الحركة الإسلاميّة تتّهم أبو مازن بـ«الارتماء في حضن المحتل الصهيوني» تحوّلت الذكرى الرابعة لاستشهاد الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات (أبو عمار)، إلى مناسبة لتظهير الانقسام الفلسطيني، عبر التراشق بالتهم على أعلى المستويات
استغلّ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، المهرجان الحاشد في رام الله إحياءً لذكرى أبو عمار، لشن هجوم غير مسبوق على «حماس» منذ انطلاق الحديث عن المصالحة الفلسطينية، متهماً إياها بأنها «تعطّل الحوار الفلسطيني لمصلحة أجندات إقليميّة»، في خطوة سارعت الحركة الإسلامية إلى الرد عليها، معتبرة أن أبو مازن فرّط «بالمقاومة والثوابت» وارتمى «في أحضان المحتل الصهيوني».
وقال عباس، أمام آلاف الفلسطينيين في مقر المقاطعة في رام الله، «لقد أضاعوا الفرصة للحوار. وهنا أتحدث عن قيادة حركة حماس». وأضاف «أن حماس تعطل الحوار الفلسطيني لمصلحة أجندات إقليمية». وطالب «العرب والجامعة العربية بأن يقولوا كلمتهم حول من عطل الحوار».
وأكد عباس أن الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية «لا تعتقل أي إنسان لأنه يحمل أفكاراً مهما كانت أو لأنه ينتمي إلى حزب وحتى لو جاء إلى المقاطعة لسبّ السلطة»، مضيفاً «لن نعتقل أحداً لرأيه مهما كان السبب، وإنما العبث بالأمن وتهريب الأموال وتبييضها جرائم لا نتساهل معها ولن نسمح لأحد بأن يقترفها».
ووجّه أبو مازن خطابه إلى أهل قطاع غزة، الذين لم يستطيعوا إحياء ذكرى عرفات. وقال «يا أهل الإباء والعزة والصمود، صبراً أهل غزة لن نتخلى عنكم وعن قطاعنا الحبيب... إن موعدنا معكم قريب وقريب جداً». وعرض على «حماس» التوجه إلى «انتخابات تشريعية ورئاسية أو استفتاء اليوم قبل الغد»، لكنه أضاف «أنا أعرف أنهم سيرفضون لأنهم يخافون الشعب».
ورد المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، على خطاب أبو مازن، قائلاً إن عباس «يتحدث عن المقاومة... بينما يعمل على تصفية المقاومة والتفريط بالثوابت التي حوصر وقتل من أجلها ياسر عرفات». وأضاف «هذه إساءة كبيرة للرئيس ياسر عرفات الذي تخلى عن دربه الرئيس عباس وارتمى في أحضان المحتل الصهيوني».
ورأى برهوم أن خطاب عباس «أجوف ومليء بالتناقضات، وليس خطاباً وطنياً ولم يتحدث (فيه) كرئيس للشعب الفلسطيني بل تحدث بصفة حزبية مقيتة بعدما أفلس في إحداث وقيعة بين حماس والفصائل الفلسطينية والدول العربية، وعندما اكتشف الجميع سوء نياته ووضع على المحك الفعلي للحوار، رفض الاستجابة للطلب المصري الملحّ بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافة من سجونه في الضفة الغربية».
وكان الفلسطينيون قد بدأوا بالتوافد باكراً إلى رام الله لإحياء ذكرى عرفات، باعتباره كان «حامياً لوحدة الفلسطينيين»، على حد قول نايف حريبات (83 عاماً) من بلدته الظاهرية في جنوب الضفة الغربية. وأضاف، لوكالة «فرانس برس»، «كل سنة نعرف كم هذا الرجل كان ضابط الشعب الفلسطيني وحاميه، واليوم بعد أربع سنوات نعيش خلافات كبيرة».
وامتلأت الساحة القريبة من ضريح عرفات بآلاف الفلسطينيين، فيما انتشر آلاف آخرون في الشوارع المحطية بمقر المقاطعة حيث جرى الاحتفال. وأغلقت الشرطة الفلسطينية كل الطرق المؤدية إلى المقاطعة أمام المركبات تفادياً للازدحام.
وأكد عدد من المراقبين أن عدد المشاركين هذا العام في إحياء ذكرى عرفات الرابعة يفوق عدد المشاركين في السنوات السابقة. وقال الباحث عبد الحفيظ محارب «عرفات كان قائد ثورة ورمزاً، وطوال السنوات الأربع الماضية لم يظهر قائد أو زعيم يحمل صفات عرفات، لا عند حماس ولا عند فتح، لذلك الناس يعودون للبحث عن عرفات الرمز».
من جهة ثانية، أفاد مسؤولون بأن السلطة الفلسطينية باشرت أمس تطبيق خطة أمنية في بيت لحم على غرار تلك التي طبّقتها في مدن أخرى في الضفة الغربية بهدف «مكافحة الجريمة».
وقال المسؤول عن الأجهزة الأمنية في بيت لحم، العقيد سليمان أبو حديد، خلال مؤتمر صحافي، إن «الخطة الأمنية تستهدف أولئك الذين لا يحترمون القانون ولا تهدف إلى القيام باعتقالات سياسية» تطاول عناصر حركة «حماس». لكنه نفى نشر قوات أمن إضافية في بيت لحم، بخلاف مدينة الخليل حيث انتشر 600 شرطي إضافي تطبيقاً لخطة مماثلة في نهاية تشرين الأول الماضي.
من جهته، قال محافظ المدينة، صلاح التعمري، «يتم حالياً ملاحقة عشرين مجرماً في بيت لحم». لكنه أكد أن «بيت لحم مدينة آمنة»، لافتاً إلى أن عدد السياح الذين قصدوا المدينة منذ بداية العام بلغ مليون شخص.
إلى ذلك، استأنفت إسرائيل، أمس، شحنات الوقود إلى قطاع غزة لتنهي توقفاً دام أسبوعاً وأدى إلى انقطاع الكهرباء في القطاع. وقال المتحدث في الجيش الإسرائيلي، بيتر ليرنر، إن معبر ناحال عوز المخصص لنقل المحروقات بين قطاع غزة وإسرائيل «أعيد فتحه لنقل الديزل اللازم إلى محطة الكهرباء طبقاً لقرار وزارة الدفاع». وأضاف «سنواصل تقويم الوضع خلال النهار، وبالتأكيد إذا أطلقت صواريخ فسنتخذ الإجراءات اللازمة غداً الأربعاء (اليوم)».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي)