strong>المعلم قلق «من القاعدة في لبنان ومن المتطرفين في شماله»وحدها الأيام المقبلة ستتكفل بكشف ما إذا نجحت زيارة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، موفداً من رئيس حكومته نوري المالكي إلى دمشق، في إزالة التوتر الذي شاب العلاقات الثنائية على خلفية الاعتداء الأميركي على سوريا

دمشق ـ سعاد مكرم
إذا كان المعيار في تقويم زيارة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري التي دامت يومين إلى دمشق، رصد مدى توافق أو اختلاف مواقفه عن نظيره السوري وليد المعلم، فسيكون منطقياً القول إن تلك المهمة الدبلوماسية حققت نصف نجاح بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من الشهر الجاري من تطورات وخصوصاً على جبهة الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية.
وكشف الوزير العراقي عن أنّ حكومته أرسلته في مهمة رباعية الأهداف: ــ إزالة التوتر الذي نشب إثر الغارة الأميركية على سوريا الشهر الجاري. ـ تجديد الدماء في شرايين التعاون الأمني بين البلدين. ـ تأكيد تعهّد بغداد بمنع شن أي هجوم أميركي على سوريا بموجب الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية. ـ وأخيراً نقل رسالة من المالكي إلى الرئيس بشار الأسد يدعوه فيها لزيارة بغداد، إضافة إلى تضمينها كامل الموقف العراقي المطمئن من المواضيع الثلاثة الآنفة الذكر.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، من الممكن أن يسجل المراقب عدداً من الملاحظات؛
* أولاً، بدا واضحاً أنّ صفحة التوتر بين بغداد ودمشق على خلفية غارة البوكمال والتبرير العراقي المستعجل لها، طُويَت، رغم الاختلاف الذي ظهر واضحاً بين المعلم وزيباري في قراءة دوافعها وأهدافها. فقد أصر زيباري، خلال مؤتمر صحافي جمعه مع المعلم قبل مغادرته مطار دمشق الدولي أمس، على تكرار جزء من الرواية الأميركية، موضحاً أن أهداف الغارة كانت «ملاحقة هدف أمني عراقي لا قتل مواطنين سوريين أبرياء»، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن حكومة بغداد لم تكن «على معرفة ودراية واطلاع بها».
غير أن نظيره السوري عارضه على قاعدة «تخيّلوا كيف سيكون شكل العلاقات الدولية لو أن كل بلد سيستخدم طائراته للبحث عن مطلوب في بلد آخر ومكان آخر». وفي معرض هذا التعقيب تساءل المعلم «أليس هذا مجتمع الغاب؟ وأليست هناك وسائل وطرق أخرى لملاحقة المطلوبين الدوليينحصيلة الخلاف الذي تظهّر خلال المؤتمر الصحافي انتهت بإشارة زيباري إلى أن حكومته تلقت تطمينات أميركية بعدم تكرار الاعتداء على سوريا، من دون أن ينسى التشديد على أنه «في ظل غياب اتفاقية أميركية ـــ عراقية تنظم نشاط هذه القوات، من غير الممكن تقديم ضمانات». وختم زيباري كلامه في هذا الصدد بالقول «لو كان هناك اتفاقية لما حصل ما حصل وهو الذي يسيء إلى العلاقات العراقية ـــ السورية التي بذلنا جهوداً كثيرة لإحيائها».
على أيّ حال، فإن الموقف العراقي الرسمي الرافض للغارة اختصرته رسالة خطية من المالكي سلمها زيباري إلى الأسد، أكد في خلالها حرص بغداد على «الحفاظ على الأمن الوطني والإقليمي وألا يكون العراق منطلقاً لمهاجمة أي دولة من دول الجوار تحت أي ظرف من الظروف».
* ثانياً، كان واضحاً أن الجزء الرئيسي من هدف زيارة زيباري هو التنسيق الثنائي بشأن الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية. وفي السياق، كشف بيان رئاسي سوري عن أن الرسالة تخللتها حصيلة «المفاوضات حول اتفاقية تنظيم انسحاب القوات الأميركية من العراق». ومما جاء أيضاً في الرسالة أن الاتفاقية «لن تنص على أي قواعد دائمة للقوات الأميركية في العراق» وأنه سوف لن «يستخدم العراق كقاعدة أو ممر للاعتداء على دول الجوار العراقي العربي والإسلامي». وانتهز زيباري الفرصة ليلمح إلى أن هذه المعاهدة «وصلت إلى مرحلة شبه نهائية» متوقعاً إقرارها «خلال هذا الشهر».
يُذكَر أن وزير المال العراقي باقر جبر صولاغ سبق أن أوضح أمس أن حكومته ستصوّت على مسودة الاتفاقية إما يوم السبت أو الأحد المقبلين، «بنعم أو لا».
* ثالثاً، في موضوع التعاون الأمني الثنائي بين العراق وسوريا، نقل البيان الرئاسي السوري عن زيباري «تقدير بلاده الكبير للجهود التي قامت وتقوم بها سوريا للحفاظ على أمن واستقرار العراق»، بينما أكّد الأسد «أن سوريا لم ولن تألو جهداً في سبيل عودة الاستقرار إلى العراق وتحقيق المصالحة الوطنية بين أبنائه».
وعن العلاقات الثنائية بين البلدين، أوضح زيباري أنه في صدد محاولة إعادة الحياة إلى اللجان الأمنية المشتركة. وحول ضبط الحدود السورية ـــ العراقية، والأنباء التي تحدثت عن قيام السلطات السورية بخفض عديد قواتها الحدودية رداً على الاعتداء الأميركي، قال زيباري إن «حدودنا صعبة وطبيعتها وجغرافيتها صعبة جداً، وعدد الجنود ليس معياراً»، مشيراً إلى وجود تفاهم سوري ـــ عراقي على «المزيد من التعاون والتنسيق لمكافحة آفة الإرهاب».
في المقابل، عبّر المعلم عن قلق بلاده من جعل تنقل تنظيم «القاعدة» حجة لتوجيه ضربات في دول أخرى، مجدداً تخوفه «من القاعدة في لبنان ومن المتطرفين في شماله».