بدا أمس أن إسرائيل تستعدّ لتصعيد عسكري في غزة؛ فإضافة إلى التجهيزات العسكريّة، أطلقت الدولة العبرية حملة دبلوماسية للتمهيد للعدوان، فيما وافقت «حماس» على تهدئة لـ24 ساعة في القطاع، مهدّدة في الوقت نفسه بعمليات استشهادية
غزّة، القدس المحتلة ــ الأخبار
لا يزال قطاع غزة يعيش لحظاته الحاسمة، وسط تصعيد حذر من جانب الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. الجديد أمس هو الوساطة المصرية لدى الفصائل بالتوقف عن إطلاق الصورايخ مدة 24 ساعة، الأمر الذي وافقت عليه «حماس»، مبدية استعدادها لأكثر من ذلك، ومهددة في الوقت نفسه باستئناف العمليات الاستشهادية في حال التصعيد. أما إسرائيل، فبدا أنها تخطو بعيداً عن أي وساطة، محاولة تجنيد المجتمع الدولي إلى جانبها. وأعلن القيادي في حركة «حماس»، أيمن طه، أن «الفصائل الفلسطينية ملتزمة بوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل لمدة 24 ساعة، بناءً على طلب وسطاء مصريين». وقال إن «هذه التهدئة القصيرة بدأ سريانها الليلة الماضية»، مشيراً إلى أن العرض المصري جاء «كي يتمكن الإخوة المصريون من إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عن طريق معبر كرم أبو سالم». وأعلن أن «حماس قد تبحث تطبيق تهدئة أطول إذا كانت إسرائيل سترد بوقف كل الهجمات العسكرية في غزة، وترفع الحظر الذي تفرضه على القطاع».
وسبق هذه الهدنة تهديد «حماس» باستئناف العمليات الاستشهادية إذا ما شنت إسرائيل عملية واسعة على القطاع. وقال طه «لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي عدوان إسرائيلي، ومن حقنا كشعب محتل الدفاع عن أنفسنا ومقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، بما فيها العمليات الاستشهادية».
كما رد المتحدث باسم الكتلة البرلمانيّة لـ«حماس»، صلاح البردويل، على التهديدات الإسرائيلية، قائلاً إنها «جزء من الدعاية الانتخابية الصهيونية، ودليل على أن الحركة باتت أمل الأمة وخط الدفاع الأبرز في وجه المؤامرات التي تريد تصفية القضية وإنهاءها».
تهدئة الـ24 ساعة، بدت مبهمة لدى بعض الأطراف. فالمتحدث باسم حركة «الجهاد الإسلامي»، داود شهاب، أعلن أن «حركته لم توافق عليها». وأوضح أنه «لا علم لنا بتهدئة لأربع وعشرين ساعة، ولم يتصل بنا أحد أو يطلعنا على أي شيء جديد».
إسرائيلياً، رفض المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، يغال بالمور، التعليق على إعلان «حماس»، قائلاً «لم نتلقَّ أي إعلان عبر مصر سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة»، فيما بدا أن دولة الاحتلال بدأت حملة دبلوماسية لحشد الدعم الدولي لأي هجوم عسكري كبير، في مسعى لوقف إطلاق الصواريخ.
وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قالت مندوبة إسرائيل في المنظمة الدوليّة، غابرييلا شاليف، إن «الحكومة سترد على إطلاق الصواريخ المستمر». وأضافت «يجب أن يفهم العالم أن الوضع في جنوب إسرائيل لا يحتمل، لأن مئات آلاف المواطنين معرضون لنيران الصواريخ»، مضيفة «لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي. إذا لم يتدخل المجتمع الدولي، فإننا سنتحرك».
في الوقت نفسه، أمرت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، سفراء إسرائيل في العالم، التأكيد على أن الدولة العبريّة «لن تتردد في الرد عسكرياً إذا اضطر الأمر».
في السياق، أكد وزيرر الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، أن «إسرائيل تجري استعدادات لشن عمليات في قطاع غزة». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عنه قوله، خلال اجتماع لكتلة حزب «العمل» في الكنيست أمس، إنه «ليس لدينا أي نية لقبول الوضع كما يتطور في غزة». وأضاف «لقد أصدرت تعليمات للجيش الإسرائيلي ولجهاز الأمن بإعداد كل ما يترتب عن قراري وقرار حكومة إسرائيل، وسيحدد المستوى المهني المكان والزمان والطريقة التي ستعمل بموجبها قوات الجيش الإسرائيلي». وهاجم باراك الوزراء الذين يدعون إلى شن عملية عسكرية في القطاع. وقال إن «هؤلاء الوزراء أصبحوا يبشرون بأداء سياسي مختلف، والجمهور سيضطر إلى الحكم عليهم عندما يحين الوقت المناسب». وأضاف «إنني أدعو إلى إغلاق أفواه السياسيين الثرثارين الذين لا يفهمون حتى الأقوال التي يتحدثون بها».
من جهتها، لمّحت صحيفة «هآرتس» إلى استبعاد التصعيد العسكري. وقالت إن «المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي لا يزالون يتمسكون بفرضية أن رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية وأنصاره، لم يرغبوا في التصعيد، بل انجروا إليه رغماً عنهم، من جانب رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل».
ميدانياً، واصلت «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، الذراع المسلحة لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، و«كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح»، إطلاق الصواريخ حتى بعد التهدئة، فيما قالت «كتائب عز الدين القسام»، الذراع المسلحة لـ«حماس»، إنها قنصت جندياً إسرائيلياً قرب موقع عسكري محاذٍ لجنوب غزة.
وتعبيراً عن رفض الحصار، أعلن المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية المقالة، طاهر النونو، أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أبلغ هنية أنه «سيطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت خلال لقائهما (الذي عُقد أمس)، وقف الاعتداءات وفتح معابر قطاع غزة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)


مهلة مصريّة لاستئناف مفاوضات التهدئة

رام الله ـ أحمد شاكر
القاهرة ـ الأخبار
كشف موقع إخباري إسرائيلي، أمس، أن السبب الأساسي لتأجيل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن، هو الوعد الذي قطعه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، للرئيس المصري حسني مبارك، بعدم البدء بهجوم عسكري على القطاع.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن مصر طلبت من إسرائيل أن «تضبط نفسها أسبوعاً أو اثنين، حتى تتمكن من إعادة بلورة تهدئة جديدة». كما ضغطت الإدارة الأميركية على إسرائيل لقبول العرض المصري. في هذا الوقت، أعلنت مصادر مصرية لـ«الأخبار»، أن اتصالات غير معلنة تجري بين القاهرة و«حماس»، لتفادي أي سوء تفاهم في هذه المرحلة، مشيرةً إلى أن رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، «وجه رسالة في هذا الخصوص بطريقة غير معلنة إلى رئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان». إلا أن هذه الخطوة لم تكن كفيلة بإقناع «حماس» بمعاودة الاتصال مع سليمان لتمديد الهدنة، إذ أكد القيادي في الحركة، محمود الزهار، أن «حماس رفضت الخوض في محادثات بشأن تجديد التهدئة مع إسرائيل»، قائلاً إن «إسرائيل مثل الشاب الذي يبدأ بالتدخين، ثم يتوقف عندما يختنق منه. إذا كانوا يريدون الدخول لغزة فإننا نرحب بهذا». إلى ذلك، قالت مصادر مصرية وفلسطينية أن قمة مبارك والرئيس الفلسطيني محمود عباس، المتوقع أن تعقد اليوم، ستتناول «نتائج جولة عباس التي شملت الولايات المتحدة وروسيا، ودعوة القيادة الروسية لحماس إلى إعادة النظر في موقفها من التهدئة».