ثلاثة مشاريع لتحسين إدارة واستثمار الموارد المائيةمحمد وهبة
دعت وزارة الطاقة والمياه ممثلي الجهات المانحة إلى الإسهام في ثلاثة مشاريع مائية بكلفة إجمالية تبلغ 10 ملايين دولار، وهي تهدف إلى تحديد معطيات وإحصاءات دقيقة عن الموارد المائية في لبنان وتطوير استراتيجيات خاصة بها. وتنطلق هذه المشاريع من الاحتمالات التي تشير إلى حصول شحّ في موارد لبنان من المياه في عام 2025، ما يؤدي إلى تدني نصيب الفرد من المياه، كذلك فإنها مبنيّة على استهلاك القطاع الزراعي للموارد المائية، إذ إن ري 90 ألف هكتار أرض زراعية في لبنان يستحوذ على 64 في المئة من الموارد، فيما تتوزع مصادر الري بنسبة 30 في المئة من المياه الجوفية وبنسبة 70 في المئة من المياه السطحية.

المشاريع الثلاثة

وتبيّن الورقة الموزعة عن المشاريع الثلاثة أن كلفة مشروع «إدارة جودة المياه» تبلغ 3.2 ملايين دولار، ويهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات لنوعية المياه والمصادر المحتملة للتلوث، وتطوير برنامج رصد نوعية المياه. أما المشروع الثاني، وهو «إدارة حوض النهر المتكاملة» فإن كلفته 4.8 ملايين دولار، وينطلق من الخطة العشرية للوزارة التي تضم أحواض 17 نهراً في لبنان، ويهدف إلى التنسيق بين المحافظة على المياه والأرض والموارد المتعلقة بهما ضمن حوض معين وإدارتهما وتنميتهما ويتضمن ثلاث مراحل منها توثيق المعلومات وتخطيط الأهداف ذات الأولوية والتدخل المرتبط بتنفيذ المشروع بعد توفير الدعم المالي. ويشمل المشروع الثالث، «استراتيجية إعادة استخدام النفايات السائلة» استخدام المياه الآسنة التي تمت معالجتها في مصانع التكرير في ري الأراضي الزراعية، على أن تُجمع قاعدة بيانات عن حجم مياه الصرف المعالجة ونوعيتها والمناطق الزراعية المحتملة التي يمكن ريها، وتطوير استراتيجية إعادة الاستخدام، ورفع الوعي البيئي المتعلق بهذا الموضوع.
وتنطلق هذه المشاريع من وجود مشكلة زراعية، ولذلك خُصِّص مشروع كامل لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي التي تذهب إلى الأنهار والمياه الجوفية والبحر، وذلك عبر 25 مصنعاً لمعالجة هذه المياه الناتجة من المدن الأساسية، فيما هناك 30 مصنعاً عاملاً.

إطار لإدارة المشاريع

ونالت هذه المشاريع حصة كبيرة من النقاش بين الخبراء والمختصين في المؤتمر الذي عقد أمس في فندق بادوفا ــ سن الفيل بدعوة من وزارة الطاقة والمياه بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو»، وقد أطلق هذا النقاش وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان حين قال إن هذه المشكلة، بحسب ما تبيّن له بعد تسلمه الوزارة، «أكثر تعقيداً من مشكلة الكهرباء. وإذا ما أقررنا بأن لبنان سيعاني ندرة المياه في عام 2025، فهناك تحديات عدّة تتعلق بالكمية والنوعية، وبالتالي لا بد من وجود إدارة متكاملة وفاعلة للموارد المائية».
والتحدي الأول هو في الجهة التي ستكون مسؤولة عن إدارة هذه الموارد، فقد اقترح وزير الزراعة السابق طلال الساحلي أن يكون هناك إطار وجهة واحدة لإدارة المياه تكون مسؤولة عن كل ما يتصل بالمشاريع في هذا القطاع، ولا سيما أن هذا القطاع يتصل بأربع جهات على الأقل، هي: وزارات الطاقة والمياه، البيئة، الزراعة والصحة، مؤسسة ليبنور، المشروع الأخضر...
وانسجم فريد كرم (من وزارة الصحة) مع طرح الساحلي، وسأل عن كيفية استفادة الإدارات الحالية من هذه المشاريع والدراسات الناتجة منها، فهل سيكون هناك توزيع ثانٍ لإدارة المياه بعدما جُمعت مصالح المياه في مؤسسة واحدة لكل محافظة؟
لكن طابوريان كان قد لفت إلى أن القطاع الخاص مدعو إلى المشاركة مع القطاع العام في إدارة القطاع المائي في لبنان من دون أن يحدد تفاصيل هذه المشاركة، غير أنه أشار إلى أن أهدافها تتصل بتخفيف الخسارة المائية واستدامة الموارد. فاستكمل المدير العام للموارد المائية فادي قمير توضيح الأمر وردّ بأن الدولة الفرنسية دمجت بين وزارات عدة لتصل إلى إدارة الأحواض المائية، مشيراً إلى أن هدف اللقاء مع الدول المانحة والمعنيين هو بلورة آلية إدارة المياه انطلاقاً من طرح هذه المشاريع الثلاثة على الجهات المانحة، ولاسيما أن الدراسات تهدف إلى الالتزام بـ«التوجيهات الأوروبية» وحينها ستأتي المساعدات.

إحصاءات ومعطيات مفقودة

ومن أبرز الثُّغَر التي تسعى المشاريع إلى سدّها، باعتبارها عقبات أساسية، بحسب النقاش الذي دار في المؤتمر، عدم وجود بعض المعطيات والإحصاءات المتعلقة بالموارد المائية في لبنان بصورة كاملة، فضلاً عن وجود معلومات مبعثرة وغير دقيقة. وقد أثار هذا الأمر استغراب كرم الذي تطرق إلى عدم تدقيق المعلومات التي ترد في الدراسات.
وبحسب المدير العام لوزارة الزراعة، سمير الشامي، فإنه باستثناء مشروع «إدارة حوض النهر المتكاملة» لا وجود لأي معطيات واضحة وموثقة عن حجم مياه الصرف المعالجة ونوعيتها وعن نوعية المياه الجوفية ونوعية الموارد المائية ومصادر التلوث. وقد أوضح الخبير سليم صراف أن بعض المعطيات موجودة، لكن بصورة مبعثرة ومقسّمة، فيما بعضها الآخر غير موجود مطلقاً مثل المياه الجوفية وكل ما يتعلق بالثلج.

الدول المانحة

وبحسب طابوريان، فإن هذا الاجتماع يهدف إلى جمع الأموال لتحقيق هذه المشاريع، ويرى قمير أن المطلوب من هذه الجهات التعاون مادياً وفكرياً ولوجستياً مع الوزارة لوضع تقرير أولي يحدد العناصر المطلوبة من هذه المشاريع وكلفتها بدقة وجديّة، علماً بأن الشراكة مع القطاع الخاص ستتضمن بعض مهام الإدارة والتنظيم.
وقال ممثل منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» في لبنان علي مؤمن إن الكثير من المؤسسات المالية والمانحين دعموا لبنان بعد حرب تموز 2006، لكن المشاريع المعروضة اليوم هي مشاريع هيكلية للقطاع المائي وهي تندرج ضمن سياسة حكومية ولكنها تتطلب مساعدة شركاء.


300 مليون متر مكعب

هي كمية المياه الآسنة التي تصب في البحر المتوسط من لبنان، وفي حال الاستفادة من إعادة تكرير هذه الكميات في ري الأراضي الزراعية ومن إدارة الأحواض النهرية، يمكن أن تصل المساحات القابلة للري إلى 200 ألف هكتار بحسب المدير العام للموارد المائية فادي قمير.


«توثيق» 15 حوضاً نهرياً