إسرائيل اليوم ــ آفي فينبرغلا، هم ليسوا لطفاء. لا، هم لا يريدوننا هنا. ولكن ما العمل؟ «حماس» هي التي تسيطر على قطاع غزة. أنا أيضاً ما كنت لأرغب في أن يكون هؤلاء هم جيراننا. من الأفضل أن يكون جيراننا مؤدبين، علمانيين... سويسريين مثلاً.
الاعتقاد بأن حكم «حماس» سيضعف وسيسقط كلما ألحقنا المعاناة بسكان غزة، يثبت خطأه، رغم أن حاييم رامون وأمثاله يسمونه «استراتيجية».
قلة التقارير التي تصل من هناك، وبعضها بفضل صحافيين شجعان تجرأوا على الدخول إلى القطاع رغم الحظر، تعكس السيطرة التامة لـ«حماس» في غزة. فأي منطق مجنون يقف خلف الاعتقاد بأننا إذا جوّعنا، وظلمنا وقصفنا المواطنين، فإنهم سيصبحون من محبّينا ويطردون الحكم الكريه؟
إذا كان هناك شيء ما حققناه حتى الآن، فهو تعزيز التأييد لـ «حماس» وزيادة الكراهية الحاقدة على إسرائيل. الفلسطينيون في غزة لم يخترعوا رد الفعل هذا. «عندما يُعذّبون، سيتكاثرون وسيقتحمون». هذا ما كُتب بالذات عن آبائنا وأجدادنا في مصر.
كل شيء لديه كرامة ذاتية، سيتّحد حول زعمائه في اللحظة التي تحاول فيها قوة خارجية إسقاطها بالقوة. نحن أيضاً كنا سنجنّد كل قوة صمودنا لو أن أحداً ما من الخارج، قرر مثلاً فرض عقوبات علينا لإسقاط حكومة يمينية. نعم، حتى اليساريون كانوا سيظهرون كوطنيين إسرائيليّين. وبالفعل، إننا ملزمون بالحديث مع «حماس»، حتى لو كان ذلك لمجرد انعدام وجود البديل. رفض ذلك هو استمرار لسياسة «لا وجود لشعب فلسطيني» الخاصة بغولدا (مائير) وأشباهها في الماضي. هذا نكران للواقع. رجال «حماس»، خلافاً لأعضاء «فتح» مثلاً، يصبحون وحوشاً بشرية وطريقة التعاطي معهم هي عبر فوهة البندقية. غير أن أصدقاءنا اليوم، أبو مازن مثلاً، كانوا في الماضي في المكانة نفسها بالضبط: (الرئيس ياسر) عرفات ورجاله كانوا وحوشاً في نظر غالبية الإسرائيليين، حتى اللحظة التي بدأت فيها المفاوضات. النظرة إليهم كوحوش تتوقف حالما يبدأ الحديث معهم.
المفاوضات مع العدو هي مسيرة غير سهلة ولا يمكن أن نعرف متى وكيف تحقق نتائج. ولكن هناك شيء واضح: كي يتغير شيء ما، يجب الحديث مع العدو.