مخطئ من ظنّ أن استقالة رئيس البرلمان محمود المشهداني ستحلّ أزمة في الحياة السياسية العراقية. فالساحة السنية العربية دخلت نزاعاً عميقاً، بينما يغيب المعني الأول به نائب الرئيس طارق الهاشمي عن البلاد
بغداد ــ الأخبار
أعلن الأمين العام لـ«مجلس الحوار الوطني»، الشيخ خلف العليان، أمس، انسحاب مجلسه وكتلة المستقلين من «جبهة التوافق العراقية» إثر استقالة رئيس البرلمان، محمود المشهداني أول من أمس. وبهذه الخطوة، تكون «التوافق»، الممثل الأكبر للسنة العرب في العراق، قد حلّت نفسها تقريباً، بما أنها قامت على أساس اتحاد 3 كتل كبيرة: «الحزب الإسلامي»، و«مجلس الحوار الوطني» و«الجبهة العراقية للحوار».
وبرّر العليان قرار الانسحاب بـ«تصرفات الحزب الإسلامي واستفراده بالقرار وبالمناصب الحكومية». ومن الواضح أنّ أزمة المشهداني أساسها الخلاف بين «مجلس الحوار»، الذي ينتمي إليه الرئيس المستقيل للبرلمان، وحزب نائب الرئيس طارق الهاشمي الذي كان مشغولاً بزيارة سوريا أمس. وتبلور الانقسام الكبير داخل «التوافق»، بظهور 4 أسماء مرشحين من جانبه للحلول مكان المشهداني: أسامة النجيفي عن قائمة رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي، وصالح المطلك عن «جبهة الحوار الوطني»، والاسمان رشحهما العليان. أما الحزب الإسلامي، فقد رشّح اثنين من كوادره لشغل هذا المنصب، هما أياد السامرائي وأسامة التكريتي.
في المقابل، خرج المشهداني عن صمته، وعقد مؤتمراً صحافياً في بغداد، حمّل فيه «الحزب الإسلامي»، مسؤولية الأزمة، وأشار خلاله إلى أنه يغادر البرلمان «ليعود إليه بعد 9 أشهر، لأن الشعب سيختار من هو القائد الحقيقي له»، معرباً عن نيته إنشاء كتلة سياسية جديدة. وكشف عن «تآمر» الحزب الإسلامي عليه «منذ المرحلة الأولى، فيقولون لي جئنا بك وجعلناك رئيساً للبرلمان وانقلبت علينا».
وشدّد المشهداني على وجود «تبذير وإسراف داخل مجلس النواب؛ فهناك أعضاء لديهم خمسة منازل ويريدون أن يسكنوا في فندق الرشيد، وقد صرفنا 6 مليارات دينار عراقي على السكن في هذا الفندق»، متسائلاً «كم مستشفى يشيد في العراق وكم مدرسة بهذا المبلغ».
بعدها، شارك المشهداني في مؤتمر صحافي آخر عقده العليان ودعا فيه إلى حلّ «جبهة التوافق». وبرر العليان دعوته بأنها (الجبهة) «فشلت في أداء رسالتها التي أنشئت من أجلها»، محملاً «الحزب الإسلامي» مسؤولية «اتخاذ القرارات الخطيرة دون الرجوع إلى شركائه، واستحواذه الكامل على المناصب والوظائف العامة، فضلاً عن إقامته تحالفات من دون موافقة الآخرين».
واتهم الحزب الإسلامي «بأنه انتهج موقفاً تآمرياً بإقالة المشهداني».
في هذا الوقت، استقبل الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان، رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، الذي يزور أنقرة وطهران من بعدها، لهدفين: تحديد الاستراتيجية الواجب اتباعها من أجل مجابهة «حزب العمال الكردستاني»، وطمأنة الجيران إلى أن الاتفاقية الأميركية ــ العراقية لا تهدّد أمن الدول الإقليمية واستقرارها.
أما في دمشق، فكان الرئيس السوري بشار الأسد في استقبال الهاشمي الذي يزور سوريا «لإحاطة المسؤولين السوريين بمضمون الاتفاقية الأمنية (بين بغداد وواشنطن) وانعكاساتها على الجانبين والمنطقة».
وعن الاتفاقية التي لا تزال سوريا تعارضها، قال الهاشمي «نعلم بوجود قلق في الشارع العربي تجاه نهج الاتفاقية الأمنية ونقدّر هذا القلق».
على صعيد آخر، جزمت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن المسؤولين الأميركيين يتلاعبون بالفعل بالمواعيد النهائية التي حددتها الاتفاقية الأمنية لانسحاب قوات الاحتلال من بلاد الرافدين بحلول نهاية 2011، منبّهة إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما بات يبدي مرونة إزاء عدم احترام المواعيد التي كانت من شعارات حملته الانتخابية في ما يختص بالانسحاب في غضون 16 شهراً.
وذكّرت الصحيفة بقول أوباما أخيراً إنه «سينصت إلى جنرالات الجيش الأميركي الذين تقضي خطتهم العسكرية الجديدة بترك القوات في العراق إلى ما بعد الموعد». كما نقلت عنه حديثه عن إعادة تحديد مهمّات هؤلاء الجنود، الذين وصفهم بأنهم «مدربون» أو «مستشارون» لكي لا يضطروا إلى الانسحاب من المدن العراقية في حزيران المقبل بموجب بنود الاتفاقية.
وقد تلقّت قوات الاحتلال خسارة كبيرة في الأرواح أمس، إذ أعلنت واشنطن مقتل 3 من جنودها «في حادث سير في وسط العراق».