يبدو أن الواقع المركّب الذي تعيشه الحلبة السياسية في إسرائيل عموماً، وحزب «كديما» خصوصاً، حيث السلطة موزعة بين رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ورئيسة الحزب تسيبي ليفني، يخلق الكثير من التوترات
مهدي السيّد
بلغت التوترات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيسة «كديما» مرحلة دفعت بعض المعلقين إلى تسمية الوضع القائم بالحرب، في وقت يحارب فيه رئيس حزب «العمل» إيهود باراك للحيلولة دون مغادرة عدد من كبار مسؤولي حزبه صفوفه قبيل الانتخابات.
ولخصت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية سبب المواجهة بين إيهود أولمرت وتسيبي ليفني بالقول إن وزيرة الخارجية تعتقد بأن على رئيس حكومتها أن يمتنع عن إدارة اتصالات سياسية، وإن عليه الانشغال في الصيانة الجارية للحكومة فقط. أما أولمرت فيعتقد خلاف ذلك، إذ تنقل الصحيفة عن مقربين منه قولهم «إنه لا يعتزم الكف عن أن يكون رئيس وزراء».
وكان أولمرت قد استشاط غضباً لسماعه تعليق ليفني على مواقفه الأخيرة، والتي تطرّق فيها خصوصاً إلى ضرورة الانسحاب من الضفة الغربية والجولان وأجزاء من القدس المحتلة. وبحسب المعلقين، فإن أكثر ما أثار حفيظة أولمرت كان ادّعاء ليفني أنها هي التي بادرت إلى مؤتمر أنابوليس. وذكرت مصادر مقربة من أولمرت أنه وبوش هما من بادرا إلى المؤتمر. وتهكّم مقربون منه على ليفني قائلين إنها «قد تقول في النهاية إنها هي من بادر إلى مؤتمر رودوس في 1949»، أي قبل ولادتها.
وواصل المقربون من أولمرت حملتهم على ليفني، التي اتهموها بأنها تطلق رسائل مزدوجة: «من جهة تطلب من أولمرت أن يوقف المفاوضات مع السوريين، ولكن من جهة أخرى تبعث برسائل إلى محافل دولية بأن في نيتها استئنافها». وعلى المسار الفلسطيني، ضرب مقربو أولمرت على الوتر الحساس عندما كشفوا عن أن ليفني أبدت في مفاوضاتها مع الفلسطينيين حداً أقصى من الليونة وطرحت اقتراحات تسوية بما في ذلك في موضوع الحدود والقدس المحتلة.
رد فعل ليفني على هذه الهجمات تمثل في بيان صدر عن مكتبها، جاء فيه أن «هذه الأمور ليست صحيحة، ولهذا فهي غير جديرة بتعقيب إضافي».
هذا الواقع دفع مسؤولين رفيعي المستوى في «كديما» إلى الإعراب عن غضبهم من أولمرت. وقالوا إنه يلحق ضرراً «فهو يحرق النادي. يهمه نفسه، لا كديما».
أما على جبهة حزب «العمل»، فيبدو أن التنظيم الجديد لرجال اليسار، الذين يعتزمون تأييد «ميرتس»، يقلق كبار مسؤولي «العمل»، وخصوصاً بعدما تبين لإيهود باراك ورجاله أن مشكلتهم أكبر مما اعتقدوا في البداية، ذلك أن مجموعة أعضاء الكنيست من الحزب ـــ الوزير عامي أيالون، وأوفير بينس، وميخائيل ملكيئور من ميماد، يديرون في الآونة الأخيرة اتصالات للانضمام إلى «ميرتس»، وفق ما كشفت «معاريف».
وقال مسؤول رفيع المستوى في «ميرتس» للصحيفة الإسرائيلية «بالفعل تجري أعمال جس نبض مع الثلاثة، ولكن ليس واضحاً بعد أنهم سينسحبون من العمل وينتقلون إلى ميرتس». وبحسب هذا المسؤول، فإن «الحسم سيتم في الأيام القريبة المقبلة». وأكدت مصادر أيالون أنه يفكر بجدية في الانتقال إلى حزب اليسار الجديد.
هذا الواقع دفع باراك إلى الطلب من أيالون لقاءه كي يفهم إلى أين تتجه نياته. وبالفعل التقى الرجلان وكان اللقاء متوتراً، بحسب «يديعوت أحرونوت»، التي أضافت أن أيالون عرض خلال اللقاء قائمة من الشكاوى من سلوك باراك، وادّعى بأن الأخير لا يشركه بما يحصل في الحزب. وأجابه باراك، بحسب الصحيفة نفسها، بأن «مكانه في حزب العمل، وانتهى اللقاء باتفاق الرجلين على مواصلة التحدث».