كنيسة المهد رائعة الجمال. هي المعلم الأقدم في بيت لحم، وواحد من أهم المعالم الدينية والتاريخية في العالم: ساحة ضخمة تؤدّي إلى مدخلها. تفاصيلها كثيرة، ولكل حجر قصة، ولكن حتى هذا المعلم المقدس لم يسلم من حصار الاحتلال. فمن يحدق في بعض جدران الكنيسة الخارجية، فقد يلمح علامات لرصاص استهدف المبنى أثناء الانتفاضة الثانية.في ربيع عام 2002، اقتحمت القوات الإسرائيلية مدينة بيت لحم: دبابات ومدرعات وطيران أيضاً. طاردت القوات عدداً من أهالي المدينة، وقد وجد هؤلاء الكنيسة ملاذًا ودخلوها، فحاصر الاحتلال الكنيسة. وصل عدد المحاصرين داخلها إلى أكثر من 200 شخص، ودام 39 يوماً. لم يفلح العالم كله بإنهاء هذا المشهد المحزن. كانت حياة المحاصرين صعبة، وقد اضطر عدد منهم إلى غلي الأعشاب وأكلها، ومنهم من استشهد وهو يجمع هذه الأعشاب من ساحة الكنيسة. وقد استشهد خلال ذلك العدوان 9 أشخاص، بينهم قارع جرس الكنيسة، قبل أن ينتهي الحصار بإبعاد المطلوبين إلى قبرص وأوروبا.
تعرف الكنيسة حصارات أخرى عبر التاريخ. بناها الملك قسطنطين في عام 335 ميلادية. وقد دمرّها السومريون في عام 529، وأعيد بناؤها في عام 535. وكانت رهينة الصراع بين الرومان والفرس، الذين دمروها أيضاً في عام 614.
تقام الطقوس الدينية في كنيسة المهد حسب تقليد كنيسة الروم الأرثوذكس، وتضم زوايا للطوائف مثل اللاتين والسريان والأقباط والأرمن وغيرها. وتضم كهف ميلاد المسيح، وهو المكان الذي وضع فيه بعد مولده. كما تضمّ مجموعة من الأديرة والكنائس الأخرى التي تمثل الطوائف المسيحية المختلفة: الدير الأرثوذكسي والأرمني والفرنسيسكاني.
يقول راعي الطائفة اللاتينية في كنيسة المهد، الأب صموئيل فهيم، لـ«الأخبار» «هناك تعايش ينظم العلاقات داخل الكنيسة، يحدد مواعيد الخدمة وطريقة الخدمة. هناك علاقات شخصية بين رجال الدين تسهل هذا التعايش». وعن الصراعات بين الطوائف داخل الكنيسة يشير إلى أن «الخلافات نادرة. الصراع أكثر في كنيسة القيامة (في القدس المحتلة) ولكن حتى هناك الخلافات سببها أشخاص يفتقرون إلى الحكمة».
الأب صموئيل فهيم في كنيسة المهد منذ سنة وثلاثة أشهر، وقد قدم من مصر. وفي رد على سؤال عن حدث أثر في نفسه خلال فترة وجوده هنا قال إنه تفاجأ مع قدومه «بأنّ طفلاً فلسطينياً أراد الخروج من بيت لحم للعلاج، لكن تأخر التصريح أدّى إلى وفاته».