يديعوت أحرونوت ــ سيما كدمونوجهُ بنيامين نتنياهو لم ينمّ هذه المرة عن شيء. عندما صعد فجراً إلى المنصة في حدائق المعارض وعرض «المنتخب الأفضل الذي يمكن أي حزب أن يجلبه إلى الدولة»، كدنا نقتنع. ولكن الهواتف والمشاورات الحثيثة التي تواصلت حتى الصباح تدل على ما يجري خلف الكواليس.
يتبين أن نتنياهو سرعان ما فهم أن منتخب الأحلام، الذي أمل عرضه، وعمل على نحو مثير لأجله في الأسابيع الأخيرة، نبت له ورم. وليس مجرد ورم، بل من النوع الذي سيشوه جمال القائمة.
كان نتنياهو يتطلع إلى أن يعرض قائمة متوازنة. خليط من اليمين واليسار، القدامى والجدد، وبالأساس: إبقاء فايغلين ورجاله خارجها. هذا التوازن لم يُخرَق أمس، فقط لإيصال فايغلين إلى المكان العشرين في القائمة، ليكون جزءاً من كتلة الليكود في الكنيست، ولا حتى أيضاً لأن جزءاً هاماً من رجال نتنياهو لم يحققوا إنجازات كافية، أو حتى لم يدخلوا إلى القائمة. التوازن خرق أساساً لأن القائمة التي انتخبها منتسبو الليكود تدل على عودة المتمردين. تلك المجموعة من الأشخاص الذين نغّصوا عيش أرييل شارون وحاولوا منعه من تنفيذ خطوات سياسية. والفارق هو أنه إذا كانت هذه المجموعة يقودها في الماضي عوزي لنداو، فإن هذه المرة سيكون فايغلين هو الذي يحافظ على التسويغ للكتلة وهو الذي سيحاول فرض مواقفه على الليكود.
وهذا هو السبب الذي جعل ابتداءً من فجر أمس كل العقول في قيادة الحزب تعمل لإيجاد طريقة تخرج فيها فايغلين من المكان العشرين إلى أسفل القائمة. ولحسن الحظ، وجد نص في دستور الليكود، جرب ذات مرة في انتخابات 2003، حين انتخب أولمرت في هوامش القائمة القطرية ونقل حتى المكان الـ 33، بعد الأقاليم، ومعه ريفلين إلى المكان الـ 37. وإذا ما طبقت هذه القاعدة هذه المرة أيضاً، فإن فايغلين سيهبط إلى ما وراء جبال الظلام، بعد الأقاليم والقطاعات، في مكان ما هناك في المكان الـ 35، ومعه أيضاً ميخي رتسون وإيهود ياتوم.
هذه بشرى طيبة لنتنياهو، الذي يشعر بأنهم سرقوا له الحزب. فبدلاً من حزب يميني مع توجه نحو الوسط، حصل على حزب يميني ـــــ صقري. ومن فكّر بالانضمام من قوى معتدلة مثل مريدور، حيفتس ودايان، فمن شأنه أن يدير له ظهر المجن متجهاً نحو كديما.
غير أن هذا حالياً لم يحصل: حسب استطلاع أجراه معهد «داحف» برئاسة مينا تسيمح فقد الليكود مقعداً واحداً فقط، وهو يبلغ اليوم 31 مقعداً. إذا كان هذا هو ثمن القائمة التي انتخبت أمس، فإن بوسع نتنياهو بالتأكيد أن يكون راضياً. من السابق لأوانه القول منذ الآن، لكن يبدو أن الجمهور لم يذعر تماماً من القائمة الفايغلانية التي عرضها الليكود. أما كديما بالمقابل، فنزل مقعدين، وهو يبلغ 24 مقعداً. وسيتعين عليه أن يعرض منتخباً لامعاً في تمهيديته الأسبوع المقبل كي يغير الميل. وسجل لحزب العمل إنجاز جميل، وهو يرتفع من 8 مقاعد إلى 11. يبدو أن التمهيدية الناجحة نسبياً والقائمة المتوازنة أعادت بعض المقاعد من «كديما» إلى «العمل». ومن غير المستبعد أن يكون لإخلاء الخليل، الذي عُدَّ عملية ناجحة لباراك، نصيب في ذلك.
مهما يكن من أمر، فلن يكون الحال سهلاً على «الليكود» في الفترة القريبة. شهرين قبل الانتخابات، ورئيس «الليكود» يختبر في أمرين: هل يوجد حوله قيادة جدية ستساعده في إدارة الدولة؟ وهل الكتلة التي يصل معها إلى الكنيست ستسمح له، حين تسمح له الظروف، في أن يتخذ القرارات السياسية. شارون كان مستعداً لأن يصطدم مع تلك الكتلة التي رفضت إعطاءه إمكان التقدم بمصالح الدولة. فهل سيكون نتنياهو قادراً على أن يفعل ذلك؟