يسعى أيهود أولمرت إلى استغلال فسحة الحكم، التي تركها فشل تسيبي ليفني في تأليف حكومة جديدة، لاستئناف نشاطه وتفعيله على مسار المفاوضات مع سوريا
علي حيدر
كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، عن عزم رئيس الوزراء ايهود اولمرت استئناف الاتصالات غير المباشرة مع سوريا، خلال الأسابيع المقبلة، بوساطة تركيا. وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن اولمرت طلب من وزير الدفاع التركي، وجدي غونول، خلال لقائهما أول من أمس في تل ابيب، نقل رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد تفيد أنّ بالإمكان تجديد المحادثات. كما نقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية تقديراتها أنه بعد جولة المحادثات غير المباشرة القريبة، من الممكن أن تنضج الظروف للمحادثات المباشرة مع سوريا.
في الإطار نفسه، أكدت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى أن الاتصالات بين مكتبي اولمرت ورئيس الوزراء التركي، رجب طيّب أردوغان، ستبدأ الأسبوع المقبل لمحاولة تحديد موعد لعقد جولة محادثات خامسة بين اسرائيل وسوريا. لكن صحيفة «هآرتس» أشارت إلى إمكان أن يواجه أولمرت صعوبات لاستئناف هذه الاتصالات، في أعقاب توتر العلاقات بين واشنطن ودمشق بعد الاعتداء الأميركي على سوريا الأحد الماضي.
وذكرت «هآرتس» أيضاً أن وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر أبلغ اولمرت، خلال لقائه به الثلاثاء الماضي، أن الرئيس الأسد عبّر له، خلال لقائهما في دمشق، عن رغبته بمواصلة المفاوضات مع إسرائيل وبأنه «جدي للغاية».
وأضاف مولر إن الأسد عبّر أمامه عن استعداده للانتقال إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل خلال ولاية إدارة الرئيس بوش، إذا تلقى ردوداً مرضية على وثيقة «النقاط الست» التي أودعتها سوريا أيدي أردوغان. وبادله اولمرت بالقول، بحسب المصدر نفسه، «أنا جدي أيضاً في نواياي تجاه سوريا، وسنجيب عن الأسئلة السورية في الاجتماع المقبل».
وأكد مصدر سياسي في إسرائيل أن مضمون الوثيقة السورية لدى رئيس الوزراء التركي، توضح مطالب دمشق من تل أبيب، وتشمل ثلاث نقاط تتعلق برسم الحدود في هضبة الجولان، وثلاث نقاط تتعلق بترتيبات أمنية في إطار اتفاق سلام.
وفي السياق، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن الاتصالات بين سوريا واسرائيل ستكون أحد المواضيع التي سيتباحث حولها اولمرت مع الرئيس الأميركي جورج بوش لدى زيارته إلى واشنطن الشهر المقبل.
ورغم أن استئناف المفاوضات من ضمن صلاحيات رئيس الحكومة الانتقالية، بحسب القانون الاسرائيلي، فإنّ إعلان نوايا أولمرت استمرار الاتصالات مع سوريا خلال الفترة الباقية له في منصبه، أثار ردود فعل سياسية في الداخل الإسرائيلي، ولقي استياء حزبي «شاس» و«الليكود»، فيما عبرت رئيسة حزب «كديما» تسيبي ليفني عن تحفظها، مشيرة إلى أنه إذا كانت المسألة فقط «تعزيزاً جارياً» للمفاوضات، فعندئذ لا توجد مشكلة، أما إذا كانت محاولة فرض وقائع قبل الانتخابات، فإن هذا الأمر غير ملائم وغير مقبول.
وقال رئيس حزب «شاس»، إيلي يشاي، إن المحادثات مع سوريا «تمنح الشرعية لمحور الشر»، مشدداً على أنه ينبغي عدم الموافقة على خطوة اولمرت، لأنها «تضعف موقف إسرائيل السياسي». وطالب عضو الكنيست عن حزب «الليكود»، رؤوبين ريفلين، بتدخل حزب «كديما» لمنع أولمرت من إجراء تلك المحادثات.
ورد مكتب اولمرت على التصريحات بالقول إن رئيس الوزراء ينوي فقط تعزيز المسار السياسي الذي بدأ مع السوريين، لا اتخاذ قرارات لا رجعة عنها، خلال الأشهر الأربعة الباقية إلى حين الانتخابات العامة في شباط المقبل.
كما رأى عضو الكنيست عن حزب «كديما»، يتسحاق بن يسرائيل»، أنه «لا يوجد أي سبب لوقف المسار السياسي مع دمشق، وأن الوصول إلى مرحلة اللقاء وجهاً لوجه يمثّل بداية للمفاوضات».
يذكر أن إسرائيل وسوريا أعلنتا في 21 أيار الماضي إجراء اتصالات غير مباشرة بينهما، وعقدتا في هذا المجال أربع جولات في اسطنبول، كانت آخرها في 29 و30 تموز الماضي. وبعد ذلك دخلت المفاوضات في مرحلة جمود بسبب الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه جرى في الجولات الأربع السابقة مناقشة عدد من القضايا، بينها الترتيبات الأمنية والتطبيع والمياه والخط الحدودي بعد توقيع اتفاق سلام. ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من أولمرت قولها إنه لم يجرِ في هذه الاتصالات تبادل وثائق، كما لم تجرِ المصادقة على ما يسمى «وديعة رابين» بشأن الانسحاب من هضبة الجولان، في مقابل اتفاق سلام مع سوريا.
وأضافت الصحيفة إنه يمكن الافتراض أن السوريين توصلوا إلى نتيجة مفادها أن الجانب الإسرائيلي يدرك هذا المبدأ، الذي ينص على الانسحاب الكامل من الجولان، في مقابل اتفاق السلام.