تأتي الذكرى الرابعة لاستشهاد الزعيم ياسر عرفات (أبو عمار)، في ظل حالة انقسام عميق في الصفوف الفلسطينية، وصل إلى حد الخلاف على إحياء ذكراهالسجال الداخلي بين «حماس» و«فتح» لم يتوقف، وهو مرشّح إلى مزيد من التصاعد في أعقاب انفراط عقد الحوار الذي كان من المقرّر انطلاقه أمس في القاهرة. السجال هذه المرة جاء على خلفية إحياء الذكرى الرابعة لرحيل ياسر عرفات، الذي أكد ابن شقيقته، ناصر القدوة، أن غموض ملابسات استشهاده سيكشف خلال عامين.
واتهمت هيئة العمل الوطني الفلسطيني، أمس، الحكومة المقالة في غزة بمنعها من إقامة مهرجان لإحياء ذكرى عرفات، التي تصادف اليوم. وقال القيادي في حزب «الشعب» والعضو في هيئة العمل الوطني الفلسطيني (التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية)، وليد العوض، في مؤتمر صحافي في غزة، «نؤكد أننا بذلنا أقصى جهدنا من أجل إحياء الذكرى الرابعة لوفاة القائد الرمز، إلا أن الهيئة اصطدمت بعدة عقبات، وفي مقدّمها ما أعلنته الحكومة المقالة في غزة من منعها إحياء هذه الذكرى». كما اتهم «الأجهزة الأمنية في غزة بتنفيذ حملة اعتقالات لكوادر فتح وجعلهم يتعهدون بعدم المشاركة في إحياء الذكرى، علاوة على دهم المطابع ومنعها من طبع صور الرئيس أبو عمار».
وأضاف العوض، الذي كان محاطاً بثلاثة من أعضاء الهيئة، «تلقينا رداً مباشراً وقاسياً بمنع إحياء الفعالية». وأوضح أعضاء الهيئة أنه «حرصاً على دماء أبنائنا وتجنّباً لأي تصعيد للأمور، قررنا إحياء الذكرى بالوقوف خمس دقائق حداداً الساعة 11 صباحاً، ولبس الكوفية الفلسطينية من الساعة السادسة مساءً حتى التاسعة، ورفع الأعلام السوداء على أسطح المنازل وإيقاد الشموع».
من جهته، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة للحكومة المقالة، إيهاب الغصين، أن تكون وزارته قد «تلقّت أيّ طلب لإقامة مهرجان في ذكرى رحيل ياسر عرفات من قبل حركة فتح». إلا أن أعضاء الهيئة أكدوا، في المؤتمر الصحافي، أن «لجنة التواصل في الهيئة قامت بالإشعار للقيام بهذه الفعالية حسب الدستور الفلسطيني».
وأوضح الغصين أن «أيّ محاولة من قبل حركة فتح لإقامة المهرجان من دون إذن رسمي هي محاولة مرفوضة تماماً». وأشار إلى أن «هناك معلومات أمنية تفيد بأن عناصر منفلتة ستقوم بزعزعة الأمن والاستقرار في قطاع غزة، في ذكرى رحيل عرفات، بناءً على تعليمات من مقاطعة رام الله».
وفي السياق، كشف رئيس «مؤسسة عرفات للتراث»، ناصر القدوة، أنه يتوقع أن تتوافر قريباً معلومات عن سبب وفاة الرئيس الفلسطيني، مؤكداً أنه «قتل بالسم». وأضاف «كل يوم يظهر كلام يحمل دلائل على تصفية عرفات، وفي كل يوم نقترب من جزئية التسميم الذي تعرّض له عرفات».
وأضاف القدوة، أنه «ربما خلال سنة أو سنتين على أبعد تقدير ستتضح الحقيقة، لأنه لا يوجد سر في إسرائيل أوّلاً، ولأننا نتابع القضية من جهة أخرى». وأضاف أنه «لا يوجد دليل قاطع حتى الآن على كيفية وفاة عرفات، لكننا نجمع المعلومات ونحللها، لأن الوصول إلى حقيقة قتل عرفات مسؤولية شخصية ووطنية». وتوقع «أنه من سنة إلى سنتين ستتبيّن طريقة ونوع التسميم الذي تعرّض له عرفات». وأضاف «في كل الأحوال، إسرائيل مسؤولة عن سبب الوفاة، حيث كانت هناك إجراءات مقصودة للتخلّص من القيادة السياسية للشعب الفلسطيني».
وكشف القدوة عن «أن عرفات بعدما وصل إلى باريس، اعتقد لبعض الوقت أنه تمكّن من النجاة من الموت أو القتل نتيجة التحسّن المطّرد في اللحظات الأولى لوصوله، ونحن أيضاً المحيطين به اعتقدنا الاعتقاد نفسه». لكنه أشار إلى «أنه سرعان ما تبدّد هذا الاعتقاد بسبب عودة تدهور حالته الصحية».
وقال القدوة إنه «جرى حديث ثنائي بيني وبين عرفات، لكن في الوقت المناسب سأتحدث عنه»، موضحاً «أنه كلام غير سياسي، لكنها مسألة شخصية لا أستطيع الحديث عنها الآن».
وأوضح القدوة أنه ذهب مع ليلى شهيد إلى الخارجية الفرنسية أثناء وجود عرفات في المستشفى، «وطلبنا من الفرنسيين أنه إذا لم يكن لديكم قدرة على ذكر سبب وطريقة وفاة عرفات، نطلب ألا تبتدعوا سبباً وهمياً للوفاة». وأوضح «أنّ الفرنسيين لم يكذبوا عند الإعلان عن سبب الوفاة، وهذا كان بحد ذاته إيجابياً وجيداً، لكن لم تصل الأمور إلى حد إعلان الحقيقة بطريقة مباشرة». وتابع أن «الفرنسيين قالوا كلاماً واضحاً عن سبب الوفاة، وهو تكسّر الصفائح. وقالوا إن له ثلاثة أسباب: مرض السرطان، والتقرير لا يوجد فيه مثل هذا الاحتمال، والتهاب حاد وعام في الجسم، والتقرير لا يوجد فيه ما يشير إلى ذلك بل يوجد نفي قاطع للاحتمالين، والسبب الثالث تسمّم، وقالوا لم نجد سمّاً معروفاً لدينا تعرّض له عرفات». وأضاف «أنّ الفرنسيين لم يعلنوا بوضوح سبب الوفاة، لأن في ذلك مسؤولية سياسية كبرى، لكنّ من يريد أن يفهم كيف توفي عرفات يستطيع ذلك».
(أ ف ب, الأخبار)