بعدما أعلنت المحكمة الإسرائيلية أنّ قاتل الحيفاوي عماد خوري، «مختل عقلياً»، عادت المحكمة نفسها لتقرر أن قاتل سائق سيارة الأجرة المقدسي، تيسير كراكي، هو «مختل عقلياً» أيضاً. أمر اليوم واضح: كل من يقتل عربياً هو مختل!
حيفا ــ فراس خطيب
كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أنّ جوليان سوفير، قاتل سائق سيارة الأجرة الفلسطيني المقدسي، تيسير كراكي (35 عاماً)، سيخرج «بريئاً» بعدما اقترف جريمته قبل عام ونصف، بحجة «عدم وعيه أثناء تنفيذ جريمة القتل».
ويأتي القرار على الرغم من اعتراف القاتل بقيامه بالجريمة على «خلفية قومية». وقد ردّت المحكمة، أول من أمس، طلب النيابة العامة تعيين لجنة من الاختصاصيّين النفسيين، لتقرر ما إذا كان سوفير مؤهلاً للمحاكمة أم لا. وبهذا القرار، تكون المحكمة قد تبنّت شهادة الاختصاصيّين الذين رأوا أن سوفير ليس أهلاً للمحاكمة. وبدلاً من أن يجلس القاتل في السجن عقاباً على جريمته، سيقضي «محكوميته» في مستشفى للأمراض العقلية.
القصة المأساوية بدأت قبل عام ونصف، حين خطط سوفير مسبقاً لتنفيذ جريمته، وبحث في شوارع القدس المحتلة عن سائق أجرة عربي، فكان كراكي الضحية. استقل سوفير السيارة وطلب منه أن ينقله إلى منزله. وعندما وصل، قال القاتل لكراكي إنه نسي نقوده في المنزل، واقترح على كراكي أن يرافقه إلى شقته لجلب النقود و«ليشرب القهوة ويستريح قليلاً». وصعد الاثنان إلى منزل سوفير، حيث هاجمه الأخير بالسكين وطعنه 24 طعنة. وخلال محاكمته، اعترف سوفير بأنه قتل السائق فقط «لأنه عربي».
وكان ثلاثة اختصاصيّين نفسيين أدلوا بشهادتهم في المحكمة المركزية في تل أبيب، وأقروا بأنّ المتهم «ليس مؤهلاً» للمحاكمة. وعلى الرغم من توصية الادعاء، طالبت النيابة الإسرائيلية بتعيين لجنة اختصاصيّين جديدة لإعادة النظر بهذه التوصية، مدعية أنّ هناك «تناقضات في شهادات الاختصاصيّين النفسيين». إلا أن المحكمة رفضت ادعاء النيابة، ومن المتوقع أن تتبنى التوصية القاضية بأنّ سوفير ليس مؤهلاً، التي تزيل عن القاتل المسؤولية الجنائية.
وقال خالد كراكي، شقيق الضحية العربي، «لا قانون في هذه الدولة. من قام بعملية قتل كهذه فعليه أن يكون ذكياً لا مجنوناً. على قاتل كهذا أن يكون داخل السجن لا في مستشفى للأمراض العقلية»، مذكّراً بأن «المتهم اعترف بأنه نفذ جريمته بحق شقيقي لأن السائق عربي. لقد حولوه إلى بطل، وفي النهاية، المحكمة قررت أنه مجنون».
جريمة قتل كراكي نسخة طبق الأصل تقريباً لجريمة قتل سائق سيارة الأجرة الحيفاوي عماد خوري في نهاية عام 2007 على يد يهودي آخر. وكان خوري في طريق عودته إلى البيت، حين تهجم عليه القاتل وطعنه في ظهره، معترفاً بأنّه قتله «لأنه عربي» أيضاً. لكن كالمعتاد، أقرّت المحكمة بأنّ القاتل «مختل عقلياً». علماً بأنّه كان قد سجن في السابق في أعقاب اعتدائه على شرطي.
وفي تعليقه على قرار المحكمة، يقول النائب العربي في الكنيست، جمال زحالقة، «هذه ليست المرة الأولى التي يصف بها من يقتل العرب بأنه مختل عقلياً». وتابع أنه إذا كان من يقتل العربي مختلاً عقلياً، «فإسرائيل إذاً كلها مختلة عقلياً لأنها تمارس القتل اليومي ضد الفلسطينيين».
في المقابل، أشار النائب الشيوعي، محمد بركة، إلى أن «إسرائيل تستخدم هذه الأسطوانة المشروخة وتسعى بكل أذرعها لإظهار إرهابييها، مجرد مجانين، وهذا قائم منذ عشرات السنين»، ملاحظاً أنّ هؤلاء «المجانين»، وبعد أن ترفع المحاكم أيديها عن محاكمتهم، يُطلقون في الشوارع من جديد ليرتكبوا «جنوناً» آخر.