لا يبدو أن تهدئة غزة في طريقها إلى الانهيار بعد الشهداء الستة الذين سقطوا أول من أمس، في ظلّ حرص إسرائيلي وفلسطيني على استمرارها مرحليّاًعمدت سلطات الاحتلال، أمس، إلى احتواء المجزرة التي ارتكبتها قواتها في قطاع غزة، مشدّدة على التمسك بالتهدئة، فيما أعلنت «حماس» إطلاق 35 صاروخاً على البلدات والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، وذلك للمرة الأولى منذ إبرام اتفاق تموز الماضي، مع إبراز حرصها أيضاً على استمرار التهدئة.
وعمدت «حماس» إلى إطلاق عشرات الصواريخ على إسرائيل، من دون أن يؤدي ذلك إلى وقوع أي إصابات. إلا أنها شدّدت على أن «التهدئة قد تعود إذا لم تردّ إسرائيل». وخلال تشييع الشهداء، قال القيادي في «حماس»، يونس الأسطل، إن «إسرائيل ستدفع الثمن، وإن شروط التهدئة تغيرت».
وحمّل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، بعد لقائه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، «السلطات الإسرائيلية مسؤولية التطورات الأخيرة في قطاع غزة».
إسرائيلياً، أعلن وزير الدفاع إيهود باراك أن «العملية العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة كانت موضعية، ولا تشكل تغيّراً استراتيجياً»، مشيراً إلى اتفاق التهدئة بين إسرائيل و«حماس». وأضاف أنه «تم تنفيذ العملية، مع العلم الواضح بأنها قد تؤدي إلى تدهور الوضع في المنطقة وانهيار التهدئة».
وأوضح باراك أن «الحديث يدور عن عملية موضعية غايتها معالجة أمر نفق أعدّ لعملية خطف أو تنفيذ عملية داخل إسرائيل، وكان ينبغي إحباط ذلك وهذا ما فعلناه».
ووصف مصدر عسكري ما حصل في القطاع بأنه بمثابة «رسالة موجهة إلى حماس بأن الجيش لن يمر مرور الكرام على حفر خندق بالقرب من السياج المحيط بغزة». ولفت أيضاً إلى أن جيش الاحتلال «أثبت بأننا إذا ما عرفنا بذلك، فلن نتردد في العمل عندما تكون هناك ضرورة».
وبررت مصادر أمنية العملية بأنها كانت ضرورية وحتمية في ظل المعلومات الاستخبارية التي تراكمت، واصفة العملية بأنها «جراحية وليس في نية إسرائيل الانجرار إلى التصعيد. ووجهت رسالة إلى الفصائل الفلسطينية مفادها بأنه إذا أرادت المنظمات الإرهابية الهدوء فسنردّ بهدوء من جانبنا وإلا فسنضطر إلى الرد بما يتلاءم».
وفي السياق، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن نائب وزير الدفاع متان فيلنائي قوله إن «إسرائيل ليست أمام تصعيد للوضع في القطاع». وأوضح أن «التهدئة تجلب معها الأمن لبلدات الجنوب الإسرائيلية».
وفي ما يتعلق بالحوار الفلسطيني الداخلي، أعلن رئيس وفد حركة «فتح» للحوار نبيل شعث، أن «الحوار بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصر سينطلق في العاشر من الشهر الجاري في القاهرة»، أي أنه تم تأجيله يوماً واحداً. وقال إن «الرئيس محمود عباس سيحضر جلسة الافتتاح باعتباره الرئيس الفلسطيني، لا رئيساً لوفد فتح، كذلك ستحضر وفود من دول الطوق (مصر وسوريا ولبنان والأردن)، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى». كما وجهت السلطات المصرية دعوات إلى شخصيات وطنية مستقلة، بينها عضو المجلس التشريعي حنان عشراوي.
وقال شعث «سيتم في اليوم الأول توقيع الوثيقة المصرية للحوار واعتمادها ومن ثم تشكيل اللجان»، موضحاً أن «الاتفاق إذا تم فسيكون بعد العيد (الأضحى)». وأشار إلى أن «توقيع الاتفاق سيتم في مقر الجامعة العربية، لكن جلسات افتتاح الحوار ستعقد في مقر الاستخبارات العامة المصرية في القاهرة».
إلا أن مصادر مصرية قالت لـ«الأخبار» إن «الحوار سيعقد في أحد الفنادق خارج القاهرة، وسيخضع لترتيبات أمنية مشددة لمنع أي وجود إعلامي ولإحباط أي محاولة أميركية أو إسرائيلية للتجسس على كواليس المؤتمر».
في هذا الوقت، اعترف عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عبد الله الإفرنجي، «بوجود فيتو أميركي ـــ إسرائيلي على الحوار مع حماس»، مؤكداً أن «حركته ستشارك في حوار القاهرة لتحقيق المصالحة الوطنية». وأضاف «من دون شك، هناك رغبة أميركية في أن تتم المصالحة التي تريد أميركا فرضها».
من جهته، قال المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم، إن «القيادة المصرية أخذت بعين الاعتبار الملاحظات التي أبدتها حماس، ووعدت بتذليل كل العقبات، والضغط على حكومة رام الله للإفراج عن جميع المعتقلين».
وفي إطار الانقسام الداخلي بين «حماس» و«فتح»، اتهمت الحركة الإسلامية الأجهزة الأمنية الفلسطينية باعتقال 28 من أنصارها في الضفة الغربية خلال الـ 24 ساعة الماضية.
إلى ذلك، تفقد وفد عسكري من السفارة الأميركية، ضم الملحق الجوي واثنين من مسؤوليها الأمنيين، المناطق الحدودية بين مصر وإسرائيل وغزة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)