علي حيدرتناول رئيس قسم الأبحاث الأسبق في الاستخبارات العسكرية، عاموس جلبوع، ظروف تبلور ومسار «الوديعة» السورية التي قدمها رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، لوزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر، وكيفية تعامل رؤساء الوزراء معها.
وأوضح غلبوع، في صحيفة «معاريف»، أن القصة بدأت في 3 آب عام 1993 عندما عقد رابين لقاءً مع كريستوفر، عشية توجهه إلى دمشق للقاء الرئيس السوري حافظ الأسد، في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات السورية ـــــ الإسرائيلية في واشنطن، عالقة.
وأضاف أن رابين قال لكريستوفر إنه «إذا كان السوريون مستعدين للتقدم نحو المطالب الإسرائيلية التي تتضمن معاهدة سلام كاملة، من دون أي صلة بالموضوع الفلسطيني» بما يتضمن ذلك من «خطوات سلام وتطبيع قبل استكمال الانسحاب الإسرائيلي؛ وترتيبات أمنية يشارك فيها الأميركيون أيضاً؛ وانسحاب يستمر لخمس سنوات؛ وخلق قناة حوار مباشرة وسرية بين إسرائيل وسوريا»، فإن اسرائيل بدورها ستكون مستعدة للانسحاب من كل هضبة الجولان، حتى خطوط الرابع من حزيران 1967.
وينقل غلبوع أن «رابين شدد لكريستوفر على عدم القول للرئيس الراحل إن رابين تعهد الانسحاب. لكن عليه أن يقول فقط إنه يفترض، إذا ما استجابت سوريا لمطالب إسرائيل، فإنها ستكون مستعدة للانسحاب إلى خطوط 4 حزيران».
لكن الذي حصل هو أن «كريستوفر قدم الوديعة على أنها وعد مباشر من رابين، وهكذا تحولت وديعة رابين للأميركيين إلى وديعة لسوريا، ومن دون أن تؤدي إلى إحداث اختراق في المفاوضات».
وبعد مقتل رابين، فوجئ شمعون بيريز، الذي تولى منصب رئاسة الحكومة وحزب «العمل»، «باكتشاف الوديعة، وأعلن أنه ملتزم بها، وعلى هذا الأساس واصل المفاوضات مع السوريين». في المقابل، لم ير بنيامين نتنياهو، الذي تولى رئاسة الوزراء بعده، نفسه ملزماً بالوديعة ـــــ خلافاً لاتفاقات أوسلو التي لم يكن ممكناً إلغاؤها. ثم أكد كريستوفر لنتنياهو، رداً على رسالة وجهها إليه، أن وديعة رابين غير ملزمة ولم تعد سارية المفعول».
أما إيهود باراك، الذي انتخب في عام 1999، فقد تجاهل، بحسب جلبوع، «إلغاء نتنياهو للوديعة، وبدأ المحادثات مع السوريين على أساسها. فيما لم يرغب أرييل شارون في أن يسمع شيئاً عن السوريين وعن نشيدهم بشأن الوديعة».
لكن أولمرت، بحسب المصدر نفسه، «قبل عملياً مبدأ الوديعة، غير أن السوريين هذه المرة باتوا يطالبون، على حد تعبير (الرئيس) بشار الأسد بخطوة أخرى: أن يقدم لهم التعهد الإسرائيلي بالانسحاب إلى خطوط 4 حزيران خطياً». وختم جلبوع بأن «أولمرت وبعضاً من الإعلاميين، يحاولون إعادة كتابة التاريخ بدعوى أن كل رؤساء الوزراء تعهدوا الانسحاب من كل الجولان إلى خطوط 4 حزيران».