كانت حملة «الرصاص المصهور» لتنقلب رأساً على عقب لو وقع أحد جنود الاحتلال في أسر المقاومة. رعب فضّل الجيش الإسرائيلي تجنّبه بقتل أحد جنوده، وبحضّ الآخرين على الانتحار بدل الوقوع أسرى حرب
فراس خطيب
مع مرور الأيام، تنكشف أسرار جديدة من مسلسل التعليمات الانتحارية التي شغلت بال قيادة الدولة العبرية خلال عدوانها على الفلسطينيين في قطاع غزة. وبحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، فإنّ جيش الاحتلال حذّر جنوده من التعرّض للأسر خلال الحرب، باعتباره «واحداً من أكبر التهديدات»، وطلب منهم في حال تعرّضهم لمثل هذه الوضعية، أن يفجّروا قنبلة يدوية بأنفسهم وبمن يأسرهم. رواية تزيدها صدقية اعترافات قيادة الاحتلال بحصول عملية أسر بالفعل، انتهت بقتل الجندي كي لا يقع أسيراً لدى فصائل المقاومة.
وبثّت القناة العاشرة تسجيلاً بصوت ضابط الكتيبة 51، التابعة للواء النخبة، «غولاني»، يحذّر فيه جنوده من تعرّضهم لعملية أسر، ويأمرهم بتفجير أنفسهم بمن يأسرهم. والتُقط التسجيل في 3 كانون الثاني الجاري، قُبيل بدء العملية البرية على القطاع، وفيه قال الضابط لجنوده: «السلاح الاستراتيجي الذي تريده حماس هو اختطاف جندي»، قبل أن يجزم بأنه «لن يُختطف جندي من الكتيبة 51 ولا بأي ثمن، ولا بأي وضعية، حتى لو اقتضى ذلك أن يفجرّ قنبلته بمن يريد اختطافه».
وفي السياق، أشار عدد من جنود هذا اللواء إلى أنهم لم يتعاطوا مع تعليمات الضابط على أنَّها «توصية» فحسب، بل بـ«كامل الجدية». وعقّب متحدث باسم جيش الاحتلال على التقرير بالقول إنّ «الصياغة كما نقلت في إرشاد الجنود عشية المعركة، أُعدّت لزيادة وعيهم من أجل إحباط أي عملية اختطاف».
إلى ذلك، نشرت صحيفة «معاريف» شهادات لجنود شاركوا في العدوان مفادها أنّهم تلقّوا تعليمات بإطلاق قذيفة على منزل في داخله مقاومون، «حيث كان هناك تخوّف كبير من أن يكون داخل المنزل أو قريباً منه جندي مصاب». وقالت الصحيفة إنّ «هذه الشهادة تعني تصفية احتمال إنقاذ أي من الجنود أحياء».
وبذلك، يكون الاحتلال قد أكّد رواية حركة المقاومة الإسلامية بشأن أسر أحد جنوده، لمنع تحقّق أي «نصر معنوي» للحركة.
وأشارت «معاريف» إلى أن «عملية «الرصاص المصهور» كانت لتنتهي بطريقة مغايرة لو تحقق «سيناريو الرعب» الذي خشي منه الجميع، ألا وهو أسر جندي إسرائيلي. وبحسب رواية الصحيفة العبرية نفسها، فإن الجنود الإسرائيليين قصفوا منزلاً كان فيه زميلهم، للحؤول دون وقوعه بين أيدي مقاومي «حماس». وفي التفاصيل، فقد حاولت قوة إسرائيلية الدخول إلى أحد المنازل بهدف تمشيطه، اعتقاداً منها بأنه مفخّخ. إلّا أنّ القوة تعرّضت لإطلاق نار من مسافة قريبة فور دخولها المنزل، فأصيب جندي كان في مقدمة الفرقة. وعندما تعذّر سحبه إلى الخارج، أصدر ضابط الكتيبة أمراً بقصف المنزل «بمن فيه».