جميل ملك: الراتب يجب ألّا يقلّ عن الحد الأدنى
محمد وهبة
«يجب أن يعود مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية إلى اللجان النيابية المشتركة لمناقشته هناك بحضور ممثلين عن النقابات، ولا تتوقعوا أن يؤخذ بملاحظاتكم في مناقشات الهيئة العامة للمجلس». هكذا توّج المدير السابق لضمان المرض والأمومة في الصندوق، جميل ملك، ملاحظات استغرق سردها ثلاث ساعات على مشروع القانون. وقال في ورشة العمل التي نظمها، أمس، مركز التدريب النقابي في فندق بادوفا ــ سن الفيل، إن «هذا المشروع يمثّل مجزرة بحق العمال».
شارك في الورشة ممثلو نقابات حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي والكتائب اللبنانية، وغاب ممثلو حركة أمل والقوات وتيار المستقبل، علماً بأنهم تبلغوا الدعوة عبر الاتحاد العمالي العام. ويسجّل أن هذه المشاركة هي الأولى من نوعها منذ أن انشقّت هيئة الإنقاذ عن الاتحاد العمالي العام إثر خلافات انتخابية داخلية.
وفي البدء، كشف النقابي فضل الله شريف عن أن تقرير اللجان النيابية المشتركة لا يذكر من هم النواب الذين حضروا الجلسة التي أُقر فيها المشروع، بل يذكر وجود ممثلين للضمان الاجتماعي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس الحكومة.
أما ملاحظات ملك فتبدأ برفض قاعدة رسملة صندوق التقاعد وضرورة إقرار مبدأ التوزيع الذي يؤدي إلى مزيد من التكافل والتضامن بين المنتسبين، وقدم مثال مقارنة مع نظام الضمان الاجتماعي الفرنسي، حيث يوجد 52 معدل اشتراك مراعاة لقدرة الشرائح الاجتماعية وقيمة رواتبها، ونسبة الاشتراك ترتفع مع ارتفاع الدخل لتغطية التكاليف الاجتماعية على قاعدة «من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته».
ثم يشير ملك إلى مبدأ «عدم رجعية القوانين»، أي إنه يجب إعطاء الخيار لمن لم يبلغوا 55 عاماً بالانتساب إلى النظام الجديد أو عدمه، وليس إرغامهم على الانتساب، فالمشروع لا يرى الفارق بين شخصين أحدهما ينتظر أياماً معدودة ليبلغ هذا العمر؟ ولفت إلى أن المواد القانونية في المشروع المطروح للتصويت في المجلس النيابي لا تنسجم مع كثير من القواعد القانونية الواردة إلى قانون الضمان الاجتماعي، ويندرج تحت هذا الأمر «ضرورة التوازن المالي للصندوق، وكفالة الدولة لأموال الصندوق الملحوظة في قانون الضمان...».
وانتقد عدم وجود قاعدة لاحتساب المعاش التقاعدي وترك تحديده للنظام الداخلي، مشيراً إلى أنه يجب وضع قاعدة تنسجم مع المادة الـ 44 من قانون العمل، وذلك حتى لا يقلّ المعاش التقاعدي عن الحد الأدنى للأجور ولا يتجاوز 80 في المئة من قيمة الراتب الأخير للأجير، وبالتالي تكون القاعدة: معدلاً محدداً احتساب الراتب (ربما على أساس متوسط راتب أعلى 3 سنوات في الخدمة) زائد عدد سنوات الخدمة زائد معدل اكتواري.
وبالنسبة إلى لجنة الاستثمار التي أفرد لها مشروع القانون ست صفحات، أوضح ملك أنه يرفض إحلال اللجنة المالية التي «تآمرت على الصندوق وخضعت للنفوذ السياسي بلجنة شبيهة، بل يجب استحداث مديرية للاستثمار في أمانة سر الإدارة تعمل تحت إشراف مجلس إدارة الصندوق. لكنه لم يوضح كيفية حماية استثمار أموال التقاعد، وإن كان الاستثمار سيخضع لضوابط مالية مثل تلك التي يحددها مصرف لبنان وتطبقها لجنة الرقابة على المصارف، على المؤسسات المالية والمصرفية والصناديق المالية؟
ورأى أن المادة 50 ــ 3 التي تشير إلى التقاعد المبكر شبيهة بنصوص رواتب العجز، إذ يجب إعطاء المضمون حق التقاعد المبكر عندما يكمل خمسين عاماً، أو توافر 25 سنة خدمة فعلية على الأقل. أما الفقرة السادسة من هذه المادة، فهي تشجع صاحب العمل على الاحتيال والتهرب من تسديد الاشتراكات لأنها تربطها بالتقديمات، فهي تشير إلى أن حساب كل مضمون يتألف من الاشتراكات المسددة فقط من دون أن يذكر الواجب تسديدها. واستغرب أن لا يشمل ضمان المرض المتقاعد المبكر، كذلك رفض تحديد سقف للأجر في اشتراكات التقاعد، لكن المادة 54 ــ 2 تفرض على المنتسب الأجير اشتراك بمعدل أقل ممن هم لا يعملون.
وباستثناء هذه الملاحظات التي «أفرَغت المشروع المطروح بالصيغة الحالية» وفق ما أقر به جميع المشاركين، فقد استحوذ النقاش على نقطتين: الأولى تتعلق بكيفية التصدي للمشروع المقر وإمكان إعادته إلى اللجان النيابية المشتركة لمناقشته بحضور ممثلي الهيئات المعنية انطلاقاً من أن رسالة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى المعنيين، طالباً إبداء ملاحظاتهم على المشروع خلال خمسة أيام «لا تكفي»، والثانية تتعلق بالتفاف الأطراف النقابية المختلفة حول مبدأ رفض المشروع.