بقيت قضية الصحافي منتظر الزيدي، سيّدة الموقف على الساحة العراقية، أمس، ولم ينافسها إثارة سوى أنباء عن إحباط مخطط انقلاب «بعثي» من داخل وزارة الداخلية نفتها بغداد
بغداد ــ الأخبار
أعلن قاضي التحقيق العراقي، ضياء الكناني، المكلف التحقيق في قضية الصحافي منتظر الزيدي، أمس، أنه رفض طلباً بالإفراج عنه بكفالة «لمصلحة التحقيق وحفاظاً على سلامته». وأوضح أنه «إذا أُفرج عنه فسيكون هناك خطر عليه بسبب القنابل اليدوية الصنع أو الاعتداءات وسيلاحقه الصحافيون».
واعترف الكناني، الذي استمع إلى إفادة الزيدي في اليومين الماضيين ليبلغه بالتهمة الموجهة إليه، في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، بأنّ الصحافي المعتقل «كان يحمل آثار ضرب على وجهه»، لكنه «بصحة جيدة ولا يبدو أن ذراعه مكسورة»، كما قالت عائلته.
وفي السياق، قال ياسين مجيد، وهو المسؤول الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي، إن «الزيدي بعث برسالة اعتذار، وندم فيها على رشقه الرئيس جورج بوش بحذاءيه، ويطلب فيها العفو من رئيس الوزراء».
وأشار مجيد إلى أن «رسالة الزيدي نقلتها إلينا جهة التحقيق»، مضيفاً إنها «مكتوبة بخط يده، ويستذكر فيها لقاءه برئيس الوزراء صيف عام 2005، عندما استقبله (المالكي)، قائلاً تفضّل البيت بيتك». وبحسب مجيد، فإنّ الزيدي ختم رسالته بعبارة «تصرّفي البشع لا يمكن غفرانه، لذلك أطلب من مشاعركم الأبوية أن تسامحني». وشدد على أن رئيس الوزراء «لا يفكر في الانتقام، لكن القضية الآن بيد القضاء والتحقيق جار معه».
إلا أن أي مصدر قضائي لم يؤكّد موضوع الرسالة. ولأنّ الزيدي في مكان مجهول وممنوع عليه التصريح أو استقبال زيارات الصليب الأحمر أو الهيئات الحقوقية أو الإنسانية، فلم يكن بإمكان أيّ من أقاربه تأكيد أو نفي تأويلات «الاعتذار» الذي أعلنه المالكي ومستشاره.
على صعيد آخر، نفت السلطات العراقية أنباء أثارتها صحيفة «نيويورك تايمز» عن إحباط محاولة انقلابية من داخل وزارة الداخليّة، إلا أنها أكدت اعتقال 24 ضابطاً في الوزارة بتهمة «مساعدة الإرهابيين». وقال الناطق باسم القيادة العسكرية لبغداد، العميد قاسم عطا، في بيان، «يعلن مكتب القائد العام للقوات المسلحة اعتقال 24 ضابطاً من وزارتي الداخلية والدفاع لا علاقة لهم بأي محاولة انقلابية». وأوضح أن هذه الاعتقالات تمّت «بناءً على معلومات حول تسهيل بعض الضباط لنشاطات إرهابية ومساعدة الخارجين عن القانون وفلول النظام البائد»، في إشارة إلى نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وكانت «نيويورك تايمز» الأميركية، أمس، قد ذكرت أن مكتباً من نخبة عناصر مكافحة الإرهاب تابعاً لمكتب المالكي شخصياً، اعتقل قبل 3 أيام نحو 37 ضابطاً في وزارة الداخلية العراقية، كانوا يخططون لتنظيم انقلاب يعيد حزب «البعث» المنحلّ إلى السلطة.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مستشار الأمن القومي، موفق الربيعي، ومجموعة من الضباط الرفيعي المستوى في الوزارة، تأكيدهم أن الموقوفين، وبينهم 4 جنرالات، كانوا في المراحل الإعدادية لانقلابهم تحت اسم «كتائب العودة» البعثيّة. علماً بأنّ الضباط المعتقلين ينتمون بحسب الصحيفة، إلى الطائفتين الشيعية والسنية.
ورفضت مصادر في وزارة الداخليّة الكشف عن أسماء المعتقلين، إلا أن أنباءً تسربت عن شمول عدد من ضباط ديوان الوزارة بهذه الاعتقالات، وبينهم مدير الشؤون الداخلية، ومدير أمن الوزارة، ومدير المرور العام ومدير مرور الرصافة. وأشارت الأنباء إلى أنه جرى احتجاز المسؤولين الرفيعي المستوى في المنطقة الخضراء.
وأشار مصدر في الوزارة إلى أن «30 من هؤلاء ينتمون إلى شرطة المرور والسبعة الآخرين ينتمون إلى وزارة الداخلية». وكشف أن وكيل وزير الداخلية لشؤون الأمن، اللواء أحمد طه أبو رغيف، هو المكلف توقيف المشتبه فيهم. غير أن أبو رغيف لم يتحدث صراحة عن مؤامرة انقلابية، بل اقتصر اتهامه للضباط الموقوفين على أن «المعلومات التي وردت تؤكد وجود خرق للقانون»، حتى إنه استبعد أن تكون أي جهة قادرة على القيام بانقلاب حالياً.
وانقسمت ردود فعل السياسيين العراقيين، بين مهنّئ على «الإنجاز» الأمني، ومشكك في صدقية المعلومات والتهم المنسوية إلى المعتقلين. فقد برزت البهجة في تصريحات النائب في «الائتلاف العراقي الموحد»، عباس البياتي، الذي رأى أن «المعتقلين قيد التحقيق، وهذه ثمرة العمل الاستخباري الذي أصبح قوياً». وحذّر من أن «أعداء العراق سيكرّرون محاولاتهم لاستهداف العملية الديموقراطية».
في المقابل، عبّر «التيار الصدري»، على لسان رئيس هيئته السياسية لواء سميسم، عن تشككه في صدقية كل ما تعلنه حكومة المالكي. وقال «نحن دولة تعيش في ظل الاحتلال ولا نصدق وجود عمليات مثل هذه، إلا إذا كانت مدعومة من الاحتلال أو أن الاحتلال نفسه يريد أن يغير نظام الحكم عبر الانقلاب».


براون يبشّر برلمانه بالانسحاب من العراق

أعلن رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، أمام مجلس العموم أمس، أن القوات البريطانية ستبدأ انسحاباً سريعاً من العراق اعتباراً من نهاية أيار المقبل. وبذلك، يكون براون قد ترجم نتائج زيارته التي قام بها، أول من أمس، إلى العاصمة العراقية بغداد، حيث اتفق ونظيره نوري المالكي على إنهاء وجود قوات الاحتلال، باستثناء الأميركية، في غضون تموز المقبل.
وقال براون، في بيان أمام البرلمان في لندن، إن عدد القوات البريطانية في العراق سينخفض من 4100 جندي إلى أقلّ من 400 جندي، ستنحصر مهمّات غالبيتهم في مجال تدريب القوات العراقية والمشاركة في حماية المنشآت العراقية.
وأضاف براون إن العراق «واجه خلال الأعوام الخمسة والأشهر الستة الماضية، تحديات جسيمة، كما واجه أياماً حالكة، لكنه في المقابل حقق أيضاً تقدماً بالغ الأهمية في العديد من المجالات، ولا تزال أمامه تحديات كثيرة في المستقبل».
وشدّد رئيس الحكومة البريطانية، على أن المملكة المتحدة، «ستقيم علاقات متينة مع العراق في مجالي الدفاع والتجارة»، مشيراً إلى أن جدارية ذكرى الجنود البريطانيين الذين قُتلوا في العراق والبالغ عددهم 178 جندياً، ستُنقل من القاعدة البريطانية في مطار البصرة إلى المملكة المتحدة.
وجدّد براون رفض دعوات الحزبين المعارضين «المحافظين» و«الديموقراطيين الأحرار»، إلى فتح تحقيق مستقل بشأن حرب العراق، مشدداً على أن حكومته لن تدرس مثل هذه الخطوة قبل انسحاب قواتها بالكامل من العراق.
(يو بي آي)