زيارة الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، إلى سوريا، هي الثانية في غضون أشهر، لكنها حملت هذه المرّة مؤشرات انفتاح أميركي على دمشق
دمشق ــ سعاد مكرم
بدأ الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، أول من أمس، زيارة إلى دمشق، استهلها بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بحث معه عملية السلام والمحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، قبل أن يلتقي رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، وفي جعبته ملفات التهدئة، والحصار، والمصالحة الفلسطينية الداخلية، فضلاً عن ملف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط في قطاع غزة.
ونوّه الرئيس السوري بجهود ضيفه «لتفعيل عملية السلام في المنطقة»، فيما أعرب كارتر عن أمله في «أن تنخرط الإدارة الأميركية الجديدة في عملية السلام»، مؤكداً أن «تحقيق أي تقدم في هذه العملية من شأنه أن يسهم إسهاماً كبيراً في استقرار المنطقة والعالم».
وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أنه جرى استعراض الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عموماً وفي غزة خصوصاً. كما دار الحديث حول العلاقات السورية ـــ الأميركية، وآفاق تحسينها بعد تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما الحكم في 20 كانون الثاني المقبل خلفاً لجورج بوش.
وعقد الرئيس الأميركي الأسبق مؤتمراً صحافيّاً في القصر الجمهوري السوري عقب لقائه الأسد، أعرب خلاله عن أمله في أن «تبدأ العلاقات بين دمشق وواشنطن وأن يتم افتتاح المركز الثقافي والمدرسة الأميركية بوقت مبكر في دمشق لأن 90 في المئة من طلابهما من السوريين». وأكّد أنه «بحث مع الأسد واقع السفارة الأميركية عند تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما الإدارة وعودة السفير الأميركي إلى دمشق بأسرع ما يمكن». وتمنى أن «يقدّم أوباما صورة جديدة للسلام والتعاون مع أصدقائنا وحلفائنا وإجراء الاتصال والحوار مع مختلف الدول ومتابعة عملية السلام».
كما أكّد كارتر وجوب أن «تنسحب إسرائيل من الأراضي المحتلة في فلسطين والجولان السوري ولبنان وأن يتم ذلك من دون تأخير»، مشيراً إلى أن «إسرائيل راغبة في مباحثات حول الجولان وأعتقد بأنهم صادقون في السلام مع سوريا، وستكون المباحثات المقبلة صعبة»، مشيراً إلى أن المباحثات بدأت برعاية وتنسيق من تركيا.
وعن الملف الفلسطيني المتشعّب، تمنّى الضيف الأميركي أن «تجري المصالحة بين حركة فتح وحماس، لأن مصر حتى الآن لم تستطع تقريب وجهات النظر بينهما». كما تمنّى «تحقيق سلام دائم مع إسرائيل، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين إسرائيل والفلسطينين».
وحول لقائه بحركة «حماس»، الذي تم خلال الزيارة الماضية إلى دمشق في نيسان الماضي، أكّد كارتر أنه «إذا تم الاتفاق على السلام بين إسرائيل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فإن حماس ستقبل به، وقد حصلنا منهم على الموافقة على الهدنة، كما حصلنا على رسالة من شاليط ونقلناها إلى أهله وسنستمر على الخط نفسه ونريد تحقيق مصالحة بين فتح وحماس».
كما تطرق الرئيس الأميركي، الآتي من بيروت، خلال المؤتمر الصحافي، إلى ملف التبادل الدبلوماسي اللبناني السوري، متوقعاً أن «يتم التبادل الدبلوماسي بين سوريا ولبنان وتسمية السفراء نهاية هذا العام». وقال «سأعود إلى لبنان في أواخر أيار ومطلع حزيران لأراقب الانتخابات النيابية اللبنانية».
وتابع الرئيس الأميركي الأسبق زيارته بلقاء مشعل وسط تكتم إعلامي شديد. وبحسب مصادر فلسطينية، فقد تركزت المباحثات على بحث الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في غزة والأوضاع المأسوية التي يعيشها سكان القطاع بسبب الحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية. وموضوع التهدئة مع إسرائيل وملف جلعاد شاليط، إضافة إلى بحث قضايا تتعلق بالمصالحة الفلسطينية ـــ الفلسطينية. وشارك في الاجتماع عضوا المكتب السياسي لـ«حماس» موسى أبو مرزوق ومحمد نصر.
وعن أهمية مباحثات كارتر مع «حماس»، ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الأخبار» أن «الحركة لن تعطي شيئاً ما لم تأخذ شيئاً، لا بخصوص شاليط ولا بخصوص التهدئة». وأضافت أن اللقاء كان مفيداً لجهة إطلاع كارتر على وجهة نظر «حماس»، إلا أنه لم يسمع في الاجتماع «مواقف من حماس تختلف عن مواقفها المعلنة، والتي تتمثل في ما إذا كانت إسرائيل تنوي التصعيد فإن المقاومة ستردّ على ذلك».
وهذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها كارتر إلى سوريا هذا العام، وكان قد التقى أيضاً في دمشق رئيس المكتب السياسي للحركة في نيسان الماضي. وهو ما أثار حينها انتقادات واسعة في واشنطن وتل أبيب.