انطلق العدّ العكسي لواحدة من المناسبات السياسية المصيرية في العراق مع تحديد تاريخ 31 كانون الثاني 2009 موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، بينما ارتفع منسوب التوتّر بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم الكردي
بغداد ــ الأخبار
أعلن رئيس الإدارة الانتخابية في العراق، القاضي قاسم العبودي، أمس أن انتخابات المحافظات ستُجرى يوم السبت 31 كانون الثاني 2009 «في يوم واحد في بغداد والمحافظات الأخرى» باستثناء كركوك ومحافظات إقليم كردستان: أربيل والسليمانية ودهوك. وأضاف إن «الحملة الانتخابية ستبدأ نهاية الشهر الحالي أو بداية الشهر المقبل وتستمر لمدة شهرين».
وكان العبودي قد أعلن سابقاً أن «عدد الكيانات السياسية التي سجلتها مفوضية الانتخابات لخوض المعركة الانتخابية هو 401 كياناً، بينها 36 كياناً ضمن ائتلافات و365 كياناً آخر مستقلاً».
وفي ما يتعلق بنظام توزيع المقاعد، أشار العبودي إلى وجود «مسودة لقانون توزيع المقاعد، تمنح المرشح مقعداً إذا حصل على العدد الكافي من الأصوات في حال كونه مستقلاً أو ضمن قائمة انتخابية».
وعن نظام الترشّح، كشف العبودي عن أنه سيجري اعتماد صيغة القائمة المختلطة «لكونها تجمع بين مزايا القائمة المفتوحة والمغلقة، وتحظى بقبول جميع الكيانات السياسية»، على أن تكون «الكوتا النسائية 25 في المئة من مجموع الأعضاء».
ويبلغ عدد أعضاء مجالس المحافظات 440 مقعداً، تتوزّع على 14 محافظة من أصل 18 ستجري فيها الانتخابات.
وفي السياق، أقرّ مجلس الرئاسة العراقي أول من أمس، القانون الذي تبنّاه البرلمان بشأن تمثيل الأقليات في هذه الانتخابات. وهي ستتمثّل بستة مقاعد بينها ثلاثة للمسيحيين، الذين عبّروا عن استيائهم من هذه النسبة، التي رأوا فيها «مسبباً إضافياً لإحباطهم».
ولانتخابات المحافظات، أهمية قصوى، نظراً لعدد من المعطيات، أهمها أنها ستفتح الباب أمام مشاركة عدد من التنظيمات السياسية التي كانت مقاطعة للعملية السياسية، أبرزها «مجالس الصحوات» العربية السنية. كما أنّ هذه المحطة السياسية ستمثّل استحقاقاً على الساحة الشيعية، إذ إن السيطرة على محافظات الجنوب والوسط بالنسبة إلى «المجلس الإسلامي الأعلى» في انتخابات عام 2005، كانت الوسيلة الأفعل بالنسبة إليه لفرض سيطرته السياسية، في مواجهة منافسه التاريخي التيار الصدري.
في هذا الوقت، تدهورت العلاقات بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان في اليومين الماضيين، بعدما رفضت حكومة أربيل دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تغيير الدستور وتوسيع صلاحيات الحكومة المركزية.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة كردستان، صلاح مصطفى، إن «زمن الحكم الشمولي وسيطرة الدولة المركزية انتهى». وأضاف «نريد أقاليم ذات صلاحيات واسعة وحكومة قوية فعالة»، مشدداً على «الاعتصام بالدستور الحالي».
وكان المالكي قد دعا أول من أمس، في «مؤتمر الكفاءات والنخب» في بغداد، إلى توسيع صلاحيات الحكومة المركزية «بحيث تفوق تلك التي تتمتع بها الحكومات المحلية». وحذر من أن تتحول اللامركزية إلى ديكتاتورية «وأن تصادر الفدرالية الدولة».
وعن طريقة وضع الدستور الحالي، قال المالكي «ربما كُتب في أجواء كانت فيها مخاوف، لكننا ذهبنا بعيداً في تكريس المخاوف وتكريس التطلعات». وتابع المالكي «أستطيع أن أقول إن المخاوف لم تكن موضوعية، وقد وضعنا قيوداً ثقيلة حتى لا يعود الماضي، ولكنها كتّفت الحاضر وكتّفت المستقبل».
وعلى صعيد الاتفاقية الأمنية المنوي توقيعها بين واشنطن وبغداد، فقد كلف السيد مقتدى الصدر كتلته النيابية إجراء حملة مشاورات مع الكتل البرلمانية الأخرى لحثها على رفض توقيعها، في وقت رأت فيه كتلة «الائتلاف الموحد» أن التفاوض مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سيكون أصعب مما هو عليه الآن مع إدارة جورج بوش.
وطالب رئيس كتلة «المجلس الأعلى»، الشيخ جلال الدين الصغير، حكومة بغداد بأن تكون «أكثر حذراً في التفاوض بشأن الاتفاقية الأمنية». وقال الصغير «أعتقد أنّ شروط المفاوض الأميركي الجديد ستكون أقوى بكثير من السابق، باعتبار أن المفاوض السابق كانت لديه معاناة من الوقت وضغط الانتخابات. أما الآن، فإن الإدارة الجديدة لا تعاني الضغط».
ميدانياً، أعلن الجيش الأميركي مقتل أحد جنوده، وإصابة اثنين آخرين بجروح شمال بغداد. وقتل أكثر من 20 عراقياً في أعمال عنف نهاية الأسبوع، علماً أن أعنف العمليات الانتحارية استهدفت مقراً لشرطة الأنبار في الرمادي أمس.