strong>أكّد «ارتياح» سوريا للوضع في لبنان وطالب إسرائيل بتقديم «براهين» على استعدادها للسلام«سوريا مرتاحة للأجواء الإيجابية في لبنان». بهذه الكلمات عبّر الرئيس السوري بشار الأسد عن نظرة دمشق إلى الوضع في بيروت، إلا أنه بدا حازماً حيال العراق الذي طالب بانسحاب قوات الاحتلال منه، مؤكداً أن واشنطن تريد تحويله، عبر الاتفاقية المقرّر أن توقّعها معه، إلى «قاعدة لضرب دول الجوار

دمشق ـ الأخبار
خصّص الرئيس السوري، بشار الأسد، كلمته أمام البرلمانيين العرب أمس، لتوجيه مجموعة من الرسائل، على خلفية الغارة الأميركية الأخيرة على مدينة البوكمال السورية، معلناً رفضه للاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، ومطالباً بانسحاب القوات الاحتلال من بلاد الرافدين، من دون أن ينسى العملية السلمية، عبر دعوة إسرائيل إلى إثبات جديتها في السلام.
وكان لافتاً في كلمة الأسد، تطرّقه باقتضاب إلى الوضع في لبنان. وقال إنه مرتاح «للأجواء الإيجابية التي تلت مؤتمر الدوحة الذي وضع العناوين الأساسية للتوافق الوطني وهيّأ الظروف الملائمة لتحقيق الاستقرار في لبنان وتفويت الفرصة على المحاولات التي يبذلها البعض لضرب وحدته».
وأفرد الأسد مساحة للحديث عن موضوع السلام مع إسرائيل. وطالب الإسرائيليين «بتقديم البراهين وبالأفعال عن استعدادهم للسلام». وقال «من غير المنطقي أو المقبول بعد الآن أن يكون مطلوباً منا نحن العرب أن نستمر في تقديم البراهين والدلائل على رغبتنا في السلام التي أعلنّاها وعبّرنا عنها في مختلف المناسبات». وتابع «على الإسرائيليين أن يقدموا البراهين على ذلك وأن يعبّروا بالأفعال عن استعدادهم للسلام، وأن يعملوا على إقناعنا نحن العرب بذلك» لأنهم «هم الذين يحتلون أرضنا ويعتدون على شعبنا».
ورأى الأسد أن «السلام لم يكن الهاجس الأساسي للإسرائيليين، بل هاجسهم هو الأمن بالمعنى الضيّق، الذي لا يتحقق إلا على حساب أمننا وحقوقنا نحن العرب». ورفض تقديم تنازلات لإسرائيل، مشيراً إلى أن «السلام بالنسبة إليهم هو عمل تكتيكي وليس خياراً استراتيجياً».
ووجه الأسد انتقاداً شديد اللهجة للإدارة الأميركية الراحلة، قائلاً إنه كان يفترض أن «تهتم بالسلام لكنها لم تعرف شيئاً عن الحضارات الإنسانية سوى قعقعة السيوف». وأضاف «لم تقدم للإنسان من حقوقه التي وضعتها شعاراً زائفاً سوى حقه في العيش خائفاً في أحسن الأحوال وميتاً في أسوئها».
وعن الاعتداء الأميركي الأخير على الأراضي السورية، قال الأسد إنه «يدل على أن وجود قوات الاحتلال الأميركي هو مصدر تهديد مستمر لأمن الدول المجاورة للعراق، كما يشكل عامل عدم استقرار للمنطقة»، منبهاً إلى أن ذلك يؤكد «أن الاتفاقية الأمنية تهدف لتحويل العراق إلى قاعدة لضرب الجوار بدلاً من أن يكون سنداً لهم». وطالب بإنهاء الاحتلال في أسرع وقت لأنه «ضرورة لاستقلال العراق ولاستقرار المنطقة».
ورأى الرئيس الأسد أن «قول الأميركيين إن الانسحاب يخلق الفوضى، هو كلام حق يراد به باطل، بهدف الإيحاء بأن الشعب العراقي غير قادر على حكم نفسه وإدارة شؤونه». وجدّد مساندة سوريا الجهود المبذولة لإنجاز الحوار الوطني العراقي واستعدادها «لتقديم كل عون ممكن لإنجاز هذه الغاية».
وكان الأسد قد ركّز في مستهل كلمته على العلاقات العربية ـــــ العربية والأمن القومي. وقال «لا يمكن أحداً أن يضمن أمنه بمعزل عن أمن الأشقاء، ولا أن يحقق مصالحه بمنأى عنهم»، لافتاً إلى أن «سوريا واجهت صعوبات وتعرّضت لحملات منظمة واضحة الأهداف من جانب أوساط معادية ردّد أصداءها البعض من الأصوات العربية بهدف التشكيك في مواقفنا والتعريض بدوافعنا تحت عناوين الواقعية والمرونة والعقلانية». وتابع «لكن سوريا، على الرغم من كل التهديدات والإغراءات، لم تفقد البوصلة أو الاتجاه الذي يحدد العناوين الأساسية للمصلحة القومية».
وأوضح الأسد أن «التحديات كبيرة ومواجهتها مرهونة بتضامننا. وإذا كانت أخطر العقبات هي التفرقة والتجزئة بيننا، والتي تحققت في مفاصل عديدة عندما سمحنا للقوى الخارجية باستخدامنا وقوداً لخلافاتها على الساحتين الإقليمية والدولية، فإن زرع الخلاف بيننا وبين الشعوب الأخرى في منطقتنا لا يقل خطورةً عنها». ورأى أنه «إذا كان التضامن العربي هو الوسيلة لاستعادة الوضع العربي الطبيعي، فإنه لا يكتمل من دون علاقات عربية سليمة منفتحة مع دول وشعوب وثقافات المنطقة، وخصوصاً المجاورة لنا جغرافياً والتي تداخل تاريخها مع تاريخنا وتمازجنا معها بشرياً وثقافياً لقرون طويلة».
وسيناقش البرلمان العربي، الذي بدأ أولى جلساته أمس، تقارير وتوصيات اتخذتها اللجان المنبثقة عنه خلال اليومين الماضيين حول قضايا اقتصادية، من أبرزها الموضوعات التي ستطرح على القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في الكويت مطلع العام المقبل والاتفاق التجاري الإسرائيلي ـــــ الأوروبي وانعكاساته على الوطن العربي، وخصوصاً دول الطوق والشعب الفلسطيني والأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على الدول العربية.