Strong>على هامش الحملات المتضامنة مع منتظر الزيدي، استنفرت القوى العراقية المعادية للاحتلال قواها للدفاع عنه، قضائياً وإعلامياً وسياسياً، بعدما بات شخصيّة عالميّة، جعلت جورج بوش يقرّ بأنه شعر بما لم يختبره طيلة حياته السياسيةقرّرت نقابة المحامين العراقيين، أمس، العمل بالتعاون مع نقابة الصحافيين، على إنقاذ منتظر الزيدي. وقال نقيب المحامين، ضياء السعدي، إن النقابة قررت الوقوف إلى جانب مراسل قناة «البغدادية» في الدفاع عن حقوقه القانونية، في حال مساءلته أمام القضاء.
وبرّر السعدي موقف نقابته بأنه «ينسجم مع منطلق صيانة الحق في التعبير عن رفض الاحتلال العسكري الأميركي للعراق»، حيث ستؤلّف لجنة من المحامين للدفاع عن الزيدي، وصل عدد المتطوّعين فيها إلى 200 محامٍ.
غير أنّ نقابة الصحافيين في إقليم كردستان، كان لها رأي آخر تجاه «الصحافي الذي أساء الأدب في التعامل مع الضيف». كذلك كان موقف «المركز الوطني للإعلام» التابع لأمانة مجلس الوزراء العراقي، والذي أصدر بياناً دان فيه «اعتداء الصحافي على بوش».
ووصف بيان المركز الحكومي تصرّف الزيدي بأنه «همجي مشين لا يمتّ الى الصحافة بصلة». وبدل أن يصرّ على سلامة الزيدي الجسدية، فقد طالب بأن تقدّم قناة «البغدادية» «اعتذاراً معلناً عن هذا العمل الذي أساء الى سمعة الصحافيين العراقيين والصحافة عموماً».
غير أنّ القناة، التي يعمل فيها الزيدي، لم تعتذر. بل على العكس أصدرت بياناً يحثّ السلطات العراقية على إطلاق سراح مراسلها «تماشياً مع الديموقراطية وحرية التعبير التي وعد العهد الجديد والسلطات الاميركية العراقيين بها».
وأوضح بيان الفضائية، التي تبثّ من القاهرة، أن «أي إجراء يتخذ ضد منتظر، إنما يذكر بالتصرفات التي شهدها العصر الدكتاتوري وما اعتراه من أعمال عنف واعتقال عشوائي ومقابر جماعية ومصادرة للحريات الخاصة والعامة».
وعن الموقف القانوني لوضع الزيدي، كشف المحامي طارق حرب أنه «إذا كيّفت الجريمة كاعتداء وفق المادة 314 من قانون العقوبات العراقي، فبذلك يشترط أن يتقدم الرئيس الاميركي بوش بشكوى» شرطاً لمحاكمته.
وأشار المحامي حرب، الذي يحظى بشهرة لتحليلاته في قضية محاكمة صدام حسين، إلى أنه «اذا كيّفت القضية على أنها إهانة لرئيس دولة ضيف، فإن عقوبتها لا تتجاوز سنتين وفق المادة 227 من القانون». أما إذا اعتبرت جريمة شروع بالقتل على رئيس دولة أجنبية يزور العراق، فعقوبتها تصل الى 15 سنة سجن وفق المادة 227 من قانون العقوبات العراقي.
غير أن حرب رجّح إخلاء سبيل الزيدي، «لأن صاحب العلاقة (في إشارة إلى بوش) أكد أن ذلك يدخل في حرية التعبير وأن قصده (الزيدي) جلب الانتباه إليه وهذه حرية الاعلام التي علموها للصحافيين العراقيين».
وفي السياق، أعلن الرئيس السابق لهيئة الدفاع عن الرئيس الراحل صدّام حسين، خليل الدليمي، أن نحو 200 محام عربي وأجنبي، بينهم أميركيون، أبدوا استعدادهم للدفاع عن الصحافي العراقي. ولفت إلى أن «العمل يجري على قدم وساق من أجل إنشاء هيئة دولية للدفاع عن الزيدي».
وكشف الدليمي أن «العمل يجري بالتنسيق مع اتحاد المحامين العرب وكل منظمات ونقابات المحامين في الدول العربية ولا تزال الاتصالات مستمرة ولا أزال أتلقى المكالمات الهاتفية فالكل يريد المشاركة في الدفاع عن الزيدي».
وأوضح المحامي أن فريقاً سيستند في دفاعه «إلى أن غزو العراق غير مشروع وقد تم على أساس باطل وأن مجيء بوش الى العراق كمحتل كان يجب أن يقاوم بكل الوسائل بما في ذلك الاحذية».
وفضّل الدليمي، الذي يستقرّ في عمّان، توجيه طلبه بإخلاء سبيل الزيدي إلى الولايات المتحدة، «لأنها البلد الذي لا يزال يحتل العراق وهم الطرف الحاكم الفعلي في البلد الذي فقد سيادته».
بدوره، شدّد رئيس جمعية ضحايا سجون الاحتلال الاميركي في العراق، علي القيسي، على أنه «لطالما استخدم الاميركيون الاحذية ضد العراقيين لإهانتهم وكان هذا أمراً طبيعياً بالنسبة إليهم». وخلص إلى اعتبار أنه «يجب إلقاء القبض على كل الجنود الاميركيين الذين استخدموا أحذيتهم في إهانة العراقيين ويجب القبض على من أعطاهم الاوامر للقيام بذلك بمن فيهم رئيسهم بوش».
في المقابل، واصل الرئيس الأميركي تعاطيه «المرح» مع «الحادث الأكثر غرابة الذي عاشه خلال ولايتيه الرئاسيتين». وعلّق بروح الفكاهة على حادثة المنطقة الخضراء، قائلاً من كابول «لا أعرف ما قاله الرجل، لكنني رأيت حذاءه».
وفي طائرته المتوجّهة إلى أفغانستان، أشار بوش، في حديثه إلى للصحافيين، إلى أنّ الحادث ذكّره بحادث قاطعت فيه متظاهرة من حركة فالوغونغ المقموعة في الصين، حفل استقبال الرئيس الصيني هو جينتاو أمام البيت الابيض.
ووصف بوش شعوره بعد تعرّضه لـ«نيران» الأحذية بأنها «كانت مجرد لحظة غريبة، وقد عرفت لحظات غريبة أخرى خلال عهدي الرئاسي. أذكر حين كان هو جينتاو هنا كان يتكلم، فجأة سمعت جلبة، لم يكن لديّ أي فكرة عما كان يجري، لكنني رأيت تلك المرأة من فالونغونغ تصيح بأعلى صوتها. كانت لحظة غريبة أيضاً».
وحين شارك بوش بعيد وصوله الى كابول في مؤتمر صحافي مع نظيره حميد قرضاي، كان الصحافيون يتساءلون إن كان حذاء آخر سيتطاير في اتجاهه. غير أن الحادث لم يتكرّر، رغم محاولات صحافي أفغاني تحريض أحد زملائه من العاملين في التلفزيون بالقول «لماذا لا تقدم على ذلك الآن؟ هيا».
وإن كانت الإجراءات الأمنية صارمة كالعادة قبل الدخول الى القصر الرئاسي لحضور المؤتمر الصحافي، فإن الأحذية لم تكن موضع ترتيبات خاصة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)