وجدت إسرائيل نفسها، مرة أخرى، أمام معضلة قطاع غزة. ففي الوقت الذي تؤكد فيه على حتمية الصدام، وجهت رسائل متأرجحة بين الاستعداد للقتال وعدم الحماسة له والحرص على استمرار التهدئة
علي حيدر
جال رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك، برفقة رئيس أركان الجيش غابي أشكنازي وقائد المنطقة الجنوبية اللواء يوآب غلانت، على منطقة محيط قطاع غزة. وتلقى أولمرت، خلال زيارته فرقة غزة، تقارير أمنية عن آخر التطورات المتعلقة بالتهدئة مع القطاع. وتضمنت التقارير صورة عن عمليات جيش الاحتلال في القطاع، واستعدادات «المنظمات الإرهابية» في غزة، وفي مقدّمها حركة «حماس»، إضافة إلى الوضع الأمني على طول الحدود مع مصر.
وعلق أولمرت على التقارير التي تلقاها بالقول «ليس لديّ شك في أن الوضع بيننا وبين حماس هو ما قبل الصدام الحتمي. وإن القضية مسألة وقت ليس إلا». لكنه أضاف «نحن لسنا متحمسين لذلك، إلا أننا أيضاً لا نخشى من حصول المواجهة، وإذا ما كانت هناك حاجة لقتال حماس فسنقوم بذلك». وشدّد على «ضرورة البقاء مستعدين لكل السيناريوهات». والتقى أولمرت جنود كتيبة لواء المظليين الموجودة في نشاط عملياتي على طول الحدود مع قطاع غزة.
بدوره، أكد باراك عدم وجود أي توجّه لدى إسرائيل «لخرق الهدوء» وعلى اهتمامها «باستمرار التهدئة»، إلا أنه حرص على القول إنه «إذا كانت هناك حاجة لإحباط عملية ضد جنود الجيش أو المواطنين فسنفعل ذلك». وأضاف باراك، لدى تطرقه إلى نشاط جيش الاحتلال الأسبوع الماضي، أنه «مستعد لكل الإمكانات. وعلى الرغم من الهدوء، من المعروف أن هناك أموراً أخرى تجري تحت السطح». ووصف حدوث أي عملية أسر لجندي بأنها «عملية استراتيجية يمكن أن تتحول خلال ساعات إلى مشكلة قومية وفي يوم إلى مشكلة دولية».
من جهة أخرى، تدرس المؤسسة الأمنية، في ظل ازدياد التوتر مع قطاع غزة، فرض عقوبات شديدة على القطاع. وسيعقد المجلس الوزاري المصغّر جلسة اليوم يناقش فيها الوضع في القطاع ويدرس اقتراح الجيش بقصف القرى التي تحولت إلى مواقع إطلاق الصواريخ في القطاع، عبر المدفعية.
وكان أعضاء المجلس قد دعوا إلى هذه الجلسة في أعقاب اقتراح وزير القضاء دانيال فريدمان، والوزير حاييم رامون، بدعوة الجيش السكان مسبقاً في مناطق إطلاق الصواريخ إلى إخلاء القرى، إضافة إلى طرح إيقاف الكهرباء التي تنقل من إسرائيل إلى غزة. وسيناقش هذا الأمر خلال الجلسة مع المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز.
وتعليقاً على هذه الطروحات، رأى مصدر أمني أنه «لأمر مثير للاهتمام أن تكون إسرائيل مستعدة لليوم الذي يلي التهدئة»، وبأنها «لا توهم نفسها بأنها ستستمر إلى الأبد»، وخصوصاً أن المسألة مرتبطة «بعقوبات تتطلب إبداء آراء قانونية عميقة حولها».
وستُطرح خلال النقاش قضية تحصين السكان الموجودين ضمن منطقة غلاف غزة، في مدى 4,7 كيلومترات من الجدار، وفق مطلب وزير الدفاع. وسيقدم نائبه متان فيلنائي خطة لهذا الغرض بكلفة نصف مليار شيكل من أجل تحصين 1300 وحدة سكنية في محيط غزة، على طريق استكمال الخطة الشاملة بتحصين 4,700 وحدة سكنية. وتقدر بعض المصادر أن رئيس الحكومة يميل إلى المصادقة على موازنة التحصين المطروحة.
ومن المتوقع أن تقدم الاستخبارات العسكرية والشاباك معطيات بشأن مسار «حماس» التسلّحي والتطور التكنولوجي للصواريخ في غزة.