دورنا الرقابي يقف عند حدود السريّة المصرفية

يؤيد رئيس لجنة بورصة بيروت، فادي خلف، إجراء بعض التعديلات على مشروع قانون الأسواق المالية، الذي يرتكز على مبادئ عمل بورصة لندن، وأخذ العبر من الأزمة المالية العالمية لجهة شمولية الرقابة على السوق، وذلك بهدف تفادي عمليات تلاعب تستغل تشتت الرقابة. وهذا موجود في لبنان

محمد وهبة

1- يتوقع أن يناقش مجلس النواب مشروع الأسواق المالية الذي صيغ على أساس تحرير عمل البورصة، في حين أن الأزمة المالية العالمية أظهرت وجوب تدخل الدولة في الأسواق، فهل تعتقد أنه يجب الاستمرار بهذا المشروع؟

أعتقد أن العبرة من هذه الأزمة يجب أن تُلحظ في المشروع الذي يرتكز على مبادئ عمل البورصات العالمية، وتحديداً بورصة لندن التي تحتوي على مراقبة مركزيّة أكثر من أميركا. وتُظهر نتائج الأزمة أن هناك ضرورة لشمولية الرقابة، فأبرز المشاكل التي واجهت أميركا تمثّلت في عدم مركزيّة الرقابة، فكانت هناك مؤسسات مالية تخضع لرقابة جهات معينة، ومصارف تخضع لجهات رقابيّة ثانية وشركات الضمان تخضع لجهات ثالثة، وبالتالي كانت هناك فراغات يمكن المرور بينها بلا رقابة.
وبالتالي نحتاج إلى تقوية المراقبة المركزية وتطويرها، لكنّ هناك فرقاً بين إدارة التداول في السوق المالية والجهة التي تراقب، فالمشروع يطرح تحرير القطاع ومراقبته رسمياً عبر هيئة رقابة على الأسواق المالية بإمكانها اقتراح تشريعات، ويمكن أن تذهب إلى أقصى حد في الرقابة لولوج كل العمليات والحسابات والتدقيق فيها.

2- ألا يطرح هذا الأمر تساؤلات عن الدور الذي تؤديه هيئة البورصة حالياً؟ فهل بإمكانها مراقبة عمليات التلاعب، وخصوصاً في ظل السرية المصرفية، وفي ضوء ما يتداول في الأسواق عن أن بعض الشركات تحمل في محفظتها أكثر من 10 في المئة من أسهمها المدرجة بشكل مخالف للقانون؟

هذا الأمر غير مناط ببورصة بيروت، ولا يمكن معرفته إلا من خلال شركات المقاصّة وسجلّات الشركة وهيئة الرقابة الملحوظة في مشروع الأسواق المالية التي بإمكانها مراقبة هذا الأمر. وبالتالي، فإن دورنا يتمثّل في الرقابة على التداول، وحتى اليوم لم نكتشف، بما نملكه من سلطة مراقبة للتداول، حصول عمليات تلاعب، علماً بأن دورنا يقف عند حدود السريّة المصرفية، فهناك الحسابات الائتمانية التي لا يمكننا معرفة مالكها، بل اسم الشركة الماليّة التي تقوم بالعملية ولا نعرف لمصلحة مَن.

3- عملياً، التلاعب ممكن حصوله حالياً، ولا سيما أن بعض المعلومات تشير إلى أنه يمكن التلاعب عبر «نفخ» تقييم بعض المؤسسات وتطرح الأسهم بقيمة أعلى من قيمتها الفعلية، ثم تُشترى هذه الأسهم عندما يتراجع السعر إلى قيمته الحقيقية؟

التلاعب ممكن في كل دول العالم، والدليل ما يحصل حالياً في الأزمة العالمية، لكن الرقابة تكون أقوى وتخفِّف من إمكان التلاعب إذا كانت مركزيّة، ويجب أن تتضمن هيئة الرقابة المركزية شركات التدقيق والتقييم، علماً بأننا لا نعيش فراغاً رقابياً، لأن قسماً منها موجود في مصرف لبنان (لجنة الرقابة على المصارف).

4- حتى اليوم كيف تأثّرت بورصة بيروت بالأزمة العالمية؟

المستثمرون في هذه البورصة اضطروا إلى تسييل استثماراتهم بهدف تغطية خسائر في أسواق مالية أخرى، وقسم منهم هو عبارة عن صناديق استثمار أجنبية، كذلك فإن بعضاً من المغتربين في دول الغرب استثمروا في أسهم لبنانية ويحاولون الحفاظ على مراكز مالية في أسواق أخرى. أما مغتربو الخليج الذين يحملون أسهم لبنانية، فلديهم هاجس المحافظة على مراكزهم المالية في الأسواق الخليجية والمتصلة بالتزامات عقارية، ومنهم مَن يبيع الأسهم التي يحملها قلقاً على ديمومة وظائفهم في تلك البلدان، فضلاً عن بعض الأثرياء اللبنانيين الذين يعيدون النظر في استثماراتهم ويبحثون عن فرص شراء أسهم بأسعار جيدة. وهذه الفئة من المستثمرين في بورصة بيروت تأثّرت بالأجواء النفسية الضاغطة التي دفعتها إلى الإحجام عن أي عمليات، وهي تنتظر وتراقب لاستشراف المرحلة وتحديد الأهداف الاستثمارية.
ومن حسن الحظ، الأوضاع المالية للشركات المدرجة في بورصة بيروت جيدة، وهذا يدفع المستثمر المتردد إلى اتخاذ قرار بالاستثمار في الأسهم اللبنانية عندما تتراجع أسعارها إلى ما دون قيمتها الفعلية، فيعدُّها أسعاراً جاذبة للاستثمار، وهذا ما حصل في الأسبوع الماضي عندما انتفى العرض وارتفع الطلب.

5- يُقال إن هناك بعض الشركات كانت تريد إدراج أسهمها في بورصة بيروت، لكن هناك عوائق «مبهمة»، فما هي؟

لم يُشِر أحد من الشركات إلى هذه العوائق أو الصعوبات المتصلة بشروط الإدراج التي لا تزيد على ما هو مطلوب في البورصات العربية (مثلاً)، إذ يجب أن تقدم الشركات المدرجة ميزانية آخر ثلاث سنوات، وما إذا كانت قد أدرجت أسهمها في السوق الدولية. وإذا كانت تريد إدراج أسهمها في الأولية، يجب ألّا يقل رأس مالها عن 3 ملايين دولار، وفي السوق الموازية يجب ألّا يقل عن مليون دولار، وبلا 3 سنوات أقدمية، أي أن تكون هذه الشركات ذات ملاءة مالية. كما أن دراسة الملف وبتّه أسرع في بورصة بيروت نظراً لقلة عدد الطلبات.
لكن على الشركات العائلية أن تقبل الانفتاح على شركاء جدد من خارج العائلة، وعلى الشركات الصغيرة درس إمكان إدخال مستثمرين غير معهودين سيعمدون إلى التدقيق والمساءلة، فضلاً عن الشفافية المطلوبة للتصريح عن كل ما يتعلق بها. أما بالنسبة إلى السيولة المطلوبة من السوق، فالشركات الكبيرة مثل المصارف وسوليدير لم تشتك من هذا الأمر.

6- هل هناك طلبات إدراج في بورصة بيروت؟

في السابق حُضِّرَت ملفات بعض الشركات، ولكن الأحداث (أحداث أمنية وسياسية، وأخيراً الأزمة المالية العالمية) دفعت البعض إلى تعليق الطلب، وأخيراً كان هناك طلبان قيد التحضير للإدراج، لكن هذه الشركات تتجنّب الإدراج في ظل أزمة الأسواق العالمية.
في المقابل، زادت بعض الشركات نسبة إدراجها، وضخت كمية من الأسهم إلى التداول، وقد رفعت غالبية المصارف المدرجة نسبة الإدراج إلى 100 في المئة من أسهمها، وذلك من أصل 33 في المئة كانت مدرجة. كذلك أضافت بعض المصارف أسهماً تفضيلية ذات أولوية وشهادات إيداع وصناديق استثمار.

7- هل صحيح أن الصفقات خارج الردهة (الصفقات المباشرة) تحولت إلى قاعدة دائمة تجري على أساسها الصفقات الكبيرة؟

هذا النوع من العمليات مخصص للشريك الاستراتيجي، إذ تُنجز الصفقة ثم يُصَرَّح عنها عبر البورصة، فالمعروف أن الصفقات المباشرة مخصصة للعمليات الاستراتيجية التي قد تضر بحركة التسعير إذا طُرح أمر شراء الأسهم مباشرة على البورصة، والشريك الاستراتيجي غالباً ما يفاوض حملة الأسهم لدخول مجلس الإدارة. وحين توضع طلبات شراء 15 في المئة أو 20 في المئة من رأس مال الشركة على البورصة سيرتفع الطلب على السهم وتزيد قيمته، وبالتالي سيحجم حاملوه عن بيعه.
لكن هناك شرط لإجراء عمليات خارج الردهة، وهي أن تكون قيمة الصفقة أكبر من 250 ألف دولار أميركي لسوليدير وأكبر من 100 ألف دولار للمصارف، وهناك قسم من الصفقات الكبيرة يمكن أن تدخل ضمن نظام التداول داخل الردهة بهدف توفير العمولة التي تبلغ الضعف في حال التصريح عن الصفقة خارج الردهة. وتبين الإحصاءات أن 10 في المئة من مجمل الصفقات تجري خارج الردهة في مقابل 90 في المئة لداخل الردهة، وذلك وفق قيم التداول في عام 2007.


عمولات

يقول فادي خلف، إن حصة البورصة من العمولات تبلغ 24%، وتحصل شركات المقاصة على 12%، و64% لشركات الوساطة. وتتوزع هذه العمولات على أربعة شطور: 4 بالألف حتى 100 ألف دولار، أكثر من 100 ألف وحتى مليون دولار تبلغ 2.5 بالألف، أكثر من مليون وحتى 5 ملايين دولار تبلغ 1 بالألف، ما يزيد على 5 ملايين 1.5 بالألف