لم يطل أمد الحملة الدعائيّة التي نفذتها قوات الاحتلال أمس، حين أخلت المستوطنين المتحصنين في منزل عائلة الرجبي، إذ سرعان ما وقفت تتفرج على حملة اعتداءات واسعة للمستوطنين في كل من الخليل ونابلس، شملت إطلاق نار وإحراق منازل، ما أوقع عشرات الجرحى
الخليل ــ الأخبار
أطلق المستوطنون الصهاينة، أمس، حملة اعتداءات على المواطنين الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، بعد تنفيذ قوات الاحتلال حملة إخلاء لمستوطنين من منزل الرجبي، تنفيذاً لقرار من المحكمة الإسرائيلية العليا.
وشنّ المستوطنون، الذين يقيمون في خمس بؤر استيطانية داخل البلدة، هجوماً على السكان الفلسطينيين وأضرموا النار في عشرات المنازل في الخليل. وأفاد شهود بأن عائلات حوصرت في بيوتها ومنعت سلطات الاحتلال الدفاع المدني والإسعاف من الوصول إليها.
وأفادت التقارير بأنّ المستوطنين أحرقوا منزلين ومتجراً في منطقة واد الحصين القريبة من بناية الرجبي، والاعتداء بالضرب على عدد من المواطنين. كذلك أحرق المستوطنون سيارات الإطفاء الفلسطينية. وذكرت وكالة «وفا» الرسمية الفلسطينية أن عشرة فلسطينيين أصيبوا بجروح باعتداءات الخليل، أحدهم في حال الخطر. وأوضحت أن عدداً من المستوطنين، فتحوا نيران أسلحتهم باتجاه تجمع للمواطنين في وادي الحصين بالقرب من مستعمرة «كريات أربع»، ما أدى إلى إصابة ثلاثة فلسطينيين.
وحاول المستوطنون إحراق مسجد بالقرب من تل الرميدة وسط مدينة الخليل عبر إلقاء زجاجات حارقة عليه. وأفاد شهود بأن اعتداءات المستوطنين تحصل تحت مرأى جنود الاحتلال.
وقال الحاج محمد حماد أبو عيشة، في منطقة تل الرميدة، إن مستوطني بؤرة «رمات يشاي» لاحقوا الأطفال وألقوا الحجارة باتجاه البيوت في المنطقة ولم يبلغ عن وقوع إصابات.
وفي منطقة الكرنتينا، التي لا تبعد عن تل الرميدة سوى أمتار، هجم عشرات من المستوطنين على منازل الفلسطينيين. وقال محمود ناصر الدين، أحد سكان المنطقة، إن «جنود الاحتلال، الذين رافقوا المستوطنين، ألقوا قنابل الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بالاختناق».
وبالقرب من مستوطنة «مزرعة فريدمان» في الخليل، هاجم المستوطنون منزل العائلة الفلسطينية الوحيدة التي تسكن بالقرب منها. وقال أحد أبنائها: «أحرق المستوطنون حقلنا المؤدي إلى منزلنا وهدموا أحد الجدران».
وحمّل محافظ الخليل، حسين الأعرج، سلطات الاحتلال مسؤولية تبعات الأحداث الدائرة في الخليل، مشدداً على أن حماية الفلسطينيين العزّل في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية هي من مسؤوليته وعليه أن يتحمل المسؤولية الكاملة عن حياتهم».
وفي نابلس، نقلت مصادر إسرائيلية عن سكان قرية بورين قولهم إن عشرات المستوطنين من سكان مستوطنة «يتساهر» هاجموا منازلهم وأملاكهم بالحجارة وألحقوا أضراراً فيها. وقال أحد مواطني قرية بورين إن قوات الاحتلال ليست موجودة في المكان «لمنع هجمات المستوطنين علينا، ولكن لمنعنا من الرد عليها». وأضاف: «حين حاول شبان القرية التقدم باتجاه التلة التي يحتلها المستوطنون، أطلقت قوات الاحتلال النار باتجاههم لمنعهم من صد المستوطنين وأصبح الجنود والمستوطنون يطلقون النار علينا».
واشتبكت مجموعات من المستوطنين مع الفلسطينين في منطقة مستوطنة شيلو القريبة من نابلس، حيث تصدى الفلسطينيون للمستوطنين واشتبكوا معهم بالحجارة وما طالته أيديهم من الأدوات.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في محافظة نابلس، غسان دغلس: «إن عدداً كبيراً من المركبات تضررت بسبب هجمات المستوطنين»، مضيفاً أن المستوطنين نفذوا هذا الاعتداء على مقربة من قوة عسكرية إسرائيلية كانت تراقب ما يجري من دون أن تحرك ساكناً.
وأضافت المصادر الإسرائيلية أن اعتداءات أخرى سجلت في منطقة رام الله وقلقيلية. وتأتي الاعتداءات بعدما أجلت قوات الأمن الإسرائيلية المستوطنين الذين يتحصنون في مبنى «الرجبي» في مدينة الخليل. واقتحم أكثر من 100 عنصر من قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية المبنى بصورة مفاجئة، حيث استطاعوا الاستيلاء عليه، ثم شرعوا بعد ذلك بإخراج المستوطنين الـ250، واحداً تلو الآخر، مستخدمين قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، لصد المستوطنين الذين رشقوهم بالحجارة والبيض وسوائل التنظيف.
وأتت عملية الإخلاء، بعد فشل اللقاء الذي جمع وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، مع قادة «مجلس المستوطنات» في الضفة الغربية المحتلة. ورفض باراك بعد اللقاء طلب المستوطنين إرجاء عملية الإخلاء إلى حين بت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس المحتلة مسألة الملكية على المبنى.
ويخشى مسؤولو الدفاع الاسرائيليون امتداد توترات الخليل إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية. وكشفت صحيفة «هآرتس» أمس عن وثيقة أعدها المستشار التنظيمي لقيادة الجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الرائد يوتام أميتاي، حذر فيها قائد الجبهة الوسطى، اللواء غادي شمني، من «الخنوع للمستوطنين».


إسرائيل قلقة من جونز

أعربت مصادر أمنية إسرائيلية أمس عن قلقها من تعيين الجنرال الأميركي المتقاعد، جيمس جونز، مستشاراً للأمن القومي في الإدارة الأميركية المقبلة، مشيرة إلى أنه «كان قد اقترح في السابق نشر قوات من حلف الأطلسي في الضفة الغربية، الأمر الذي ترفضه إسرائيل».
وأضافت المصادر، لصحيفة «جيروزاليم بوست»، أن «جونز الذي عمل في العام الماضي مبعوثاً أمنياً لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، اقترح خلال لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين، نشر قوة من حلف الأطلسي في الضفة، خلال الفترة الفاصلة ما بين انسحاب الجيش الإسرائيلي في إطار تسوية سياسية مع الفلسطينيين، تمكن قوات السلطة الفلسطينية من قمع النشاط الإرهابي» فيها.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى، ممن التقوا جونز في السابق خلال زياراته الأخيرة لإسرائيل، إنه «يقترح خطة يظن أنها تبدد مخاوفنا، لكنها على الأرجح لن تنجح»، بينما أضاف ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي أن «فكرة الأطلسي سيئة، ولا دولة في العالم استطاعت أن تتعامل مع الإرهاب بنجاح كما فعلت إسرائيل»، مشدداً على أن «هناك حاجة دائمة لمواصلة القتال، ولن يكون باستطاعة الأطلسي أن يعمل ذلك أو أن يكون راغباً في تعريض حياة جنوده للخطر، من أجل المدنيين الإسرائيليين».
وقالت الصحيفة إن عدداً من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أشاروا إلى أنّ من غير المحتمل أن ينشر «الأطلسي» قواته في الضفة الغربية، قبل توقيع اتفاق سلام نهائي.
(الأخبار)