غزة ــ قيس صفديالقاهرة ــ الأخبار
مع اقتراب موعد انتهاء اتفاق التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الجمعة المقبل، تسارعت مواقف الجانبين بين الرغبة الحذرة في التمديد، والتهديد المباشر باللجوء إلى الوسائل العسكرية. إلاّ أن تصريحات الفريقين أظهرت ضياعاً في اتخاذ موقف نهائي، وانتظار كل طرف الآخر.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، خلال لقائه الرئيس النمساوي هاينز فيشر أمس، أنه «إذا ساد الهدوء، فسيقابل بالهدوء، لكن إذا خُرقت التهدئة فسنتصرف بصورة صحيحة، بالطريقة الصحيحة، وفي المكان الصحيح»، مضيفاً أنه «لا يرتدع عن شن عملية في غزة». وأوضح في الوقت نفسه قائلاً: «أنا لا أُهرول إلى غزة أيضاً».
ويأتي كلام باراك في الوقت الذي دخلت فيه مسألة التهدئة مع «حماس» في البازار الانتخابي، إذ قالت وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، إن «إسرائيل لا يمكنها أن تبقي غزة لحكم حماس». وأضافت أن «كل نار من غزة تلزمنا بالرد وذلك لحماية مواطنينا».
وفي أعقاب موقف باراك، صدرت تصريحات عن سياسيين إسرائيليين طالبت بضرورة وقف التهدئة. وأعلن وزير الإسكان زئيف بويم (كديما)، أنه «يتعين الخروج فوراً في عملية واسعة ضد غزة، حتى قبل انتهاء فترة سريان التهدئة»، مضيفاً: «كانت التهدئة أسوأ من حال القتال، وظهرت كَوَهْم خطير».
في المقابل، قال وزير البنى التحتية، بنيامين بن أليعزر (العمل)، إن «باراك يقف في وجه طبول الحرب التي تقرعها ليفني و(نائب رئيس الحكومة) حاييم رامون. هذه سياسة رخيصة عشية الانتخابات». وأضاف: «السؤال هو هل ينبغي القيام بذلك؟ كل الذين يضغطون نسوا مصطلح المسؤولية القومية».
في السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «التهدئة تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأن الطرفين يتقدمان بخطوات سريعة نحو مواجهة مسلحة واسعة النطاق». وأوضحت أن «هذا الموقف هو استنتاج المؤسسة الأمنية في إسرائيل». وأضافت الصحيفة أنه «إذا كان ثمة من لا يزال يوهم نفسه بإمكان الانتقال السلس من التهدئة «أ» إلى التهدئة «ب»، فقد تبدد أيضاً هذا الأمل الهزيل».
هذا الضياع في الموقف الإسرائيلي من التهدئة، وإن مال إلى التصعيد، ظهر عكسه في زيارة رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، إلى القاهرة، التي غادرها أمس، إذ نقل وجة نظر الحكومة الإسرائيلية التي تميل إلى مواصلة التهدئة.
وقال جلعاد، بعد لقائه رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، إن «اتفاق التهدئة في قطاع غزة غير محدد زمنياً ولا داعي لمناقشة تمديده مرة أخرى»، موضحاً أنه «عندما وافقنا على التهدئة قبل ستة أشهر، كان مفهوماً بوضوح أنه لن يكون هناك مهلة محددة. وبالنسبة إلى إسرائيل، لا معنى لموعد 19 كانون الأول». ولفت إلى أن «التهدئة مستمرة وجيش الدفاع الإسرائيلي يتهيأ لاحتمال تصاعد الموقف»، مشدداً على «أهمية أخذ جميع انعكاسات إعادة الاستيلاء على قطاع غزة بالحسبان».
موقف عدم الحسم من التهدئة أعلنته حركة «حماس» أيضاً، إذ قال المتحدث باسمها طاهر النونو لـ«الأخبار»، إنه «لم يُتَوَصَّل إلى موقف نهائي. الموضوع قيد الدراسة بين حماس وفصائل المقاومة». وأكد أن «المزاج العام للفصائل والشارع الفلسطيني يرفض تمديد التهدئة بالآلية السابقة نفسها، فقد جرب شعبنا التهدئة وكانت النتيجة زيادة الحصار وتشديد الخناق».
وشدد النونو على أنه «لا يمكن تكرار تجربة فاشلة»، مستدركاً بقوله: «لكننا مستعدون لدراسة أي معطيات جدية مختلفة عن التجربة السابقة التي عايشناها على مدار الشهور الستة الماضية». وقال: «إذا اختار الاحتلال المواجهة فنحن مستعدون لها، ونشدد على أنه ما دام هناك احتلال ستبقى المقاومة».
وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن «مصر لم تجر حتى اللحظة أي اتصالات بحماس وفصائل المقاومة بغية تمديد اتفاق التهدئة»، فيما ذكرت مصادر في القاهرة أن «وفداً مصرياً سيصل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في غضون أيام لعقد سلسلة من الاجتماعات مع مختلف الفصائل الفلسطينية، للتعرف إلى موقفها من عدم رغبة حماس في تمديد هذه المهلة».
ميدانياً، اعتقلت الزوارق الحربية الإسرائيلية الصيادين الشقيقين وائل وجهاد أبو ريالة، بينما كانا على متن قارب صغير على بعد ثلاثة أميال مقابل شاطئ منطقة «السودانية» شمال مدينة غزة.
في السياق، أعلنت مصادر طبية مقتل الشاب محمود الأخرس (22 عاماً) جراء انهيار النفق الذي يعمل فيه على تهريب البضائع من مصر إلى غزة.
وفي ما يتعلق بالحصار، قالت مصادر فلسطينية إن «سلطات الاحتلال فتحت المعابر التجارية الثلاثة في غزة، وسمحت بدخول عشرات الشاحنات المحملة المساعدات الإغاثية والبضائع والوقود». ووافقت السلطات المصرية على «عودة 40 مريضاً فلسطينياً من خلال معبر رفح البري المغلق، بعد فتحه استثنائياً لدخول المرضى العائدين من رحلات علاج خارجية».