مؤشر الإحصاء المركزي يتراجع 1.3% فقط في تشرين الثانييبيّن مؤشّر استهلاك السلع والخدمات الذي تعدّه إدارة الإحصاء المركزي ارتفاعاً تراكمياً في الأسعار بنسبة 6.2% منذ بداية هذا العام وحتى نهاية تشرين الثاني، علماً بأن نسبة الارتفاع كانت قد بلغت 8.3% حتى أيلول، وبدأت بالتراجع منذ ذاك الشهر، لكن ببطء شديد وبانفصام واضح عن حركة الأسعار في الخارج
على الرغم من الانتقادات الكثيرة لمؤشّر أسعار استهلاك السلع والخدمات الذي تعدّه إدارة الإحصاء المركزي، نظراً لعدم شموليته وتثقيلاته التي لا تعكس الواقع الاستهلاكي بدقّة... إلا أن هذا المؤشّر هو الآن الدليل على عدم وجود أي تناسب بين حركة الأسعار محلياً وحركتها في الخارج. فهذا المؤشّر، الذي يصدر شهرياً، يبيّن وجود مقاومة واضحة ولافتة لأي انخفاض جدّي في الأسعار في السوق المحلية، ولا سيما في أبواب الاستهلاك الأساسية للأسر الفقيرة والمتوسطة الدخل.
وقد أظهر المؤشّر الأخير الصادر عن شهر تشرين الثاني الماضي أن الأسعار تراجعت عموماً بنسبة 1.3% عن شهر تشرين الأول، وبنسبة 1.9% عن شهر أيلول، إلا أنها ارتفعت بنسبة 6.2% عن شهر الأساس في كانون الأول من عام 2007.
ويمكن إبداء جملة واسعة من الملاحظات المبنية على نتائج هذا المؤشّر، بحسب أبواب الاستهلاك:
أولاً، تراجعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية بنسبة 0.7% في تشرين الثاني بالمقارنة مع تشرين الأول، إلا أن هذا الباب الاستهلاكي الحيوي والأساسي سجّل ارتفاعاً بنسبة 18.3% منذ بداية هذا العام. والمعروف أن أسعار المواد الغذائية تشهد تراجعاً دراماتيكياً في الأسواق العالمية من شهور عدّة.
ثانياً، ارتفعت أكلاف الصحّة في تشرين الثاني بنسبة 0.1% وبلغت نسبة الارتفاع التراكمية منذ بداية هذا العام 4.8%، ويشير المؤشر إلى منحىً تصاعدي في أسعار هذا الباب منذ العام الماضي، إلا في شهر آب الماضي عندما سجّل تراجعاً طفيفاً.
ثالثاً، استقر مؤشر أسعار التعليم في شهر تشرين الثاني، إلا أنه سجّل ارتفاعاً تراكمياً بنسبة 4.1 في المئة منذ بداية هذا العام، أو تحديداً منذ أيلول الماضي، عندما بدا موسم المدارس وبالتالي دفع الأقساط المدرسية.
رابعاً، سجّل النقل أعلى نسبة تراجع في مؤشر الأسعار بنسبة 4.2% في تشرين الثاني، علماً بأنه لا يزال مرتفعاً بنسبة 1.3% عن بداية هذا العام، وهو وصل إلى مستوى قياسي في الارتفاع في شهر تموز الماضي، عندما وصل سعر النفط إلى مستويات عالية جداً، ولكنه لم يتراجع بالوتيرة نفسها لتراجع أسعار النفط، وذلك بسبب قرار الحكومة زيادة وارداتها من رسوم البنزين عبر تثبيت سعر الصفيحة منذ شهرين تقريباً.
خامساً، استقرت أكلاف السكن في تشرين الثاني، إلا أنها بقيت مرتفعة بنسبة 4.8% عن بداية هذا العام، فيما تراجعت أكلاف المياه والغاز والكهرباء والمحروقات لاستخدامات المنازل بنسبة 7.9% في تشرين الثاني، وبنسبة 1.5% منذ بداية هذا العام، تماشياً مع تراجع أسعار النفط العالمية، أمّا أكلاف الصيانة والتجهيزات المنزلية فارتفعت في تشرين الثاني بنسبة 0.9%، وبنسبة 6.9% منذ بداية العام، وهي مستمرة في منحىً تصاعدي منذ العام الماضي.
سادساً، ارتفعت أسعار الألبسة والأحذية في الشهر الماضي بنسبة 0.3%، وهي تواصل ارتفاعها منذ شباط رغم تراجعها بنسبة كبيرة في الشهر المذكور.
سابعاً، استقرت أكلاف الاتصالات والاستجمام والتسلية والنشاطات الثقافية.
ثامناً، ارتفعت أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 2% في الشهر الماضي، وبنسبة 25% منذ بداية هذا العام، بوتيرة متواصلة.
تاسعاً، تراجعت أسعار المشروبات الروحية والتبغ بنسبة 0.1% في تشرين الثاني، وعادت إلى مستوياتها في نهاية العام الماضي.
إن هذا التفصيل لتطور الأسعار بحسب الأبواب، يشير إلى الآتي:
ـــــ لا تزال الأسعار عند مستوياتها التي بلغتها في ذروة ظاهرة ارتفاع الأسعار في العالم، وعلى الرغم من انهيار هذه الأسعار في الخارج، فإن مستوياتها في لبنان لا تزال تدعم استمرار ظاهرة التضخّم، وهذا يكون من خلال السياسات المالية والنقدية التي تعتمدها الحكومة، ومن خلال رعاية الاحتكارات وتغييب الأجهزة الرقابية وفعاليتها.
ـــــ تسجل أسعار الغذاء والسياحة في العالم انخفاضاً دراماتيكياً لم ينعكس على وتيرة انخفاضها في لبنان، بل على العكس، فإن هناك أسعار سلع وخدمات تواصل ارتفاعها على عكس ما يحصل في الخارج.
ـــــ ارتفاع أسعار الصحة والتعليم بات يدفع إلى القلق الجدّي، كذلك فإنّ عدم انخفاض أسعار النقل والسكن بالمعدّلات المنطقية يطيح مفاعيل زيادة الأجور التي حصل عليها حوالى 60 في المئة فقط من الأجراء والمستخدمين.
ويقول مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة (رفض ذكر اسمه) إن الوزارة تتخذ جملة من الإجراءات، إلا أن نتائجها قد تحتاج إلى بعض الوقت، إذ تجول أجهزة الوزارة على الأسواق سراً وعلناً، وقد نُظِّم عدد من محاضر الضبط تتعلق بعدم إعلان الأسعار، أو بتحديد أسعار أعلى بكثير من أسعار الاستيراد التي بدأت الوزارة تتسلمها من المستوردين مباشرة.
ويشير المصدر إلى أن 70% من المستوردين تجاوبوا مع طلب الوزارة بتقديم أسعارهم لمقارنتها بأسعار البيع بالتجزئة، إلا أن قدرة أجهزة الوزارة على المتابعة محدودة، وهناك قرار بتوظيف 100 مراقب ينتظر تنفيذه إجراءات مجلس الخدمة المدنية.
ويرى الأمين العام لجمعية المستهلك، وجدي الحركة، أن مؤشر إدارة الإحصاء المركزي لا يعكس كل الواقع، إذ إن استقصاء الأسعار الذي تقوم به الجمعية يبين أن الكثير من الأصناف الأساسية لا تنخفض أسعارها، ولا سيما أسعار الأجبان التي لا تزال مرتفعة، رغم تراجع أسعار الحليب بنسبة 15%. كذلك فإن أسعار الحبوب والمعلبات ما زالت مرتفعة، ولم تنخفض، فيما هناك أصناف أخرى تراجعت بمعدّلات طفيفة على عكس ما تصرّح به مديرية حماية المستهلك التي تقول إنها انخفضت بنسبة 40%. ويتساءل الحركة عن مصير إعادة العمل بقرار تحديد هوامش الأرباح الذي بقي حبراً على ورق.
أمّا رئيس نقابة الصناعات الغذائية، جورج نصراوي، فيعد بأن تتراجع الأسعار أكثر، بدءاً من مطلع العام المقبل، بحجة وجود مخزونات لا بد من تصريفها. ويشير في المقابل إلى أن أسعار الطحينة تراجعت30%، الزيوت بين 15 و 30%، وكذلك الحليب.
(الأخبار)


18,3 في المئة

نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية منذ بداية هذا العام على الرغم من تراجعها بنسبة 0.7% في الشهر الماضي، وهذا مؤشر واضح على الانفصام بين حركة الأسعار المحلية وحركتها في الخارج.


أسعار المحروقات