مدّتها 25 عاماً وتقوم على الإنتاج عبر الغاز والفحم
يواجه العديد من الدول النامية مشكلات تتعلق بالكهرباء، لكن مشاكل لبنان تتجاوز مجرد الأعطال الفنية. فقد أشار تقرير للبنك الدولي هذا العام إلى فساد ومصالح خاصة في هذا القطاع في لبنان، وذكر التقرير أن مشكلات قطاع الكهرباء أمر معتاد في الدول التي يوجد فيها «العديد من المنتفعين من الأعطال في الوضع الراهن... تتراوح بين الفساد في تدفّقات المدفوعات أو المشتريات، إلى شراء أصوات الناخبين بكهرباء مجانية والتربح من انقطاع الكهرباء»... فقد تحوّل الغضب من انقطاع الكهرباء إلى أعمال عنف في كانون الثاني الماضي عندما قتل الجيش ثمانية محتجّين في ضواحي بيروت الجنوبية، ما أشعل اضطرابات سياسية واسعة. وهدأ التوتر منذ أن توصلت الفصائل المتناحرة إلى اتفاق على حكومة وحدة وطنية في أيار الماضي، لكن الاستياء المزمن من قطاع الكهرباء لم يحلّ.

بين الدعم والإنتاج

ويقول صندوق النقد الدولي إن دعم الكهرباء يوازي ما يعادل أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي. وقد أنشأ لبنان محطتين لتوليد الكهرباء تعملان بالغاز الطبيعي عام 1996، لكنه ما زال يفتقر إلى إمدادات الغاز ويديرهما بالديزل المرتفع الثمن. وتستخدم المولدات القديمة زيت الوقود الأعلى ثمناً. وتلبي شركة كهرباء لبنان الحكومية ثلثي الطلب في وقت ذروته. ويضيع نحو ثلث الكهرباء التي تنتجها في التوزيع أو لا تحصل على ثمنها.
ولكن كيف يمكن إعادة هيكلة مرفق يعمل فيه ألفا موظف، متوسط أعمارهم 58 عاماً وتم تثبيت أسعار خدماته في عام 1996 عندما كان سعر برميل النفط 21 دولاراً؟ يقول الوزير آلان طابوريان لـ«رويترز» إن «أهم المشاكل لدينا اليوم هي عدم وجود كمية إنتاج تكفي لنقدم الكهرباء 24 ساعة على 24 ساعة. لذلك يجب أن نزيد إمكانيّة الإنتاج ثم نقوم بتغيير المصانع تدريجاً، وخصوصاً أن المعدات الموجودة قديمة جداً إذ إن عمرها بين 25 و40 سنة ولدينا الكثير من المعدات التي تعمل على الغاز غير المتوافر لدينا».
ويتعالى ضجيج المولدات الخاصة التي تعمل في المتاجر والمنازل والمصانع وقت انقطاع الكهرباء. ويقول البنك الدولي إنها كلفت القطاع نحو 400 مليون دولار العام الماضي. وتكشف الأسلاك المتشابكة بين المباني عن وصلات كهرباء غير مشروعة ولا يجري قياسها. ومن المفترض أن تدفع الوزارات والجيش والشرطة والمستشفيات الحكومية ثمن ما تحصل عليه من كهرباء، لكن القليل من هذه الجهات يدفع. وأظهرت بيانات وزارة المال أن دعم إنتاج كهرباء لبنان كلّف الحكومة نحو 1.2 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من عام 2008 أي أكثر من 15 بالمئة من إنفاقها وخمس إيراداتها. وارتفعت تكاليف الوقود المستورد مع ارتفاع أسعار النفط العالمية مقتربة من 150 دولاراً للبرميل في تموز الماضي قبل أن تنهار.
وقال طابوريان إن محطات الطاقة القائمة قديمة ولا تجرى لها الصيانة المطلوبة وغير مناسبة للوقود المتاح. وكانت سوريا تمد لبنان بالغاز الطبيعي في بادئ الأمر لوحدتين حديثتين تعملان بالغاز، لكنها الآن تعاني هي نفسها من نقص الوقود فتحوّل لبنان إلى مصر. وبعد تأجيل متكرر وعد المصريون بتوصيل أول شحنة غاز في يناير كانون الثاني المقبل. ولفت طابوريان ألى أنه «للأسف خفضوا الكمية إلى نصف ما طلبناه في بادئ الأمر... وهذا يعني أن مولّدين فقط في محطة واحدة سيعملان بالغاز».

ارتفاع معدّل السرقات

وقدّر طابوريان الخسائر التقنية لنظام التوزيع بنحو 15 في المئة. وقال «الخسائر غير التقنية (أي السرقة) بلغت نحو 22 في المئة»، معتبراً أن الاضطرابات السياسية في لبنان عززت هذه الخسائر، بعدما شهدت تراجعاً بين عامي 2000 و2002 من 40 إلى 17 في المئة. وتدرس الوزارة إعادة هيكلة النظام القديم لتسعير الكهرباء دون المساس بدرجة كبيرة بالمستهلكين الفقراء.
وقال طابوريان إن خيار خصخصة الشركة الذي نوقش على نطاق واسع غير متاح الآن. وأضاف «أولاً يتعيّن أن تعمل الشركة بناءً على القواعد التجارية فيمكنها التعيين والعزل». وذكر أنه يرى أن المشاركة مع القطاع الخاص هي السبيل إلى الجمع بين قدرة القطاع العام على توفير المال ومهارة القطاع الخاص في بناء وتشغيل المشروعات. ويهدف طابوريان إلى وضع خطة استراتيجية للكهرباء مدتها 25 عاماً، ومن شأن هذه الخطة أن تحدد السياسة بخصوص مستقبل مصادر الطاقة. ولكل من الفحم والغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال والمصادر المتجددة.
(رويترز)