشركات مثل استعمال الإنترنت لإنجاز المعاملات الإدارية ونظام المكننة والمعلوماتية للملفّات... وحتى اليوم، لا وجود لقوانين تتطرق مباشرة إلى منع الاحتكار ووضع أسس المنافسة الحرّة ومكافحة الـ و«Monopole» «Oligopole»، ولا وجود لقانون المنافسة الأساسي في القانون العام في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، أي أن هناك فجوة في التشريع اللبناني الذي يميل إلى منح حق الاحتكار والامتيازات بدلاً من الحد منها، وهذا ما يبدو واضحاً في قطاع الاتصالات (شركتين فقط).
وبالنسبة إلى قانون حماية الملكية الفكرية، يقول التقرير إن العبرة في التنفيذ والتطبيق الفعلي لنصوصه، إذ تسود ثقافة ابتياع السلع المزوّرة والمقرصنة بسبب تدنّي ثمنها، والغريب في ما خصّ تطبيق التحكيم الذي يمثّل بديلاً لحل النزاعات القانونية، إذ إن تعديل المادة 762 من قانون أصول المحاكمات الجديد، تشير إلى عدم نفاذ البند التحكيمي أو اتفاق التحكيم في العقود الإدارية «إلا بعد إجازته بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء...».
وتنعكس العقبات التشريعية التي يعانيها لبنان على الواقع الاستثماري، وقد أدّى هذا الأمر إلى تفويت فرص استثمارية هامّة في السنة الماضية، إذ إن المعاملات والإجراءات الإدارية في عشرة مجالات تعترض الاستثمارات، ومنها: صعوبة تأسيس شركة في لبنان، 20 معاملة للاستحصال على الترخيص، صعوبة الاستخدام في لبنان، 25 يوماً و8 إجراءات لتسجيل ملكية عقارية، فجوات تشريعية في مجال حماية المستثمر، 180 ساعة عمل سنوياً لتسديد الضرائب، 27 يوماً و5 معاملات للتصدير، 38 يوماً و7 معاملات للاستيراد، 721 يوماً و37 معاملة لإنفاذ العقود، 4 سنوات و22 في المئة من رأس المال كلفة إغلاق الشركة أو المؤسسة.
لكن هذه العوائق لا تلغي بعض ميزات القوانين اللبنانية، مثل: الاقتصاد الحرّ، قانون السرية المصرفية، الإعفاءات الضريبية ونسب الضرائب المنخفضة على الشركات...
(الأخبار)