بري يطلب ملاحظات العمال وأصحاب العمل والضمانقالت مصادر مطلعة إن رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغ بعض ممثلي الهيئات الاقتصادية وعدداً من النقابيين المطّلعين أن ملف مشروع قانون ضمان الشيخوخة صار في درج مكتبه، ولم يعد مطروحاً البحث فيه في الهيئة العامة للمجلس النيابي، ولذلك لن يجري إقراره قريباً
تماماً كما توقعت «الأخبار»، فإن مشروع قانون إنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية «ضمان الشيخوخة» بات في حكم المجمّد، إذ تبلّغ بعض المعنيين به أن هذا المشروع لن يكون مطروحاً في وقت قريب على الهيئة العامّة للمجلس النيابي، وبالتالي، فإن «الضجة المثارة» حول المشروع نجحت في التواطؤ مع السياسيين المتضررين في التمهيد لسحبه بدلاً من فرض تعديلات عليه في ضوء الملاحظات الجدّية التي أبداها عدد من خبراء الهيئات الاقتصادية والعمالية، ولا سيما لجهة تحديد المعاش التقاعدي اللائق وتأمين كل الحماية لقيمته الشرائية ولقيمة الأموال التي ستتراكم في هذا النظام، وتوفير كفالة الدولة وضمانتها لهذه الأموال وللحد الأدنى من المعاش، فضلاً عن وضع النظام تحت الرقابة والتدقيق من دون أي وصاية سياسية تعرّض أموال المضمونين للمخاطر، كما هو حاصل اليوم في فرع تعويضات نهاية الخدمة.

بري يستجيب للضجّة

وفي تطور يعكس الاتجاه إلى تجميد المشروع، أصدرت الأمانة العامة للمجلس بياناً أمس جاء فيه: «إزاء الضجة التي أثيرت حول قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية من أرباب العمل والعمال والضمان الاجتماعي، طلب رئيس المجلس النيابي من دوائر المجلس إرسال نسخ من مشروع القانون كما عدّلته اللجان النيابية المشتركة، إلى كل من الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والمديرية العامة للضمان الاجتماعي، لإرسال ملاحظاتهم على المشروع خلال خمسة أيام قبل عرضه على الهيئة العامة للمجلس ليُبنى على الشيء مقتضاه».
وعلّقت مصادر نيابية متابعة على خطوة بري مشيرة إلى أنه يهدف إلى كسب الوقت ربما بهدف إجراء تعديلات على المشروع، أو من أجل وضعه على طاولة البيع والشراء في مرحلة مقبلة، وذلك بصرف النظر عن الملاحظات الجديّة عليه، انطلاقاً من كون الصيغة التكافلية الحالية لا تزال تمثّل ضمانة أكبر من المشروع بصيغته الحالية، وقالت إن هناك ملاحظات بنيوية على المشروع الذي أقرّته اللجان النيابية المشتركة، وهو يضع أموال العمال في مهب الريح.
والنقاش بشأن تأثير مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية ظهر علنياً ظهوراً حاداً لأول مرّة في موقف الهيئات الاقتصادية في مطلع الأسبوع الجاري، حين لوّحت بوقف التعامل مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومع النظام الجديد للتقاعد وذلك إذا أقر المشروع بصيغته الحالية، مطالبةً بسحب المشروع من المجلس.

إعادة النقاش

وأمس، صوّب الاتحاد العمالي العام هذا النقاش العلني باتجاه مغاير، مطالباً بإعادة نقاش المشروع وصياغته وفق أسس التكافل والتضامن الاجتماعي بحضور أطراف الإنتاج الثلاثة (الدولة، أصحاب العمل، العمال). فقد عقد رئيس الاتحاد غسان غصن مؤتمراً صحافياً عرض فيه ملاحظات تشير إلى وجود خلل خطير في هذا المشروع، إذ إنه يقوم على مبدأ الرسملة، مما يقضي على مفهوم التكافل والتضامن، فيما تغيب ضمانة وكفالة الدولة ما يثير تساؤلات: «هل نضع مئات الآلاف من المضمونين لاحقاً مع من يعيلون أمام مخاطر لا حصرَ لها؟ من يضمن القيمة الفعلية لرواتب التقاعد وهي بالعملة اللبنانية إذا ما حدث أي تغيير سلبي في قيمتها كما جرى في العقد الأخير من القرن الماضي، أو في أبسط تقدير في مواجهة التضخم».
وتساءل غصن أيضاً: «هل جاءت الفرصة المؤاتية للانقضاض عل المبالغ المتوافرة في صندوق نهاية الخدمة، التي كانت محط أنظار الحكومات الماضية؟ ولماذا يلزم المشروع مَن هم تحت سن 55 عاماً بالانتساب إلى النظام الجديد من دون أي دراسة اكتوارية تفيد بما سيتقاضى فعلياً بعد سن التقاعد؟ فأي مشروع هذا الذي يترك مسألة تحديد نسبة المعاشات التقاعدية، وما مغزى ترك الأمر لمجلس الوزراء ليصدر بمراسيم بناءً على اقتراحات غير ملزمة من مجلس الإدارة ووزارتي العمل والمال، فهذا الإغفال المقصود يحمل الكثير من الشبهة».
ورأى غصن أن عدم تحديد هيئات رقابية حقيقية على لجنة الاستثمار التي سيعينها مجلس الوزراء يمثّّل وحده سبباً كافياً لرفض المشروع، ولا سيما أنه بذلك ستحدث على صلاحيات واسعة في ظل غياب ضمانة الدولة. منتقداً التوقيت «السياسي» لطرح هذا الموضوع، و«الحرص» المستجدّ على مصالح المضمونين. ولذلك، فإن الاتحاد العمالي العام متمسّك بإقرار قانون للتقاعد والحماية الاجتماعية بدلاً من النظام الحالي «البالغ التخلف»، ولكنه يرفض رفضاً قاطعاً المشروع المطروح بسبب مخاطره واختلالاته البنيوية، ويناشد الرئيس نبيه بري إعادة مناقشة المشروع.

الاستيلاء على أموال الضمان

ويكرر بيان الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين الخشية من أن يكون «الهدف من مشروع قانون نظام التقاعد والحماية الاجتماعية المطروح، الاستيلاء على أموال المضمونين، لا تأمين الخدمات الصحية للعامل في سن التقاعد». وأعرب عن رفضه لبعض بنود المشروع لأنه يعدل فلسفة الضمان القائمة على التكافل والتضامن ونظامه المبني على ثلاثية التمثيل، ويحمّل المضمونين مخاطر لجهة الحقوق المكتسبة ومعاش التقاعد.
وفي السياق نفسه، كان لنقابة موظفي ومستخدمي الضمان الاجتماعي ملاحظات على المشروع المطروح حالياً، فقالت إن تعويض نهاية الخدمة هو رواتب مؤجلة الدفع وحق ثابت للأجير، لكن المشروع الجديد يلغي نظام التجميع وتحديد المعاش التقاعدي على أساس الراتب وسنوات الخدمة، كما لا يعطى الأجير خيار التعويض الكامل أو الراتب التقاعدي الشهري. ولفتت إلى أن عدم تحديد مسؤولية الدولة في دعم هذا الصندوق في حال عدم توافر الأموال لأي سبب من الأسباب، يعرّضه لمخاطر حقيقية. وتقترح النقابة لهذه الأسباب ولغيرها إعادة صياغة المشروع من جانب ممثلي العمال وأرباب العمل والدولة، على أن يكون أساسه الفكري والثقافي، مشروع التقاعد المعمول به حالياً لموظفي الدولة اللبنانيين
(الأخبار)


4500 مليار ليرة

هي مجمل أموال فرع تعويضات نهاية الخدمة في الضمان والموظفة حالياً بنسبة 80% في سندات الخزينة اللبنانية وبنسبة 20% في المصارف الخاصة. لكن الانتقال إلى نظام التقاعد يجب أن يضمن استثمار حوالى 10 مليارات دولار في غير هذه الأدوات


المجلس الاقتصادي والاجتماعي