ليس متوازناً مالياً ولا رقابة عليه وهو مشروع انتخابي
انتفضت الهيئات الاقتصادية على مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية الذي أقرته اللجان النيابية المشتركة، ووصفه رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود بأنه «متصل بعلم الانتخابات والسياسة»، ولوّحت أمس بدعوة أصحاب العمل إلى التوقف عن التعامل مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إذا أُقر المشروع بالصيغة التي وافقت عليها اللجان المشتركة. وأعلن رئيس الهيئات الوزير السابق عدنان القصار، في مؤتمر صحافي عقده أمس في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، رفض المشروع الذي جرى تعديله وتشويه معالمه السابقة التي جرى التوافق عليها، بالإجماع، في ورشة عمل الاتحاد الأوروبي، اذ وقّعت الأحزاب السياسية والهيئات الاقتصادية والعمالية وثيقة بذلك.
ويقترن رفض المشروع المقترح بأدلة عرضها الأمين العام لجمعية مصارف لبنان مكرم صادر، مشيراً إلى ثغرتين في التوازن المالي للصندوق الجديد تجعلانه غير أكيد أو واضح، فالنظام التقاعدي اعتمد على مبدأي الرسملة والتوزع، أي إنه حدّد نسبة اشتراكات واضحة من دون أن يحدد بدقة مدى الالتزامات على الصندوق، وقيمة التقديمات التي تستحقّ للعامل، كما أنه لم يحتسب كلفة الضمان الصحي الذي سيؤمّنه الصندوق للمتقاعدين (فوق 64 عاماً) وهي الكلفة الأعلى.
والأمر الثاني، أن صناديق التقاعد هي بمثابة مؤسسات مالية توظّف المدخرات وتستثمرها، ويجب أن تخضع لرقابة وتعاميم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، فيما المشروع لم يذكر أشياء عدّة، منها النسب الاحترازية بإدارة الأموال وتوظيفها وإشراف مدققي حسابات يرفعون تقاريرهم إلى مؤسسة ضمان الودائع.
وأعرب القصار عن استغرابه لاستثناء الهيئات من مناقشة التعديلات التي أقرت في اللجان المشتركة في المجلس النيابي، وتمنّى على رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم عرض المشروع على الهيئة العامة للمجلس النيابي وإتاحة الفرصة للفرقاء الثلاثة في الضمان (الدولة، أرباب العمل، العمال) للوصول إلى التوافق على أسس وضوابط تكفل التوازن والاستمرارية للصندوق الجديد.
وأوضح ضرورة تزامن تنفيذ قانون التقاعد والحماية الاجتماعية مع «إلغاء صندوق التعويضات العائلية ودمج كل الصناديق الصحية والتحول إلى الضمان الصحي الشامل بحسب ما جرى التوافق عليه بالإجماع في ورشة العمل التي نظّمها الاتحاد الأوروبي بين الأحزاب السياسية والتكتلات البرلمانية والهيئات الاقتصادية والاتحادات العمالية وجرى توقيع وثيقة بذلك»، معلناً رفض الهيئات إقرار «المشروع الكارثة» بصيغته الحالية قبل وضع الضوابط اللازمة له، وإخضاعه لرقابة صارمة، إذ إن هذه الصيغة تمثّل «ضربة موجعة للاقتصاد الوطني بجناحيه، أصحاب العمل، والعمال».
وأبدى عبود تخوفه من عملية ربط ضمان الشيخوخة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبالوصاية السياسية الحالية عليه. ورأى أن توظيف مبالغ نهاية الخدمة في أي مصرف تجاري تضمن تعويضاً أكبر للعامل بثلاثة أضعاف ونصف ضعف، عارضاً لبعد صندوق الضمان الحالي عن الشفافية عبر احتساب فوائد المال العائدة لتعويضات نهاية الخدمة بطريقة تؤدي إلى خسارة أكثر من 70 في المئة من حق العامل، وتضع تسويات مجحفة بحق صاحب العمل. وطالب بأن تكون إدارة صندوق التقاعد والحماية الاجتماعية مشابهتين لصناديق التقاعد وتحت إشراف لجنة الرقابة على المصارف، ولا سيما في ظل مشاكل صندوق الضمان الحالي الكثيرة، وأبرزها تخلّف التشريعات التي تحكم عمله وتقديماته وكلفته الإدارية المرتفعة (12% من مجمل موازنته أو 110 مليارات ليرة)، فضلاً عن تباطؤ الحكومة في دفع ما يستحق عليها وديونها للصندوق... معتبراً أن السير بهذا المشروع «قبل إنجاز الدراسات الاكتوارية العلمية السلمية يمكن أن ينطوي على مخاطر حقيقية».
وعرض النقاط الأساسية التي دفعت الهيئات لرفض المشروع كالآتي:
ــ لا يؤمّن المشروع حماية الأموال الموظفة لدى الدولة من التضخم والتآكل، فإذا كان الاتجاه، كما هو ظاهر، لتوظيف الجزء الأكبر من الأموال في سندات الخزينة فعندها يجب على الدولة أن تقدم ضمانات ضد التضخم أو انخفاض سعر الصرف... وأن يتضمن بنداً يلزمها بدفع اشتراكاتها شهرياً.
ــ الفصل القاطع بين صندوق الضمان الاجتماعي ونظام الشيخوخة غير مؤمّن، والأفظع من ذلك أن تحديد معاشات التقاعد يجري بمراسيم، أي إن الصندوق أصبح عرضة لتدخل السياسة.
ــ ضرورة تضمين القانون الأسس الإكتوارية ليس فقط للاشتراكات بل لنسب المعاشات التقاعدية.
وسأل: «هل يوجد مصرف في العالم يوزع أرباحه بإرادة سياسية، وهل سيتحول هذا الصندوق لتمويل سندات الخزينة؟».
(الأخبار)