شهد العراق أمس، «بروفا» ناجحة في الانتخابات الخاصّة التمهيدية لاستحقاق يوم السبت المقبل. لا كوارث أمنية تُذكَر، بينما خاب ظنّ من خال أنّ الاحتلال يجلب حرية الاختيار فعلاً من بين المرشّحين
بغداد ــ الأخبار
انطلقت انتخابات المحافظات العراقية، أمس، بإقبال واسع على مراكز الاقتراع، ضمن التصويت الخاص بعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، إضافة إلى المعتقلين والعاملين والراقدين في المستشفيات، في 14 محافظة عراقية. ومجموع هؤلاء يتجاوز 614 ألف ناخب.
وفيما ينتظر العالم موعد يوم السبت المقبل لمعرفة الخريطة السياسية المحلية التي سيكون لها الشأن الكبير في تحديد مصير الانتخابات النيابية التي ستجرى في نهاية العام الجاري، يبقى الهمّ الأمني، بالاضافة إلى هاجس التزوير، في صدارة القلق.
وقد مرّ يوم أمس بالحدّ الأدنى من الخروق الأمنية، في ظل «إقبال كبير جداً منذ الصباح الباكر»، وفق ما أعلنته المفوّضية المستقلة للانتخابات. وأقفلت المراكز الانتخابية عند الساعة الخامسة عصراً، علماً بأن المفوضية «فتحت 372 مركزاً انتخابياً تضم 1669 صندوق اقتراع». وصوّت نحو 79 ألف ناخب في محافظة نينوى، كذلك توجه 56 ألف ناخب من المشمولين بالتصويت الخاص في محافظة ديالى، وأكثر من 62 ألف ناخب في البصرة. وفي سجن بوكا الأميركي في أمّ قصر، أدلى ثلاثة آلاف و152 معتقلاً بأصواتهم، إضافة إلى 550 معتقلاً في السجون، وما يقارب 300 مريض من الراقدين في مستشفيات البصرة.
وفي الأنبار، بلغ عدد مراكز الاقتراع 277 مركزاً لـ 75 ألف ناخب، فيما بلغ عدد المرشحين في المحافظة 520، بينما توجه 35 ألف ناخب من المشمولين بالتصويت الخاص للإدلاء بأصواتهم في محافظة صلاح الدين. وفي النجف، شارك 23 ألف ناخب في التصويت، ووصل عدد المسجلين في محافظة ذي قار إلى 25 ألف ناخب.
وعن كثافة المشاركة، أشار رئيس الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا، قاسم العبودي، إلى أن «نسبة المشاركة تقدر بنحو مئة في المئة». ولفت إلى أن «مراقبين دوليين (وصل عددهم إلى 800) شاركوا هذا العام بكثافة»، إلا أنه جزم بأنه «لم تحصل أي خروق تذكر» من ناحية مخالفة القوانين.
غير أنّ تفاؤل المفوضية العليا في ما يخصّ نزاهة الانتخابات، كذّبتها مصادر عديدة. ففي الناصرية، كبرى مدن محافظة ذي قار، أعلن قائد الشرطة، اللواء صباح الفتلاوي، «احتجاز عشرة عناصر، بينهم ضابط من المكلفين حماية أحد المراكز الانتخابية في منطقة السيد دخيل»، لارتكابهم «مخالفات قانونية» لمصلحة أحد مرشحي «الأحزاب الدينية الحاكمة».
ومن ضمن المخالفات التي شابت التصويت، كشفت «جمعية الدفاع عن حرية الصحافة» في العراق، أن 15 صحافياً وإعلامياً تعرّضوا للضرب المبرح والشتم وتحطيم كاميراتهم من قبل حرس أحد السجون التابعة لوزارة العدل في محافظة البصرة. وجزم بيان للجمعية أن سبب الاعتداء على الإعلاميين هو اكتشافهم أمر تلقي السجناء «أوامر لانتخاب كيانات محددة».
وتمكّنت وكالات الأنباء من نقل بعض أجواء التزوير قبل أن ينقضّ رجال الأمن بالعنف على الصحافيين. وقال أحد السجناء «لا أعرف لمن أصوّت، لكن شيخاً كتب هذا الرقم على يدي وسوف أصوّت لهذا الرقم».
أمنياً، بدت الأجواء هادئة، بعدما اتخذت اللجنة الأمنية إجراءات مشددة لحماية المراكز الانتخابية والناخبين، ما أدّى إلى انحسار أعمال العنف. ولم يتم الإبلاغ سوى عن حوادث طفيفة في النصف الأول من النهار الانتخابي، تمثلت في انفجار قنبلة على جانب طريق أسفرت عن إصابة مدني بجروح في هجوم على قافلة جيش في بلدة شمالي بغداد. وقتل مسلحون مدنياً في متجر لإصلاح ماكينات الحياكة في كركوك التي لم يشملها التصويت، ما خلا مشاركة الجنود العاملين في المحافظة.
وفي الموصل، قتل شرطي في انفجار قنبلة زرعت على جانب طريق، وأصيب ثلاثة أشخاص في انفجار قنبلة في متجر لبيع الملابس العسكرية.
وفي ما يتعلق بانتخابات يوم السبت المقبل، حيث سيتم فرض حظر عام للتجول في العربات، فإنّ الحملات الانتخابية تتوقّف بموجب القانون عند الساعة السابعة من صباح غد الجمعة، بعدما استمرت الحملة لمدة 29 يوماً.
وبحسب المراقبين، فإن هذه الحملة الانتخابية تُعدّ الأكبر التي يشهدها العراق منذ تأسيس الدولة عام 1921، وقد كلفت عشرات الملايين من الدولارات.
ومن ينظر إلى العاصمة بغداد، وبقية المحافظات، يجد شوارعها وجدران الأبنية والحواجز الكونكريتية خصوصاً، وقد أصبحت «لوحة ملوّنة» تظهر فيها صور المرشحين وبرامج الكيانات السياسية.
وتعهّد مصدر في المفوّضية العليا للانتخابات بأنه «سيتم فرض رقابة مشددة على الكيانات التي تخرق الصمت الانتخابي، وتستمر بالترويج لقوائمها ومرشحيها» بعد الموعد الرسمي (أي السابعة من صباح غد).