يبدو أن إسرائيل بدأت تتحسّر على أيام الرئيس الأميركي، جورج بوش، وتعدّد منجزات إدارته في دعمها للدولة العبرية. هذا ما عبّر عنه مستشار رئيس الوزراء السابق، أرييل شارون، في مقال في صحيفة «يديعوت أحرونوت»
يديعوت أحرونوت ــ دوف فايسغلاس
انتصار باراك أوباما تحقّق، من بين جملة أمور، بسبب خيبة الأمل والغضب اللذين أعرب عنهما العديد من الأميركيين تجاه إدارة بوش. في ظل الفرحة الأميركية بهذا الانتصار، يجدر بنا أن نتذكر ونُذكّر ببعض الخير الذي أغدقه الرئيس بوش على دولة إسرائيل.
لقد وفر بوش تأييداً غير متحفظ لكفاح إسرائيل ضد الإرهاب الفلسطيني، الذي ترى فيه العديد من الدول في العالم «رد فعل مفهوماً» على الاحتلال الإسرائيلي. من دون تأييد بوش المتين، كانت إسرائيل ستجد صعوبة كبيرة في تطبيق سياسة أمنية متصلبة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك الاغتيالات والاعتقالات الواسعة وفتح النار بحسب الحاجة والاستيلاء على مناطق وحظر التجوال والإغلاقات وقطع الطرق والحواجز والتفتيش والتضييق على السكان.
لقد فهم بوش أن للضرورة أحكاماً. كلما كانت إسرائيل تتورط في قتل مأساوي لفلسطينيين أبرياء، كان الناطق بلسان البيت الأبيض، في ذروة الاحتجاج العالمي، يعرب عن الأسف لهذا الأمر، ولكنه يشدد على أن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». وعندما احتدم إرهاب الانتحاريين ونشأت الحاجة إلى الجدار الأمني، ناطح الاحتجاج العالمي السحاب، ومن دون دعم قاطع من بوش كانت إسرائيل ستجد صعوبة في بناء الجدار، وخصوصاً في أعقاب الإجراء الذي اتخذ ضدها في المحكمة الدولي في لاهاي.
في حزيران 2002، أحدث بوش انقلاباً في موقف العالم من المسار المطلوب لتسوية النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني. قبل ذلك كان يسود المفهوم أن الأمن سيأتي من تلقاء نفسه بعد تحقيق التسوية السياسية. أما بوش، فقرر ترتيباً معاكساً للأمور: أولاً فليكفّ الفلسطينيون عن الإرهاب ويصفّوا بناه التحتية ويقيموا حكماً ناجعاً ونقياً من الفساد، وفقط بعد ذلك تبدأ مفاوضات سياسية. هذه هي خلاصة خريطة الطريق.
بوش ومستشاروه أدركوا أنه إذا قامت دولة فلسطينية ولكن بقيت فيها عصابات إرهابية، فستجد إسرائيل صعوبة في الدفاع عن نفسها من الخارج، كما أن الدخول إليها سيورطها بطريقة خطيرة. وعليه، فقد منحها بوش نوعاً من «التأمين» ضد التسوية السياسية المفروضة في ظروف الفوضى الحالية في السلطة الفلسطينية.
في رسالته في نيسان 2004، كجزء من تأييد الإدارة لخطة فك الارتباط، أعرب بوش عن تأييد الولايات المتحدة للموقف الإسرائيلي الذي يقول إنه في كل تسوية دائمة سيسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الدولة الفلسطينية فقط، وإن إسرائيل ستواصل السيطرة على الكتل الاستيطانية الكبرى. لم يقل أي رئيس أميركي أموراً كهذه من قبل.
كما أن بوش منح إسرائيل دعماً قوياً لمواصلة الاحتفاظ بالوسائل الخاصة التي غايتها ردع مجانين المنطقة. وواصل منح اسرائيل مساعدة مالية عسكرية بمليارات الدولارات سنوياً، فيما وفرت إدارته لنا وسائل قتالية حديثة للغاية، وتعاوناً استخبارياً واسعاً. ماذا نطلب أكثر من ذلك؟
دعم الموقف الإسرائيلي يحتاج إلى صبر كبير وانتظار طويل ومحبط إلى أن تتوافر الظروف اللازمة لإقامة دولة فلسطينية مناسبة. إسرائيل نفسها تجعل من الصعب جداً قبول موقفها بسبب النشاط الاستيطاني المنفلت. وكان للرئيس بوش طول النفس والاستعداد لتأخير تطبيق رؤيا الدولتين إلى أن يحدث التغيير اللازم، رغم الضغوط والانتقاد من الداخل ومن الخارج. ليس صدفة أن تجد الإسرائيليين الذين يؤمنون بتسوية مفروضة فرحين بذهابه. هؤلاء بالطبع قصيرو الذاكرة وناكرو الجميل.