«بلوم» متفائل على عكس صندوق النقد الدولي
تحت عنوان «ازدهار أم سوداوية؟» توقع تقرير «بلوم انفست بنك» أن يكون اقتصاد لبنان بين الأفضل في العالم عام 2009(!)، تاركاً كل التحذيرات التي أطلقها صندوق النقد والبنك الدوليين عن جوانب تأثيرات الأزمة المالية العالمية على لبنان ومدى خطورتها، وركّز على مجموعة من التنبؤات المبنيّة على الإنفاق الانتخابي وتوقعات نمو تدفق السياح والاستثمار الاجنبي المباشر... وهذه العناصر ستسهم في ارتفاع نسبة النمو في 2009 إلى 6 في المئة، وسيبلغ الإنفاق الانتخابي إضافةً إلى إنفاق الحكومة بين 3 و5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما بين 750 مليون دولار و1.25 مليار دولار (الناتج المحتسب 25 مليار دولار).

عكس التيار

يستدل التقرير بما قالته شركة «سيسكو سيستمز» عن أن لبنان لديه القدرة على التحوّل إلى مركز استثماري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، ليشير إلى أنه «سيكون ملجأًً آمناً للمستثمرين الخليجيين والدوليين الباحثين عن دبي جديدة التي تمر بأوقات صعبة بسبب ديونها الكبيرة والاستثمارات المالية الخطيرة فيها».
ويصوّر لبنان في جزيرة بمنأى عن أسوأ أيام الاقتصاد العالمي، فالضغط على القطاع الخاص سيتزايد وسيستمر انخفاض أسعار العقارات فيما يحاول القطاع المالي استرداد ثقة الزبائن وتتكبد المصارف الخسائر، وستتراجع أسعار السلع نتيجة انخفاض الطلب مما ينعكس على استمرارية الشركات وعلى الحكومات... إلا أن «عام 2009 سيمثّل إحدى أفضل السنوات للبنان في ظل الحفاظ على الاستقرار السياسي، وذلك على الرغم ممّا يقوله المحلّلون عن تراجع تحويلات المغتربين وانعكاساتها على الاقتصاد المحلي، وتراجع الاستثمارات الخارجية المباشرة والإنفاق السياحي وتأثّر الصادرات بسبب تقلص الطلب العالمي...».
وعلى الرغم من هذه العناصر يتوقّع التقرير أن يستمر الإنفاق السياحي والاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2009، وذلك بسبب كون لبنان أرخص الوجهات السياحية وملجأً للاستثمارات العربية في ظل الأداء الجيد لقطاع الخدمات، وارتفاع تنافسية القطاع الصناعي مع انخفاض أسعار النفط لأقل من 40 دولاراً للبرميل، فضلاً عن أن القطاع المصرفي لم يتضرر من الأزمة واهتمام المستثمرين بالسوق الماليّة المحليّة، فالبيانات الأخيرة تشير إلى استمرار تدفق رؤوس الأموال إلى المصارف التجارية».
ويتطرق إلى موقف شركة «سيسكو سيستمز» عن قدرة لبنان على التحوّل إلى مركز استثماري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا.

ما أغفله التقرير

لا يحتاج الأمر إلى كثير من التحليل، فتأثر الصادرات بالأزمة سينعكس على قطاعات الإنتاج أولاً، ولا سيّما القطاع الصناعي، وقد بدأنا نشهد تراجع قطاع المجوهرات بنسبة 50 في المئة، الذي يمثّل حوالى 25 في المئة من مجمل الصادرات، والضغوط التي يواجهها القطاع الخاص عالمياً ستكون موجودة محلياً ولكن بحسب نسبة تأثّر كل قطاع ومدى تشابك اقتصادات لبنان مع دول ضربتها الأزمة.
والتقرير يغفل عناصر كثيرة أيضاً، إذ إن بيانات إحصاءات جمعية مصارف لبنان عن تشرين الثاني تشير إلى بدء خروج الودائع من لبنان، وتراجع مكوّنات الكتلة النقدية (M3)، ويبدو أن الزمن، في التقرير، توقف في 15 أيلول حين دخل إلى لبنان 900 مليون دولار لكن خرج ضعفا هذه القيمة في تشرين الثاني بحسب ما تظهره مؤشرات تراجع (M3) وانخفاض قيمة أصول المصارف.
والغريب كيف تعاطى التقرير مع الإنفاق الانتخابي ونسبة تأثيره في حجم الاقتصاد اللبناني ودورته، فالمعروف أن أثر هذا النوع من الإنفاق ليس كبيراً في الاقتصاد وليس شاملاً، ولم يكن جديّاً في التعاطي مع الودائع التي حذّر صندوق النقد الدولي من هروبها وإمكان تأثر تمويل الخزينة العامة بهذا الأمر، كما أن امتصاص الخزينة لودائع المصارف سيسهم في تعزيز الركود الاقتصادي بدلاً من تحفيزه عبر تحفيز التسليفات وهذا التراجع سيؤثر مباشرة في احتياطات مصرف لبنان بالعملةالأجنبية.
أما بالنسبة إلى تنبؤات تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى لبنان والسيّاح فعلى التقرير مراجعة «ايدال»، ومعرفة أن الخليجيين مدفوعين بخسائرهم في الخارج بدأوا ببيع عقارات كانوا قد اشتروها في الصيف الماضي.
(الأخبار)