عقبات الحوار الفلسطيني لا تزال كثيرة، وآخرها التلويح «الحمساوي» بمقاطعة الاجتماعات، في خطوة ترافقت مع أنباء عن تأجيل مؤتمر المصالحة بذريعة تزامنه مع اجتماع «الرباعيّة» الدوليّة، التي من المفترض أن تبحث سبل إحياء عملية السلام
القاهرة ــ الأخبار
ذكرت مصادر مصرية مطلعة لـ«الأخبار» أمس أن الحوار الوطني الفلسطيني الموسع الذي كان مقرراً عقده في مصر يوم التاسع من الشهر الجاري قد يؤجل ليوم أو يومين نظراً لمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومدير الاستخبارات المصريّة اللواء عمر سليمان، في الاجتماع الذي ستعقده اللجنة الرباعية للسلام في منتجع شرم الشيخ الأحد المقبل.
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أن الحوار الفلسطيني سيخضع لترتيبات أمنية مشددة، بما في ذلك عقده في أحد الفنادق الكائنة خارج القاهرة لتجنب أي وجود إعلامي للتشويش على جلساته، مرجحة أن يكون الحوار في فندق «ماريوت مارياج» في منطقة التجمع الخامس في القاهرة الجديدة.
وأشارت المصادر إلى أن مصر ستوجه الدعوة إلى كل من سوريا وقطر لحضور من يمثلهما في جلسات الحوار. كذلك رجّحت مشاركة الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، في الجلسات تأكيداً للاهتمام العربي بما قد تؤدي إليه من نتائج.
في هذا الوقت، وصل وفد من «حماس» من قطاع غزة إلى القاهرة لعقد مباحثات مع مسؤولين أمنيين مصريين في الورقة المصرية الخاصة بالحوار الفلسطيني. ويضم الوفد أربعة قادة من الحركة، برئاسة محمود الزهار، الذي قال إن الزيارة «هدفها تذليل بعض العقبات التي ظهرت والتي من شأنها إعاقة نجاح حوار الفصائل الفلسطينية».
وقال الزهار، في مؤتمر صحافي عقده قبيل مغادرته إلى القاهرة برفقة القيادي في «حماس» خليل الحية: «هناك مجموعة من العقبات ظهرت في ما يتعلق بإجراءات الحوار تعوق نجاحه، ومهمة الوفد تذليلها ما أمكن دون الدخول في تفاصيل الورقة المصرية».
وأشار الزهار إلى أن شكل العلاقة مع حركة «فتح» والفصائل الفلسطينية الأخرى ستحدّدها اتفاقات ستنجزها ست لجانٍ «إذا تجاوزنا العقبات الأولية والإجرائية التي نحن بصدد حلّها مع الآخرين أو انتظار إجابات عليها».
وقال الزهار إنه سيناقش مع اللواء عمر سليمان اليوم «موضوع الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تتعلق بالإجراءات وبطريقة إدارة الحوار ومشاركة الآخرين فيه وموقع كل طرف ومشارك». ودعا إلى اتخاذ مواقف لإنجاح الحوار، مضيفاً: «إذا لم نستطع إنجاحه، فستكون هناك صعوبة في حضور حماس لجولات الحوار».
وفي السياق، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، عزت الرشق، إن الحركة ستقاطع محادثات المصالحة إذا لم توقف حركة فتح حملة «الاعتقالات والقمع» ضد «حماس» في الضفة الغربية. وأضاف: «لا يمكن أن نذهب إلى الحوار في ظل وجود معتقل سياسي واحد في سجون سلطة عباس». وتابع: «إن من يسجن ويعتقل في الضفة الغربية هدفه إفشال الحوار».
وأضاف الرشق «أن حماس تقوّم الموقف وتطالب بالإفراج عن المعتقلين ووقف الحملة، وفي ضوء النتائج ستقرر الحركة موقفها الحاسم تجاه المشاركة في الحوار وتحمّل سلطة عباس كامل المسؤولية عن ذلك».
وبدا أن احتمال التأجيل لجلسة الحوار الافتتاحية قد سُرِّب إلى بعض الصحافيين قبل إطلاع حركة «فتح»، إذ أعلنت أنها لم تبلغ رسمياً بتأجيل موعد الحوار لأسباب فنية. وقال رئيس وفد حركة «فتح»، نبيل شعث، إلى القاهرة إن الاستعدادات النهائية للحوار الوطني الشامل قد استكملت، وإن الأمور حتى الآن إيجابية جداً، وإن وفود الفصائل الفلسطينية قد بدأت فعلاً بالوصول إلى مصر، موضحاً أن وفد «فتح» بالكامل سيصل إلى القاهرة يوم الخميس المقبل.
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن المحادثات الفلسطينية ـــــ الفلسطينية التي ستجري في القاهرة «تقف على طرف نقيض من المفاوضات (الفلسطينية) مع إسرائيل». وأضافت أن «الوحدة بين الفصائل الفلسطينية معناها وقف المسيرة السلمية مع إسرائيل، إلا إذا قبلت حماس الشروط الثلاثة للرباعية الدولة: الاعتراف بإسرائيل، الاعتراف بالاتفاقات السابقة ووقف الإرهاب».
إلى ذلك، قال عباس، أمس، إن الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، لن يتمكنا من التوصل إلى اتفاق سلام قبل الموعد الذي تستهدفه واشنطن، وهو نهاية العام الحالي.
وأضاف عباس، الذي بدأ اليوم زيارة تستمر يومين لرومانيا، أنه لا يعتقد أن من الممكن التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية العام الحالي لأن الإدارتين الأميركية والإسرائيلية مشغولتان حالياً بشؤون أخرى، والوقت القليل الباقي لن يسمح بالتوصل لمثل هذا الاتفاق.
وقال عباس، عبر مترجم، إن المفاوضات والاتصالات ستستأنف بعد انتهاء عمليات الانتخاب لحل كل الملفات العالقة قيد النقاش. وأضاف أن الجانبين سيحاولان إغلاق هذه الملفات، لأنه حتى الآن لم يغلق أي منها.


سلطات الاحتلال لا تواجه المستوطنين

شككت مُعدّة التقرير عن البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية، المحامية، طاليا ساسون، بقرار الحكومة أول من أمس، القاضي بوقف الدعم المالي للبؤر الاستيطانية. وأكدت أن عمليات الإخلاء التي تحدثت عنها الحكومة لم تكن حقيقية، وأن ما حصل هو العكس، حيث شهدت البؤر الاستيطانية زيادة كبيرة.
وقالت ساسون، التي قدمت تقريرها عام 2005 لرئيس الوزراء السابق أرييل شارون، إن «الإخلاء يتطلب مواجهة مع المستوطنين، ويمكنني أن أفترض أن الحكومة تخشى المواجهة وتتجنبها، لذلك تكتفي بتصريحات سطحية». وأضافت أن «القرار بوقف الميزانيات للبؤر الاستيطانية غير قابل للتطبيق، وسيبقى على الورق. فالحكومة تقرر، ثم في اليوم التالي تنسى الموضوع». ورأت أنه «لو كانت الحكومة الإسرائيلية جدية في منع تكثيف البؤر الاستيطانية وازديادها أو منع أي عمل غير قانوني في الضفة الغربية، فإن تقريرها عن البؤر الاستيطانية مطروح على طاولتها منذ ثلاث سنوات التي قبلته من حيث الظاهر». وتابعت أن «من يقوم بالبناء غير القانوني في الضفة هي سلطات الدولة».
إلى ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حدة التوتر في مدينة الخليل تتزايد، فضلاً عن ارتفاع إمكان نشوب موجة عنف في المنطقة نفسها. وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن اعتداء المستوطنين على منازل الفلسطينيين يجري مع بداية حملة للسلطة الفلسطينية تحت عنوان «من أجل إزالة الحصار عن قلب الخليل»، بهدف الاحتجاج على استمرار قطع الطرقات أمام الفلسطينيين، داخل شوارع المدينة، فيما تُفتَح للمستوطنين اليهود فقط.
(الأخبار)