أصحاب العمل يطالبون بالمستحقات والعمال يطرحون التصويتمحمد وهبة
يعقد مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعد ظهر اليوم جلسة استثنائية لاستكمال درس التوازن المالي في الصندوق، بعد الجلسة الأولى التي انعقدت الخميس الماضي لدرس الكتاب الذي رفعه المدير العام للصندوق محمد كركي ويقترح فيه أكثر من سيناريو للوصول إلى التوازن وفقاً لأكثر من أربع دراسات أعدّت منذ نهاية عام 2004 حتى أيلول 2008.

سيناريو الزيادة الأفضل

والسيناريو الأفضل بحسب كتاب كركي، هو زيادة معدلات الاشتراك في فرعي التعويضات العائلية وضمان المرض والأمومة بنسبة 2 في المئة من 15 في المئة إلى 17 في المئة بالتزامن مع رفع سقف الراتب الخاضع للاشتراك من 1.5 مليون ليرة إلى مليوني ليرة، ما سينهي حال العجز البنيوي التي أدّت إلى تغطية العجز المتراكم في الفرعين عبر سحوبات غير شرعية من «نهاية الخدمة»، إذ يقدّر بأن ترتفع هذه السحوبات من 422 ملياراً في عام 2007 إلى 575 مليار ليرة في نهاية عام 2008.
ويأتي اقتراح زيادة الاشتراكات سنويّاً منذ عام 2004 حين تبيّن أن الصندوق استهلك 635 مليار ليرة ممّا كان يعدّ وفراً مالياً محققاً منذ ما قبل عام 2001، وذلك بسبب قرار خفض معدلات الاشتراك بحوالى 40 في المئة من دون أيّ دراسة للتوازن المالي.

أمام الاستحقاق

هذه المعطيات متوافرة لدى جميع أعضاء مجلس الإدارة، والتوازنات في المجلس لم تتغير، أي أن الأطراف الثلاثة (أصحاب العمل، العمال، ممثلي الدولة) لم تعدّل مواقفها من الزيادة. إلا أنها اليوم، وبحسب تقاطع معلومات، أمام استحقاق يؤدي إلى معركة حقيقية حول اقتراحات كركي لزيادة الاشتراكات. ففي السابق كان العمال «متواطئين» في التهرّب من الاستحقاق، إذ كان أعضاء مجلس الإدارة يصوّتون على استئناف التقديمات للمضمونين، مكتفين بمناقشات عامة حول التوازن المالي. أما اليوم فإن المعركة ستبدأ عبر طرح ممثلي العمال التصويت على اقتراح كركي، وقد استبقت جمعيتا تجار بيروت والصناعيين هذا الأمر برفضهما الاقتراح في بيانين نُشرا يوم الجمعة الماضي.
إذاً، كيف سيكون النقاش في المجلس اليوم؟ أجرت «الأخبار» مجموعة من الاتصالات بمن يُعتقد أنهم فاعلون في المجلس من الأطراف الثلاثة، بعضهم تحدث بشكل غير رسمي والآخر أعلن موقفه صراحة.

أصحاب العمل: ترتيب الأولويات

يصرّ أصحاب العمل على أن أي زيادة في معدلات الاشتراكات تؤثّر في القطاع الخاص سلباً، ويلتفون على الأمر من خلال مطلب إعادة ترتيب الأولوية لمعالجة ديون الصندوق وتحصيلها أولاً، ثم استكمال البحث في التزاماته ثانياً، ولاحقاً تأتي خيارات التوازن.
ويشير نائب رئيس مجلس الإدارة وممثل الصناعيين في المجلس غازي يحيى إلى أن للصندوق ديوناً على الدولة وعلى المؤسسات العامة والخاصة ودعاوى قضائية عالقة بما يتجاوز ألف مليار ليرة، أي بما يغطي العجز المتراكم، ولذلك يجب البحث مع الحكومة عن سداد الأموال ضمن برنامج واضح حتى يتم التفرغ للعجز البنيوي، ولذلك فإن موقف الجمعية هو «رفض اقتراح الزيادة أو سقف الراتب الخاضع للاشتراك من دون وجود سلّة كاملة لإصلاح الصندوق».
وأوضح ممثل المؤسسات السياحية بهجت قاننجي أنه ليس هناك شك بفقدان التوازن المالي في الضمان، لكن الزيادة مرفوضة من حيث المبدأ، إذ يجب البحث «عن المستحقات وديون الصندوق وانعكاسات زيادة الحد الأدنى وشطور الأجر كما أننا لا نعرف قيمة أموال تعويضات نهاية الخدمة وحصص العمّال منها والفوائد... وأيضاً يجب معرفة الالتزامات على الصندوق وبعدها نتخذ القرار المناسب». وبالنسبة إلى ما يتردد بين بعض أعضاء المجلس عن موقف استقالة جماعية من المجلس رداً على أي قرار بالزيادة، نفى قاننجي هذا الأمر وأوضح أن البحث يجري باتجاه «مخارج حقيقية وواقعية».
ويرى ممثل جمعيات التجار منير طبارة أنه بدلاً من إقرار الزيادة التي تُضعف القدرة التنافسية للقطاع الخاص وتزيد أكلافه، يجب على الصندوق أن يطلب رسميّاً من وزارة المال ربطه إلكترونياً بالقسم الخاص بالمؤسسات التي تصرّح عن أعمالها لديها، حتى يتمكن الصندوق من ملاحقة المتهربين، فالمعروف أن المؤسسات التي تصرّح للوزارة تمثّل ضعف المؤسسات المصرحة للصندوق.

العمّال: ملل النقاش

أما بالنسبة إلى العمال، يقول أمين السر الثاني في المجلس رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن إن ممثلي العمال سيعقدون اجتماعاً قبل بدء جلسة مجلس الإدارة للاتفاق على من سيتحدث باسمهم وعلى حرفيّة ما سيقوله، ثم سيطرحون التصويت على الاقتراح، ولا سيما أن النقاش في التوازن المالي للصندوق استمر لمدة 4 سنوات وهذه المادة كافية، إذ إن الوضع المالي للصندوق يتطلب زيادة الاشتراكات لأن الدراسات المختلفة تؤكد أن المستوى الحالي من الاشتراكات لا يكفي لهذا المستوى من التقديمات، والحجج التي يقدمها أرباب العمل غير منطقية علماً بأنهم أدرى بأن زيادة الأكلاف تنعكس أيضاً على الصندوق في أسعار الطبابة والاستشفاء.

ممثلّو الدولة: انفصام

ليس هناك موقف موحّد لممثلي الدولة في المجلس، فهم يتبعون للتوزيع السياسي ـــ الطائفي، هكذا يشير أحد ممثلي الدولة رافضاً ذكر اسمه، لكن مستشار رئيس الحكومة وممثل الدولة رفيق سلامة يعدد ملاحظات جدية على الاقتراح، ويعتبر أن دراسة البنك الدولي «ليس لها طعمة» فهي لم تأخذ بالاعتبار انعكاس زيادة الحد الأدنى للأجور ولا الزيادة السنوية في التقديمات بنسبة 8 في المئة، ولا زيادة التعرفات الاستشفائية والالتزامات المترتبة على الصندوق جراء الاتفاق مع السائقين العموميين على زيادة التعويض العائلي عن الزوجة والأولاد، كما أن زيادة الموازنة الإدارية لم تكن محسوبة أيضاً... وهذا كله يجعل الأرقام المطروحة وهمية.


200 مليار ليرة

هي قيمة المبالغ المتوجبة على بعض مؤسسات القطاع الخاص بحسب مطالبات الصندوق في الدعاوى المقامة ضدها. ويشير رفيق سلامة إلى أن هذه المبالغ تعود إلى 300 مؤسسة أعلنت إفلاسها وبالتالي باتت متوجباتها للصندوق غير قابلة للتحصيل وساقطة


خريطة التصويت