ثلث الإقراض في العالم عابر للحدود
خلصت توصيات منتدى «الأزمة المالية الراهنة: التداعيات والدروس والأزمة المستفادة للمنطقة العربية»، الذي انعقد على مدى يومين في مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي، إلى ضرورة اتخاذ تدابير تحقّق استقرار الأنظمة المصرفية والمالية العربية وتعزيز الرقابة على هذه القطاعات بالتزامن مع زيادة التعاون بين المصارف المركزية وهيئات الرقابة العربية...
نظّم المنتدى الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية والمركز الاقليمي للمساعدة الفنية للشرق الأوسط التابع لصندوق النقد الدولي «ميتاك»، وشاركت فيه شخصيات اقتصادية ومالية قيادية.
وتركّز النقاش في جلسات العمل على النقاش الجاري في العالم حول بلورة الشكل الجديد الذي سيصبح عليه النظام المالي العالمي بعد الأزمة المالية العالمية ومدى تضرّر النموذج الذي كان معمولاً به.

قرم: صناديق إقليمية للنقد

ومن أبرز الطروحات في هذا المجال كان لوزير المال الأسبق جورج قرم الذي رأى أن صندوق النقد الدولي فشل في أداء المهمة التي أُنشئ من أجلها وهي تتمثل في أن يكون مصرفاً مركزياً عالمياً، لكن دوره اقتصر على تنفيذ سياسات مالية رسمها المصرف الفدرالي الأميركي... واقترح، في ضوء الأزمة الحالية، أن يكون لكل إقليم مصرف مركزي أو مؤسسة نقدية تتفهم حاجات دول المنطقة وبإمكانها تقديم المساعدة لهذه الدول لمواجهة الأزمة وتداعياتها، إذ لا يمكن أن تتشابه مشاكل وحاجات البرازيل والمكسيك والولايات المتحدة والهند وغيرها مع دول المنطقة. وبالاضافة إلى هذا الأمر يجب إعادة النظر بمهمات وكالات التصنيف لتعكس الواقع الحقيقي للمؤسسات المالية.

تشابك العالم مالياً

وعرض الامين العام لجمعية مصارف لبنان مكرم صادر بعض الاحصاءات عن الأصول المالية في العام وحصة البلاد العربية منها، فأشار إلى أن المشتقات المالية في العالم كانت ترتفع 32 في المئة في مقابل نمو النواتج المحلية الاجمالية بنسبة 10.3 في المئة، أما نمو الاصول فكان بنسبة 17.9 في المئة.
وفي ما يتعلق بانتقال الأزمة في العالم، فإنه لا يشبه الانفلونزا التي تنتقل عبر الهواء. ومعرفة تأثير أو مدى انخراط كل بلد في الازمة وانعكاستها عليه تتطلب معرفة إحصاءات عن تركيبة الودائع والاستثمارات والاقراض وغيرها في العالم، إذ تبيّن بعض الدراسات أن التدفقات المالية العالمية الناتجة من التجارة العالمية تبلغ 14 تريليون دولار وحصة العالم العربي منها 3.1 في المئة، أما بالنسبة إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم فتبلغ 1.8 تريليون دولار منها 4.9 في المئة حصة العالم العربي، علماً بأن 65 في المئة من هذه الحصة تأتي إلى العالم العربي من دول الخليج. وتبلغ مجمل قيمة الودائع المصرفية في العالم 30 تريليون دولار منها 2.4 في المئة للعالم العربي.
أما الإقراض فثلثه عابر للحدود، وبين كل ثلاثة سندات يوروبوندز هناك من يملك واحداً من خارج الدولة المصدّرة...

الأسواق الناشئة: لبنان مثلاً

وكان صندوق النقد الدولي واضحاً في تحذيراته للبنان، فهو كغيره من الأسواق الناشئة التي لا تتمتع بإمكانات كبيرة لاتباع سياسات تخفف من وطأة الأزمة المالية والاقتصادية، وبالتالي لا تتمتع بهوامش واسعة لاعتماد حوافز مالية شديدة أو حتى لخفض معدلات الفائدة في ظل سعر صرف ثابت للعملة المحليّة.
لكن بعض هذه الدول، ومنها لبنان، ستتأثر بسبب عمق ارتباط اقتصاداتها باقتصادات دول الخليج العربي، وبالتالي فإن آثار الأزمة ستنعكس في تحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية المباشرة والإنفاق السياحي والنشاط الاقتصادي... وستكون منافع انخفاض أسعار النفط على الدول المستوردة (مثل لبنان) أقل ممّا يتعرض له نموّها الاقتصادي.
وقد رأى رئيس لجنة الرقابة على المصارف أن لبنان كان قادراً على تحمل الصدمات «لأن هذا ما كان يستمر في العمل عليه منذ عام 1992»، والمقصود أن لبنان كان يركز على تمويل الدين العام من المصارف فأدى هذا الامر إلى تركز دين الدولة بيد المصارف وإلى ارتفاع كلفة التمويل منها فضلاً عن اختلالات اقتصادية بنيوية. وقد كان هذا الامر مصدر تحذيرات متكررة من صندوق النقد الدولي بسبب خطره على المصارف.
(الأخبار)